قصة مدين قوم شعيب عليه السلام
قال الله تعالى في سورة الأعراف بعد قصة قوم لوط : " وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين * ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين * وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين * قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين * قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين * وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين "
وقال في سورة هود بعد قصة قوم لوط أيضاً : " وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط * ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ * قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب * ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد * واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود * قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز * قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط * ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب * ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود "
وقال في الحجر بعد قصة قوم لوط أيضاً : " وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين * فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين "
وقال تعالى في الشعراء بعد قصتهم : " كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيب ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين * وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين * قالوا إنما أنت من المسحرين * وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين * فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين * قال ربي أعلم بما تعملون * فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم "
* * *
كان أهل مدين قوماً عرباً يسكنون مدينتهم مدين التي هي قريبة من أرض معان من أطراف الشام ، مما يلي ناحية الحجاز قريباً من بحيرة قوم لوط ، وكانوا بعدهم بمدة قريبة ، ومدين قبيلة عزفت بهم ، وهم من بني مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل
وشعيب ، نبيهم هو ابن ميكيل بن يشجن وذكره ابن إسحاق
قال : ويقال له بالسريانية يترون وفي هذا نظر ويقال شعيب بن يشخر بن لاوى ابن يعقوب ، ويقال شعيب بن نويب بن عيفا بن مدين بن إبراهيم ، ويقال شعيب بن صيفر ابن عيفا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم ، وقيل غير ذلك في نسبه
قال ابن عساكر : ويقال جدته ، ويقال أمه ، بنت لوط
وكان ممن آمن بإبراهيم وهاجر معه ودخل معه دمشق
وعن وهب بن منبه أنه قال : شعيب وملغم ممن آمن بإبراهيم يوم أحرق بالنار ، وهاجر معه إلى الشام ، فزوجهما بنتي لوط عليه السلام ذكره ابن قتيبة
وفي هذا كله نظر والله تعالى وأعلم
وذكر أبو عمر بن عبد البر في الإستيعاب في ترجمة سلمة بن سعد العنزي : أنه قدم على رسول صلى الله عليه وسلم فأسلم وانتسب إلى عنزة ، فقال : " نعم الحي عنزة ، مبغي عليهم منصورون رهط شعيب وأختان موسى "
فلو صح هذا لدل على أن شعيباً صهر موسى وأنه من قبيلة من العرب العاربة يقال لهم عنزة ، لا أنهم من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، فإن هؤلاء بعده بدهر طويل والله أعلم
وفي حديث أبي ذر الذي في صحيح ابن حبان في ذكر الأنبياء والرسل قال : " أربعة من العرب : هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر "
وكان بعض السلف يسمى شعيباً خطيب الأنبياء ويعنى لفصاحته وعلو عبارته وبلاغته في دعاية قومه إلى الإيمان برسالته
وقد روى ابن إسحاق بن بشر عن جويبر ومقاتل ، عن الضحاك ،عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيباً قال : " ذاك خطيب الأنبياء "
وكان أهل مدين كفاراً يقطعون السبيل ويخيفون المارة ، ويعبدون الأيكة ، وهي شجرة
من الأيك حولها غيضة ملتفة بها
وكانوا من أسوأ الناس معاملة ، يبخسون المكيال والميزان ، ويطففون فيها ، ويأخذون بالزائد و يدفعون بالناقص فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو رسول الله شعيب عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة من بخس الناس أشياءهم وإخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم ، فآمن به بعضهم وكفر أكثرهم ، حتى أحل الله بهم البأس الشديد ، وهو الولي الحميد
كما قال تعالى : " وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم " أي دلالة وحجة واضحة ، وبرهان قاطع على صدق ما جئتكم به وأنه أرسلني ، وهو ما أجرى الله على يديه من المعجزات التي لم ينقل إلينا تفصيلها ، وإن كان هذا اللفظ قد دخل عليها إجمالاً
" فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها "
أمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم ، وتوعدهم على خلاف ذلك فقال : " ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين * ولا تقعدوا بكل صراط " أي طريق " توعدون " أي تتوعدون الناس بأخذ أموالهم من مكوس وغير ذلك وتخيفون السبل
قال السدي في تفسيره عن الصحابة : " ولا تقعدوا بكل صراط توعدون " أنهم كانوا يأخذون العشور من أموال المارة
وقال إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : كانوا قوماً طغاة يجلسون على الطريق ، يبخسون الناس ، يعني يعشرونهم ، وكانوا أول من سن ذلك
" وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا " نهاهم عن قطع الطريق الحسية الدنيوية ، والمعنوية الدينية
" واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين " ذكرهم بنعمة الله تعالى عليهم في تكثيرهم بعد القلة وحذرهم نقمة الله بهم أن خالفوا ما أرشدهم إليه ودلهم عليه كما قال لهم في القصة الأخرى : " ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط " لا تركبوا ما أنتم عليه وتستمروا فيه فيمحق الله بركة ما في أيديكم ، ويفقركم ويذهب ما به يغنيكم
وهذا مضاف إلى عذاب الآخرة ، ومن جمع له هذا وهذا ، فقد باء بالصفقة الخاسرة !
