منتديات احلى حكاية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات احلى حكاية دخول

موقع خاص بالتصاميم وتحويل الاستايلات واكواد حصريه لخدمه مواقع احلى منتدى


descriptionفي استقبال شهر القرآن Emptyفي استقبال شهر القرآن

more_horiz
في استقبال شهر القرآن

الخطبة الأولى:

أما بعد:

فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله سبحانه، إذ بها تشرف النفس، ويثقل الميزان، ويعلو القدر، ويعظم الجاه، ويحصل القرب من الباري جلّ شأنه، فما خاب من اكتنفها، ولا أفلح من جفاها، ولا جَرَم عباد الله، فإن العاقبة للتقوى (فَاتَّقُواْ اللَّهَ يا أُوْلِى الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة: 100].

أيها الناس: إن المتطلّع في واقع كثير من الناس، وَسْط أجواء المتغيرات المتكاثرة، والركام الهائل من المصائب والبلايا، والنوازل والرزايا، ليلحظ بوضوح أن كثيرًا من النفوس المسلمة توّاقة إلى تحصيل ما يُثبت قلوبها، وإلى النهل مما تطفئ به ظمأها، وتسقي به زرعها، وتجلو به صدأها، فهي أحوج ما تكون إلى احتضان ضيف كريم، يحمل في جنباته مادة النماء، فهي مشرئبّة لحلوله، يقطّعها التلهّف إلى أن تطرح همومها وكدَّها وكدحها عند أول عتبة من أعتابه، بعد أن أنهكت قواها حلقات أحداث مترادفة، بعضها يموج في بعض، حتى غلت مراجلها، واشتدّ لهب أَتُّونها، فما برحت تأكل الأخضر واليابس، تفجع القلوب، وتعكّر الصفو، وتصطفق وسط زوابعها العقول والأفهام، فلأجل هذا كله كان الناس بعامة أحوج ما يكونون إلى حلول شهر الصيام والقيام، شهر الراحة النفسية والسعود الروحي، شهر الركوع والسجود، شهر ضياء المساجد، شهر الذكر والمحامد، شهر الطمأنينة ومحاسبة النفس، وإيقاظ الضمير، والتخلص من النزعات الذاتية، والملذات الآنية، في شهوات البطون والفروج، والعقول والأفئدة، والتي شرع الصيام لأجل تضييق مجاريها في النفوس، وكونه فرصة كل تائب، وعبرة كل آيب، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].

أيها المسلمون، شهر رمضان المبارك هو شهر القرآن، القرآن الذي لا تنطفئ مصابيحه، والسراج الذي لا يخبو توقده، والمنهاج الذي لا يضل ناهجه، والعزّ الذي لا يهزم أنصاره، القرآن -عباد الله- هو في الحقيقة بمثابة الروح للجسد، والنور للهداية، فمن لم يقرأ القرآن، ولم يعمل به فما هو بحيّ، وإن تكلم أو عمل أو غدا أو راح، بل هو ميت الأحياء، ومن لم يعمل به ضل وما اهتدى، وإن طار في السماء أو غاص في الماء، (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا) [الأنعام: 122].

إن الإنسان بلا قرآن كالحياة بلا ماء ولا هواء، بل إن الإفلاس متحقق في حسّه ونفسه، ذلك أن القرآن هو الدواء والشفاء، (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِى ءاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) [فصلت: 44].

إن مما لا شك فيه -أيها المسلمون- أن صلة الكثيرين بكتاب ربهم يكتنفها شيء من الهجران والعقوق، سواء في تلاوته أو في العمل به، بل قد لا نبعد النجعة لو قلنا: إن علل الأمم السابقة قد تسللت إلى أمة الإسلام لِواذًا وهي لا تشعر، ألا تقرؤون -يا رعاكم الله- قول الباري جل وعلا: (وَمِنْهُمْ أُمّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَـابَ إِلاَّ أَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) [البقرة: 78].

يقول المفسرون: "أي لا يعلمون الكتاب إلا تلاوة وترتيلا، بحيث لا يجاوز حناجرهم وتراقيهم"، كل ذلك بسبب الغياب القلبي، والحجر الروحي عن تدبر القرآن، بل إن البعض على قلوب أقفالها (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً) [النساء: 82]، أفلا يتدبرون القرآن إذًا.

إن من أسباب عدم التدبر هو البعد عن اكتشاف سنن الله في الأنفس والآفاق، وحسن تسخيرها والتحرر غير المبعّض من تقديس الأفهام المغلوطة، والتأويلات المآربية المخلوطة، والتي انحدرت إلى كثير من أوساط الناس، عبر لوثات علل، وأفهام يعذبها شعور طاغ من حبّ الدنيا وكراهية الموت، وما عند الله خير وأبقى للذين هم لربهم يرهبون.

descriptionفي استقبال شهر القرآن Emptyرد: في استقبال شهر القرآن

more_horiz
السلام عليكم ,
شكرًا لك على الموضوع القيم
تقبل مروي
في امان الله
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد