ناصر يحيى |
أين.. السيارة؟
الفوازير المسلية في رمضان عادة مضطردة في دول مثل مصر، لكن فوازير اليمن غالبها سياسية، والفارق الثاني في الحالتين أن اليمنية ليس فيها ممثلون وسيناريو وحوار، ونقرأها مع الحلول فقط في الأخبار.. مثل هذا الخبر الذي يتحدث عن الأسلحة والسيارات التي يقال إن ابن الرئيس السابق غفّرها من ضمن ما غفّرها من ممتلكات الحرس الجمهوري قبيل إعفائه من مهام قيادة الحرس!
في ظننا أن المهم في قائمة المغفّرات ليس الأسلحة ولكن السيارات الهمر والفورد والصوالين.. وأخرى أسمع بها لأول مرة؛ فهي التي تحل لنا لغز الضجة الإعلامية والسياسية الكبيرة التي شنها أتباع الرئيس المخلوع بشأن السيارات المدرعة التي قيل إنها جاءت هدية من الإمارات وتم توزيعها على عدد من الوزراء والمسؤولين، فيومها أثارت تلك الحكاية (وما تزال) غيرة البعض، واتخذوها مبررا للتشنيع والبكاء على المال العام! ويومها كنا نظن (وبعض الظن إثم) أن السبب الحقيقي لكل ذلك التهريج ضد اقتناء السؤولين للسيارات المدرعة أن هناك جهة ما (أول حرف من اسمها:.. وإلا بلاش.. رمضان!) أغاظها ذلك الترتيب الأمني لأنه يفوّت عليها فرصة قنص من تريد من الأخوة الأعداء بسهولة!
وظل اللغز قائماً حتى تسربت المعلومات الأخيرة عن السيارات المدرعة المغفرة في معسكر ريمة حُميد، فقد كانت هي الحل للغز، فالمسألة كلها كانت من نوعية الدفاع خير وسيلة للهجوم.. واتهمهم قبل أن يتهموك! وبدلاً من أن ينشغل الرأي العام في تخمين تفاصيل المنهوبات والمغفرات؛ على هامش قرارات الهيكلة التي أطاحت برؤوس كبيرة لم تكن تظن يوماً أنها ستحال إلى المعاش أصلاً؛ شغلت صحافة المخلوعين الناس بالحديث عن سيارات الهمر المدرعة التي أعطيت للوزير الفلاني والمسؤول العلاني.. والحمد لله لم يأتِ رمضان حتى حلت أول فزورة سياسية كما قلنا، وعرف اليمنيون أن هناك 83 سيارة متنوعة الموديلات منهوبة من الحرس الجمهوري؛ منها مجموعة من السيارات المدرعة مثل تلك التي أثارت الحسرة الكذابة على أموال الشعب! وطبعاً هذه السيارات لم تكن تستخدم في المواصلات العامة أي يركبها عامة الشعب ولا أعضاء المؤتمر.. وبنسبة 99% فقد كان يستخدمها الأشخاص أنفسهم الذين يقفون وراء الحملات الصحفية ضد سيارات الوزراء المدرعة!
ولأن من عاير أخاه برضع لبن كلبة لا يموت حتى يرضع منها؛ فقد انكشفت الحقيقة، واتضح أن لبن الكلاب هذه الأيام مشاع مثل الكلأ، والماء.. وموس جازع على كل رأس!
هل الرقص.. حلال؟
وهذه فزورة ثانية عرفنا حلها قبل رمضان، وهي خاصة برقص بعض السيدات المصريات أمام لجان الانتخابات الرئاسية الأخيرة رقصات ساخنة أثارت استياء ملحوظاً، لكن التبرير الذي أطلقته زوجة الرئيس المصري السابق أنور السادات كان بحد ذاته لغزاً كبيراً، فقد قالت في تصريح لها حرفياً: "من يهاجمون رقص المرأة أمام اللجان.. معقدين!".
اللغز لم يكن حول الرقص بحد ذاته؛ فالبيروقراطية المصرية الرسمية قادرة على تبرير ما هو أسوأ من ذلك، وبإمكان واحد من إياهم أن يظهر في القنوات الفضائية ليقول إن ذلك ليس غريباً على بلاد الفراعين؛ فقد اكتشفت رسومات وتماثيل لقدماء المصريين (وبعضهم صحفيون، وسياسيون، وأساتذة في جامعة منقرع للعلوم والتكنولوجيا) تصورهم وهم يرقصون على واحدة ونص في مناسبات فرعونية وطنية متعددة! وماتنسوش – يواصل المتحدث- أن الراقصة الشهيرة فيفي عبده حصلت في عيد الأم الفائت على لقب: الأم المثالية!