قال الله تعالى في سورة الأعراف بعد قصة قوم لوط : " وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين * ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين * وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين * قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين * قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين * وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين "
وقال في سورة هود بعد قصة قوم لوط أيضاً : " وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط * ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ * قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب * ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد * واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود * قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز * قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط * ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب * ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود "
وقال في الحجر بعد قصة قوم لوط أيضاً : " وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين * فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين "
وقال تعالى في الشعراء بعد قصتهم : " كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيب ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين * وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين * قالوا إنما أنت من المسحرين * وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين * فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين * قال ربي أعلم بما تعملون * فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم "
* * *
كان أهل مدين قوماً عرباً يسكنون مدينتهم مدين التي هي قريبة من أرض معان من أطراف الشام ، مما يلي ناحية الحجاز قريباً من بحيرة قوم لوط ، وكانوا بعدهم بمدة قريبة ، ومدين قبيلة عزفت بهم ، وهم من بني مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل
وشعيب ، نبيهم هو ابن ميكيل بن يشجن وذكره ابن إسحاق
قال : ويقال له بالسريانية يترون وفي هذا نظر ويقال شعيب بن يشخر بن لاوى ابن يعقوب ، ويقال شعيب بن نويب بن عيفا بن مدين بن إبراهيم ، ويقال شعيب بن صيفر ابن عيفا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم ، وقيل غير ذلك في نسبه
قال ابن عساكر : ويقال جدته ، ويقال أمه ، بنت لوط
وكان ممن آمن بإبراهيم وهاجر معه ودخل معه دمشق
وعن وهب بن منبه أنه قال : شعيب وملغم ممن آمن بإبراهيم يوم أحرق بالنار ، وهاجر معه إلى الشام ، فزوجهما بنتي لوط عليه السلام ذكره ابن قتيبة
وفي هذا كله نظر والله تعالى وأعلم
وذكر أبو عمر بن عبد البر في الإستيعاب في ترجمة سلمة بن سعد العنزي : أنه قدم على رسول صلى الله عليه وسلم فأسلم وانتسب إلى عنزة ، فقال : " نعم الحي عنزة ، مبغي عليهم منصورون رهط شعيب وأختان موسى "
فلو صح هذا لدل على أن شعيباً صهر موسى وأنه من قبيلة من العرب العاربة يقال لهم عنزة ، لا أنهم من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، فإن هؤلاء بعده بدهر طويل والله أعلم
وفي حديث أبي ذر الذي في صحيح ابن حبان في ذكر الأنبياء والرسل قال : " أربعة من العرب : هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر "
وكان بعض السلف يسمى شعيباً خطيب الأنبياء ويعنى لفصاحته وعلو عبارته وبلاغته في دعاية قومه إلى الإيمان برسالته
وقد روى ابن إسحاق بن بشر عن جويبر ومقاتل ، عن الضحاك ،عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيباً قال : " ذاك خطيب الأنبياء "
وكان أهل مدين كفاراً يقطعون السبيل ويخيفون المارة ، ويعبدون الأيكة ، وهي شجرة
من الأيك حولها غيضة ملتفة بها
وكانوا من أسوأ الناس معاملة ، يبخسون المكيال والميزان ، ويطففون فيها ، ويأخذون بالزائد و يدفعون بالناقص فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو رسول الله شعيب عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة من بخس الناس أشياءهم وإخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم ، فآمن به بعضهم وكفر أكثرهم ، حتى أحل الله بهم البأس الشديد ، وهو الولي الحميد
كما قال تعالى : " وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم " أي دلالة وحجة واضحة ، وبرهان قاطع على صدق ما جئتكم به وأنه أرسلني ، وهو ما أجرى الله على يديه من المعجزات التي لم ينقل إلينا تفصيلها ، وإن كان هذا اللفظ قد دخل عليها إجمالاً
" فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها "
أمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم ، وتوعدهم على خلاف ذلك فقال : " ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين * ولا تقعدوا بكل صراط " أي طريق " توعدون " أي تتوعدون الناس بأخذ أموالهم من مكوس وغير ذلك وتخيفون السبل
قال السدي في تفسيره عن الصحابة : " ولا تقعدوا بكل صراط توعدون " أنهم كانوا يأخذون العشور من أموال المارة
وقال إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : كانوا قوماً طغاة يجلسون على الطريق ، يبخسون الناس ، يعني يعشرونهم ، وكانوا أول من سن ذلك
" وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا " نهاهم عن قطع الطريق الحسية الدنيوية ، والمعنوية الدينية
" واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين " ذكرهم بنعمة الله تعالى عليهم في تكثيرهم بعد القلة وحذرهم نقمة الله بهم أن خالفوا ما أرشدهم إليه ودلهم عليه كما قال لهم في القصة الأخرى : " ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط " لا تركبوا ما أنتم عليه وتستمروا فيه فيمحق الله بركة ما في أيديكم ، ويفقركم ويذهب ما به يغنيكم
وهذا مضاف إلى عذاب الآخرة ، ومن جمع له هذا وهذا ، فقد باء بالصفقة الخاسرة !