الطريق إلى عكا

أبحر ريتشارد بأسطوله قاصدا عكا فوصلها في (13 من جمادى الأولى 587 هـ = 8 من يونيو 1191م)، وقوَّى من عزيمتهم وصول قوات فيليب أوغسطس حيث جمع شمل الصليبيين تحت زعامته، وبدأ في مهاجمة عكا وقذفها قذفا متصلا، ثم جاءت قوات ريتشارد فازداد الصليبيون قوة إلى قوتهم، وأظهرت الحامية الإسلامية ضروبا في الشجاعة وألوانا من الصبر والثبات في مقاومة الحصار ودفع هجمات الصليبيين من البر والبحر، ولكن ذلك لم يعد كافيا بعد أن انقطعت الإمدادات والاتصالات بينها وبين صلاح الدين الذي لم تنجح قواته في اختراق الحصار البري الصليبي.

ولم يعد هناك مفر من المفاوضات لتسليم المدينة، واتفق الطرفان على أن يسمح الصليبيون لحامية عكا بالخروج سالمين في مقابل فدية قدرها 200 ألف دينار، وأن يحرر المسلمون 2500 من الأسرى.

وبعد دخول الصليبيين عكا في (16 من جمادى الآخرة 587 هـ = 11 من يوليو 1191م) تجاهل ريتشارد قلب الأسد بنود الاتفاق، ونقض ما اتفق عليه؛ فقبض على المسلمين بالمدينة وكانوا نحو 3 آلاف مسلم، وقام بقتلهم في وحشية وهمجية في (27 من رجب 587 هـ 20 من أغسطس 1191م) طعنًا وضربًا بالسيف، ولم يقابل صلاح الدين الأيوبي هذا الفعلة الشنعاء بمثلها، ورفض أن يقتل من كان في يده من أسرى الصليبيين.