أين كان اللغز إذاً؟ طبعاً في كلام السيدة جيهان السادات.. فقد كان غريباً أن تكون هي بالذات التي تتصدى لتبرير ممارسات مسيئة ومهينة للمرأة المصرية، وهي إحدى أبرز المدافعات عما قيل إنه امتهان للمرأة المصرية! ثم ها هي تتصدى للدفاع عن ممارسات الرقص الفاضح؛ وعلى الملأ؛ المعيب للمرأة المصرية، ولا يرضاه إنسان سوي لعرضه! وخاصة أن الرقص كان واضحاً للصم البكم العمي أنه بريء من الروح الوطنية، وليس إلا شغل أجهزة أمن اعتادت على تزوير كل شيء بما فيه حب الأوطان!
المهم أن أحدهم من كبار السن فسر لنا سر هذا الدفاع الحضاري المستند إلى أسس في علم النفس، وجعلنا نقول: إذا عرف السبب بطل.. الهز.. قصدي العجب.. ففي زمان بعيد مما يوصف اليوم بأنه الزمن الجميل كانت هناك سيدة وزوجة لرئيس جمهورية عربي سابق لا تمانع أن تراقص رؤساء العالم إن حمى الوطيس, ولم تمانع أن تنشر لها صور وهي ترقص مع الرئيس الفلاني، وتقبل الرئيس العلاني، وزوجها المحترم يتفرج عليها، ويسبح الله في ملكه!
صحيح.. ناس عقد، وما تعرفش الفرق بين الفن والإسفاف.. والروح الوطنية.. والديمقراطية التي على واحدة ونص!
من يكره.. صخر الوجيه؟
وهذا لغز آخر يحتاج إلى تفسير سريع.. فقد نفهم كراهية أتباع الرئيس السابق للأستاذ صخر الوجيه منذ كان سوطاً عليهم في مجلس النواب ثم رمزاً في أشكال المعارضة التي تكونت قبل وبعد الثورة الشبابية.. لكن كيف نفهم لغز كراهية صحف بعض أحزاب اللقاء المشترك له إلى درجة تفضيل محافظ الحديدة المؤتمري الموالي للرئيس السابق؟ وإلى درجة السماح بالإساءة إليه في صحيفتهم الرسمية وهو في بداية عهده في محافظة الحديدة؟
تخيلوا الآن لو أن كل حزب في المشترك راح يسيء إلى وزراء الأحزاب الحليفة له.. وكل حزب يدين قرارات وزراء الأحزاب الأخرى في تعيين مسؤولين من رفاقهم.. أقل ما سيحدث أن البركاني سوف تنتعش أحلامه في قلع عداد المشترك!
الفوازير المسلية في رمضان عادة مضطردة في دول مثل مصر، لكن فوازير اليمن غالبها سياسية، والفارق الثاني في الحالتين أن اليمنية ليس فيها ممثلون وسيناريو وحوار، ونقرأها مع الحلول فقط في الأخبار.. مثل هذا الخبر الذي يتحدث عن الأسلحة والسيارات التي يقال إن ابن الرئيس السابق غفّرها من ضمن ما غفّرها من ممتلكات الحرس الجمهوري قبيل إعفائه من مهام قيادة الحرس!
في ظننا أن المهم في قائمة المغفّرات ليس الأسلحة ولكن السيارات الهمر والفورد والصوالين.. وأخرى أسمع بها لأول مرة؛ فهي التي تحل لنا لغز الضجة الإعلامية والسياسية الكبيرة التي شنها أتباع الرئيس المخلوع بشأن السيارات المدرعة التي قيل إنها جاءت هدية من الإمارات وتم توزيعها على عدد من الوزراء والمسؤولين، فيومها أثارت تلك الحكاية (وما تزال) غيرة البعض، واتخذوها مبررا للتشنيع والبكاء على المال العام! ويومها كنا نظن (وبعض الظن إثم) أن السبب الحقيقي لكل ذلك التهريج ضد اقتناء السؤولين للسيارات المدرعة أن هناك جهة ما (أول حرف من اسمها:.. وإلا بلاش.. رمضان!) أغاظها ذلك الترتيب الأمني لأنه يفوّت عليها فرصة قنص من تريد من الأخوة الأعداء بسهولة!
وظل اللغز قائماً حتى تسربت المعلومات الأخيرة عن السيارات المدرعة المغفرة في معسكر ريمة حُميد، فقد كانت هي الحل للغز، فالمسألة كلها كانت من نوعية الدفاع خير وسيلة للهجوم.. واتهمهم قبل أن يتهموك! وبدلاً من أن ينشغل الرأي العام في تخمين تفاصيل المنهوبات والمغفرات؛ على هامش قرارات الهيكلة التي أطاحت برؤوس كبيرة لم تكن تظن يوماً أنها ستحال إلى المعاش أصلاً؛ شغلت صحافة المخلوعين الناس بالحديث عن سيارات الهمر المدرعة التي أعطيت للوزير الفلاني والمسؤول العلاني.. والحمد لله لم يأتِ رمضان حتى حلت أول فزورة سياسية كما قلنا، وعرف اليمنيون أن هناك 83 سيارة متنوعة الموديلات منهوبة من الحرس الجمهوري؛ منها مجموعة من السيارات المدرعة مثل تلك التي أثارت الحسرة الكذابة على أموال الشعب! وطبعاً هذه السيارات لم تكن تستخدم في المواصلات العامة أي يركبها عامة الشعب ولا أعضاء المؤتمر.. وبنسبة 99% فقد كان يستخدمها الأشخاص أنفسهم الذين يقفون وراء الحملات الصحفية ضد سيارات الوزراء المدرعة!
