بهلول أعقل المجانين
بهلول الكوفي مضرب المثل في المجانين العقلاء ضربه الأطفال يوما بالحجارة
فقال له عاقل آخر: تناول الحجارة وارمهم كما يرمونك، قال له بهلول: يا مجنون إني إن فعلت شيئاً من هذا رجعوا إلى آبائهم فقالوا لهم هذا المجنون بدأ يحرك يديه فيجب أن يغل ويقيد، فلا يكفيني ما ألقاه منهم حتى أغل وأقيد:
و له ناحية أخرى غاية في الطرافة، هي تستره وراء مظهر جنونه، ونصيحته الخلفاء والأمراء بأقوى لفظ وأصرح بيان؛ فقد زهد في ما لهم وجاههم، ووثق بربه فلم يخف أحدا، وله في هذا الباب نوادر رائعة وأقوال غالية.
رووا أن الرشيد خرج إلى الحج فمر بالكوفة، فرأى بهلولاً يعدو على قصبة وخلفه صبيان. فقال الرشيد: كنت أشتهي أن أراه، فأدعوه من غير ترويع، فلما حضر بين يديه قال: -يا بهلول، كنت إليك مشتاقاً.
بهلول: لكني لم اشتق إليك.
الرشيد: عظني.
بهلول: وبم أعظك؟ هذه قصورهم، وهذه قبورهم.
الرشيد: زدني
بهلول: كم أعطاه الله مالاً وجمالاً، فعف في جماله، وواسى في ماله كتب في ديوان الأبرار.
الرشيد: قد أمرنا بقضاء ديونك إن كانت.
بهلول: لا.. إنه لا يقضي دين بدين، أردد الحق إلى أهله، وأقضِ دين نفسك.
الرشيد: ألك حاجة؟
بهلول: أنا وأنت عيال الله. فمحال أن يذكرك وينساني.
ثم ركب قصبته وجرى.
ووقفه الأمير يوماً في طريق الخليفة ليدعو له إذا مر به، فلما حاذاه الرشيد قال: يا أمير المؤمنين أسأل الله أن يرزقك ويوسع عليك.
فضحك الرشيد وقال: آمين. فلما جازه الرشيد صفعه الوالي وقال له: أهكذا تدعو لأمير المؤمنين يا مجنون؟
فقال بهلول: اسكت يا مجنون، فما في الدنيا أحب إلى أمير المؤمنين من الدراهم، فبلغ ذلك الرشيد فضحك وقال: والله ما كذب.
لقد قصَّر العقلاء في نصيحة الخلفاء والأمراء، فقام بهذا الواجب المجانين، وكان بهلول تنتابه لوثة فيلعب في التراب، ويمر عليه الناس فلا يعبأ بهم، لأنه يرى نفسه العاقل وهم المجانين.
ويجلس بين المقابر فينطق بالموعظة الحسنة والحكمة البالغة، فيقول: "أما ترى هذه الأعين السائلة، والمحاسن البالية، والشعور المتمعطة، والجلود المتمزقة، والجماجم الخاوية، والعظام النخرة، لا يتقاربون بالأنساب، ولا يتواصلون تواصل الأحباب، لقد صارت الوجوه عابسة بعد نضرتها، والعظام نخرة بعد قوتها، تجر عليهم الرياح ذيولها، وتصب عليهم السماء سيولها".
*وله الفكاهة الحلوة والنادرة الطريفة، والجواب السكت ، فقد بلغه عن أمير الكوفة أنه ولدت له بنت فساءه ذلك، فذهب إليه بهلول وقال له: أيسرك أن لك مكانها ابناً مثلي؟ فقال ه:ويحك! فرجت عني.
*وصحبه مجنون آخر مثله، فقابلهما الخليفة الهادي، فقال لبهلول: لم سميت بهلولاً؟ فقال له: ولم سميت أنت موسى؟ فسبه الهادي سباً شنيعاً، فنظر إلى صاحبه وقال له: كنا اثنين فصرنا ثلاثة.
و شوهد جالساً بين المقابر وهو يلعب بالتراب فقيل له: ماذا تصنع؟ قال: أجالس قوماً لا يؤذونني.
