إيزابيلا وسبيللا أختان غير شقيقتين(1) . وكان إعلانهما ملكتين بسبب الانشقاق الذي نشب بين الفرنج بعد موت الملك الطفل ابن سبيللا ، وقد نظم هذا الانشقاق وأداره ريموند كونت طرابلس زوج أم إيزابيلا. تنحدر إزابيلا وأختها سبيلا من أسرة بولندية استقلت بحكم بيت المقدس في أواخر القرن 11م منذ أن تولاها البولوني جودفري حامي قبر المسيح المتوفى سنة 1100م. توفي أبوهما إملريك الأول سنة 1174م، وخلفه على الحكم أخوهما بلدوين الرابع المعرف بالأبرص، وهو الأخ الشقيق لسبيللا، والوارث عن أمه كراهية أخته لأبيه إيزابيلا. بعد 11عاماً من توليه لبيت المقدس توفي الأبرص ولم يتم الرابعة والعشرين من عمره، وذلك سنة 1185م. وأوصى بالعرش من بعده لابن أخته سبيللا وهو المعروف بالملك الطفل والملقب (بلدوين الخامس) الذي ما لبث أن توفي بعد عام، وذلك سنة 1186م. فآل الحكم لأمه سبيللا التي أعلنت زوجها الفرنسي جاي لوزيجنان شريكاً لها في العرش وملكاً على بيت المقدس. فجن جنون المركيس صاحب صور لأن الملك الطفل حفيده وقد مات أبوه الذي كان زوجاً لسبيللا أثناء حملها به، وبعث من فوره ابنه كنراد إلى صاحب القسطنطينية، إلا أن كنراد خيب أمل أبيه المركيس، وعمل هناك على الزواج من أخت امبراطور القسطنطينية. ولم يكن صاحب طرابلس الكونت ريموند أقلَّ سخطاً على الأحداث من المركيس، فاتصل بصلاح الدين، وساعده هذا على الانشقاق وإعلان إيزابيلا ملكة على بيت المقدس، وهي ابنة زوجته اليونانية ماريا كومنينا ملكة نابلس التي كانت قبله زوجة غير شرعية لإملريك الأول صاحب بيت المقدس المتوفى سنة 1174م. وكانت بعده زوجة لباليان الذي صار بزواجه منها صاحب نابلس، وهو أخو بلدوين خطيب سبيللا الأول. بعد فتح صلاح الدين تختفي أخبار إيزابيلا - التي ستعود للظهور على مسرح الأحداث كزوجة لفريدريك الثاني الذي تمكن من استرداد القدس سنة 1225م - ويظفر صلاح الدين بجاي لوزيجنان الملك، ويودعه في الإقامة الجبرية في نابلس، ويسمح للملكة سبيللا بالتوجه إلى نابلس للإقامة معه، حتى يوليو 1188م حيث يطلق سراحهما ويسمح لهما بالإقامة في طرابلس. وكانت إيزابيلا قد تزوجت همفري صاحب تبنين يوم 20 / نوفمبر / 1183 وعمرها إذ ذاك 11 سنة، وعمر همفري 17 سنة، وذلك في حصن الكرك أثناء محاصرة صلاح الدين له، وكانت أم هنفري واسمها استيفاني إحدى مربيات صلاح الدين أثناء أسره وهو طفل كما تقول رواية صليبية نادرة، فبعثت إليه تخبره بحفل زواج ابنتها، وسلالاً من أطعمة العرس، فسأل عن موقع الحفل، ومنع إطلاق الحجارة عليه، بينما كانت مجانيقه التسعة توالي قصف الكرك. حتى رحل عنها في 4 / ديسمبر / 1183.

---------------------------------------------------------------------------------------------

(1): هذه الصفحة خلاصة صفحات مطولة، قد تبعثرت فيها المعلومات، وتداخلت الأحداث تداخلاً يصعب التمييز فيه إلا بعد التأمل الطويل، والمراجعة المتأنية، بسبب الروايات الشاذة التي تخللت سرد الوقائع، والتي أنتجها واقع تحدوه التقلبات في أوساط القصور، وتكتنفه الخصومات الدامية في التنافس على مصاهرة الأميرات، اللاتي كنَّ أشبه بالسلع في انتقالهن بين عشية وضحاها من الرجل إلى ألد أعدائه، في مشاهد تهز مشاعر الإنسانية في صميمها، إلى درجة لا تخلو من الارتياب بالكثير من هذه الأخبار، التي لم تخلص مرة من تنازع أمم وطوائف المسيحية شرقاً وغرباً على انتزاع حق حماية بيت المقدس لها وحدها.(ومن أمثلة هذه النصوص المضطربة ما حكاه رنسيمان ص 685 من أن إيزابيلا بنت همفري ? مع أنه في جدول الأسر وفي كل الكتاب بنى الأحداث على أنها بنت أملريك)...انظر (ستيفن رنسيمان، تاريخ الحروب الصليبية، ترجمة السيد الباز العرينى، بيروت: دار الثقافة، 1980، ص 684، ص 711، ص 718، ص 724- 725، ص 827. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق على شيري، بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1989، حوادث سنة 569)