إِنِّي صَائِم ، إِنِّي صَائِم
راشد عبدالرحمن العسيري
بسم الله الرحمن الرحيم
الصيام مدرسة جامعة يتعلم فيها المسلم معان عظيمة تعينه على تقوية النفس وتهذيبها والسمو بها إلى الأفضل والأكمل .
والمتمعن في الصيام يجد أن غايته هي تقوى الله عز وجل ، وتعظيم حرماته ، وجهاد النفس على مخالفة الهوى ، والبُعد عن ما حرم ونهى .
فليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات الحسية فقط ، بل وجب حفظ الصوم وصونه من كل ما يدنسه أو ينقص أجره ، فوجب الامتناع عن مفطرات أخر ، لا يكمل صيام أحد إلا بالامتناع عنها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) .
فكما يصوم المسلم عن المفطرات الحسية المباحة ، وجب عليه أن تصوم جوارحه عن كل ما يُذهِب أجر صومه من المفطرات المعنوية ، وكما أن للجسم صيام فان للجوارح صيام أيضا ؛ فصيام العين غضهما عن ما حرم الله ، وصيام الأذن حفظهما عن سماع ما حذر ونهى ، وصيام اللسان صونه عن قول ما منع وزجر ، وهي أمور قد غفل عنه كثير من الناس ، فقد يصوم الصائم عن الطعام والشراب ، ويفطر على غيرهما ، قد ملء يومه بأقوال وأفعال تنقص من أجره صومه ، أو قد تبطل عمله ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ )) .
وقد أرشدنا نبينا عليه الصلاة والسلام إلى طريقة حفظ صيامنا مما قد يخل به ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ )).
هذا التوجيه النبوي يترك أثراً في النفس المسلمة لبيان عظمة هذا الأمر ، وتربية للأمة على الأخلاق الرفيعة ، والسماحة في القول والفعل، لتكون درساً تستفيد منه في رمضان وفي سائر شهور العام .
وقد اعتنى سلفنا الصالح بصوم الجوارح عن المحرمات اعتنائهم بصوم الجسم عن المفطرات ، روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قوله : " إذا صمتَ فليصُم سمعك وبصرُك ولسانُك عن المحارِم، ودَع عنك أذَى الجار، وليكُن عليك سكينةٌ ووقار يومَ صومِك، ولا تجعل يومَ صومك ويومَ فِطرك سواء " .
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى : " الصوم هو صوم الجوارح عن الآثام ، وصوم البطن عن الشراب والطعام ، فكما أن الطعام والشراب يقطعه ويفسده ، فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتفسد ثمرته ، فتصيره بمنزلة من لم يصم " .
وروي عن أحد الصالحين قوله : " ليس الصوم صوم جماعة عن الطعام ، وإنما الصوم صوم الجوارح عن الآثام ، وصمت اللسان عن فضول الكلام ، وغض العين عن النظر إلى الحرام ، وكف الكف عن أخذ الحطام ، ومنع الأقدام عن قبيح الإقدام".
فحري بالمسلم أن يحفظ صيامه عما حرم الله من الأقوال والأفعال ، وأن يحرص على صونه عن كل ما يجرحه، وينقص من أجره ، ويخرجه من هيئته ، ولنأخذ من مدرسة الصيام زاداً يعيننا على الصالحات بعد رمضان .
راشد عبدالرحمن العسيري
راشد عبدالرحمن العسيري
بسم الله الرحمن الرحيم
الصيام مدرسة جامعة يتعلم فيها المسلم معان عظيمة تعينه على تقوية النفس وتهذيبها والسمو بها إلى الأفضل والأكمل .
والمتمعن في الصيام يجد أن غايته هي تقوى الله عز وجل ، وتعظيم حرماته ، وجهاد النفس على مخالفة الهوى ، والبُعد عن ما حرم ونهى .
فليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات الحسية فقط ، بل وجب حفظ الصوم وصونه من كل ما يدنسه أو ينقص أجره ، فوجب الامتناع عن مفطرات أخر ، لا يكمل صيام أحد إلا بالامتناع عنها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) .
فكما يصوم المسلم عن المفطرات الحسية المباحة ، وجب عليه أن تصوم جوارحه عن كل ما يُذهِب أجر صومه من المفطرات المعنوية ، وكما أن للجسم صيام فان للجوارح صيام أيضا ؛ فصيام العين غضهما عن ما حرم الله ، وصيام الأذن حفظهما عن سماع ما حذر ونهى ، وصيام اللسان صونه عن قول ما منع وزجر ، وهي أمور قد غفل عنه كثير من الناس ، فقد يصوم الصائم عن الطعام والشراب ، ويفطر على غيرهما ، قد ملء يومه بأقوال وأفعال تنقص من أجره صومه ، أو قد تبطل عمله ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ )) .
وقد أرشدنا نبينا عليه الصلاة والسلام إلى طريقة حفظ صيامنا مما قد يخل به ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ )).
هذا التوجيه النبوي يترك أثراً في النفس المسلمة لبيان عظمة هذا الأمر ، وتربية للأمة على الأخلاق الرفيعة ، والسماحة في القول والفعل، لتكون درساً تستفيد منه في رمضان وفي سائر شهور العام .
وقد اعتنى سلفنا الصالح بصوم الجوارح عن المحرمات اعتنائهم بصوم الجسم عن المفطرات ، روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قوله : " إذا صمتَ فليصُم سمعك وبصرُك ولسانُك عن المحارِم، ودَع عنك أذَى الجار، وليكُن عليك سكينةٌ ووقار يومَ صومِك، ولا تجعل يومَ صومك ويومَ فِطرك سواء " .
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى : " الصوم هو صوم الجوارح عن الآثام ، وصوم البطن عن الشراب والطعام ، فكما أن الطعام والشراب يقطعه ويفسده ، فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتفسد ثمرته ، فتصيره بمنزلة من لم يصم " .
وروي عن أحد الصالحين قوله : " ليس الصوم صوم جماعة عن الطعام ، وإنما الصوم صوم الجوارح عن الآثام ، وصمت اللسان عن فضول الكلام ، وغض العين عن النظر إلى الحرام ، وكف الكف عن أخذ الحطام ، ومنع الأقدام عن قبيح الإقدام".
فحري بالمسلم أن يحفظ صيامه عما حرم الله من الأقوال والأفعال ، وأن يحرص على صونه عن كل ما يجرحه، وينقص من أجره ، ويخرجه من هيئته ، ولنأخذ من مدرسة الصيام زاداً يعيننا على الصالحات بعد رمضان .
راشد عبدالرحمن العسيري