بهلول الكوفي مضرب المثل في المجانين العقلاء ضربه الأطفال يوما بالحجارة
فقال له عاقل آخر: تناول الحجارة وارمهم كما يرمونك، قال له بهلول: يا مجنون إني إن فعلت شيئاً من هذا رجعوا إلى آبائهم فقالوا لهم هذا المجنون بدأ يحرك يديه فيجب أن يغل ويقيد، فلا يكفيني ما ألقاه منهم حتى أغل وأقيد:
و له ناحية أخرى غاية في الطرافة، هي تستره وراء مظهر جنونه، ونصيحته الخلفاء والأمراء بأقوى لفظ وأصرح بيان؛ فقد زهد في ما لهم وجاههم، ووثق بربه فلم يخف أحدا، وله في هذا الباب نوادر رائعة وأقوال غالية.
رووا أن الرشيد خرج إلى الحج فمر بالكوفة، فرأى بهلولاً يعدو على قصبة وخلفه صبيان. فقال الرشيد: كنت أشتهي أن أراه، فأدعوه من غير ترويع، فلما حضر بين يديه قال: -يا بهلول، كنت إليك مشتاقاً.
بهلول: لكني لم اشتق إليك.
الرشيد: عظني.
بهلول: وبم أعظك؟ هذه قصورهم، وهذه قبورهم.
الرشيد: زدني
بهلول: كم أعطاه الله مالاً وجمالاً، فعف في جماله، وواسى في ماله كتب في ديوان الأبرار.
الرشيد: قد أمرنا بقضاء ديونك إن كانت.
بهلول: لا.. إنه لا يقضي دين بدين، أردد الحق إلى أهله، وأقضِ دين نفسك.
الرشيد: ألك حاجة؟
بهلول: أنا وأنت عيال الله. فمحال أن يذكرك وينساني.
ثم ركب قصبته وجرى.
ووقفه الأمير يوماً في طريق الخليفة ليدعو له إذا مر به، فلما حاذاه الرشيد قال: يا أمير المؤمنين أسأل الله أن يرزقك ويوسع عليك.
فضحك الرشيد وقال: آمين. فلما جازه الرشيد صفعه الوالي وقال له: أهكذا تدعو لأمير المؤمنين يا مجنون؟
فقال بهلول: اسكت يا مجنون، فما في الدنيا أحب إلى أمير المؤمنين من الدراهم، فبلغ ذلك الرشيد فضحك وقال: والله ما كذب.
لقد قصَّر العقلاء في نصيحة الخلفاء والأمراء، فقام بهذا الواجب المجانين، وكان بهلول تنتابه لوثة فيلعب في التراب، ويمر عليه الناس فلا يعبأ بهم، لأنه يرى نفسه العاقل وهم المجانين.
ويجلس بين المقابر فينطق بالموعظة الحسنة والحكمة البالغة، فيقول: "أما ترى هذه الأعين السائلة، والمحاسن البالية، والشعور المتمعطة، والجلود المتمزقة، والجماجم الخاوية، والعظام النخرة، لا يتقاربون بالأنساب، ولا يتواصلون تواصل الأحباب، لقد صارت الوجوه عابسة بعد نضرتها، والعظام نخرة بعد قوتها، تجر عليهم الرياح ذيولها، وتصب عليهم السماء سيولها".
*وله الفكاهة الحلوة والنادرة الطريفة، والجواب السكت ، فقد بلغه عن أمير الكوفة أنه ولدت له بنت فساءه ذلك، فذهب إليه بهلول وقال له: أيسرك أن لك مكانها ابناً مثلي؟ فقال ه:ويحك! فرجت عني.
*وصحبه مجنون آخر مثله، فقابلهما الخليفة الهادي، فقال لبهلول: لم سميت بهلولاً؟ فقال له: ولم سميت أنت موسى؟ فسبه الهادي سباً شنيعاً، فنظر إلى صاحبه وقال له: كنا اثنين فصرنا ثلاثة.
و شوهد جالساً بين المقابر وهو يلعب بالتراب فقيل له: ماذا تصنع؟ قال: أجالس قوماً لا يؤذونني.