ولأن من عاير أخاه برضع لبن كلبة لا يموت حتى يرضع منها؛ فقد انكشفت الحقيقة، واتضح أن لبن الكلاب هذه الأيام مشاع مثل الكلأ، والماء.. وموس جازع على كل رأس!
هل الرقص.. حلال؟
وهذه فزورة ثانية عرفنا حلها قبل رمضان، وهي خاصة برقص بعض السيدات المصريات أمام لجان الانتخابات الرئاسية الأخيرة رقصات ساخنة أثارت استياء ملحوظاً، لكن التبرير الذي أطلقته زوجة الرئيس المصري السابق أنور السادات كان بحد ذاته لغزاً كبيراً، فقد قالت في تصريح لها حرفياً: "من يهاجمون رقص المرأة أمام اللجان.. معقدين!".
اللغز لم يكن حول الرقص بحد ذاته؛ فالبيروقراطية المصرية الرسمية قادرة على تبرير ما هو أسوأ من ذلك، وبإمكان واحد من إياهم أن يظهر في القنوات الفضائية ليقول إن ذلك ليس غريباً على بلاد الفراعين؛ فقد اكتشفت رسومات وتماثيل لقدماء المصريين (وبعضهم صحفيون، وسياسيون، وأساتذة في جامعة منقرع للعلوم والتكنولوجيا) تصورهم وهم يرقصون على واحدة ونص في مناسبات فرعونية وطنية متعددة! وماتنسوش – يواصل المتحدث- أن الراقصة الشهيرة فيفي عبده حصلت في عيد الأم الفائت على لقب: الأم المثالية!
أين كان اللغز إذاً؟ طبعاً في كلام السيدة جيهان السادات.. فقد كان غريباً أن تكون هي بالذات التي تتصدى لتبرير ممارسات مسيئة ومهينة للمرأة المصرية، وهي إحدى أبرز المدافعات عما قيل إنه امتهان للمرأة المصرية! ثم ها هي تتصدى للدفاع عن ممارسات الرقص الفاضح؛ وعلى الملأ؛ المعيب للمرأة المصرية، ولا يرضاه إنسان سوي لعرضه! وخاصة أن الرقص كان واضحاً للصم البكم العمي أنه بريء من الروح الوطنية، وليس إلا شغل أجهزة أمن اعتادت على تزوير كل شيء بما فيه حب الأوطان!
المهم أن أحدهم من كبار السن فسر لنا سر هذا الدفاع الحضاري المستند إلى أسس في علم النفس، وجعلنا نقول: إذا عرف السبب بطل.. الهز.. قصدي العجب.. ففي زمان بعيد مما يوصف اليوم بأنه الزمن الجميل كانت هناك سيدة وزوجة لرئيس جمهورية عربي سابق لا تمانع أن تراقص رؤساء العالم إن حمى الوطيس, ولم تمانع أن تنشر لها صور وهي ترقص مع الرئيس الفلاني، وتقبل الرئيس العلاني، وزوجها المحترم يتفرج عليها، ويسبح الله في ملكه!
صحيح.. ناس عقد، وما تعرفش الفرق بين الفن والإسفاف.. والروح الوطنية.. والديمقراطية التي على واحدة ونص!
من يكره.. صخر الوجيه؟
وهذا لغز آخر يحتاج إلى تفسير سريع.. فقد نفهم كراهية أتباع الرئيس السابق للأستاذ صخر الوجيه منذ كان سوطاً عليهم في مجلس النواب ثم رمزاً في أشكال المعارضة التي تكونت قبل وبعد الثورة الشبابية.. لكن كيف نفهم لغز كراهية صحف بعض أحزاب اللقاء المشترك له إلى درجة تفضيل محافظ الحديدة المؤتمري الموالي للرئيس السابق؟ وإلى درجة السماح بالإساءة إليه في صحيفتهم الرسمية وهو في بداية عهده في محافظة الحديدة؟
تخيلوا الآن لو أن كل حزب في المشترك راح يسيء إلى وزراء الأحزاب الحليفة له.. وكل حزب يدين قرارات وزراء الأحزاب الأخرى في تعيين مسؤولين من رفاقهم.. أقل ما سيحدث أن البركاني سوف تنتعش أحلامه في قلع عداد المشترك!
|