تقول:
........................................................................................
دخلت علي في العيادة إمرأة في الستينات بصحبة إبنها الثﻼثيني .. !
"ﻻحظت حرصه الزائد عليها ، يمسك يدها ويصلح لها عباءتها ويمد لها اﻷكل والماء ..
بعد سؤالي عن المشكلة الصحية …وطلب الفحوصات سألته عن حالتها العقلية ﻷنّتصرفاتها لم تكن موزونة وﻻردودها على
أسئلتي
فـقال : إنها متخلفة عقلياً منذ الوﻻدة
تملكني الفضول فـسألته: فـمن يرعاها ؟
قال : أنا
قلت : والنعم ! ولكن من يهتم بنظافة مﻼبسها وبدنها ؟..
قال: أنا أدخلها الحمّام – أكرمكم الله- وأحضر مﻼبسها وانتظرها إلى أن تنتهي وأصفف مﻼبسها في الدوﻻب وأضع المتسخ في الغسيل وأشتري لها الناقص من المﻼبس !
قلت : ولم ﻻ تحضر لها خادمة ؟!
قال: ]ﻷن أمي مسكينة مثل الطفل ﻻ تشتكي وأخاف أن تؤذيها الشغالة
إندهشت من كﻼمه ومقدار برّه وقلت: وهل أنت متزوج ؟
قال: نعم الحمد لله ولدي أطفال
قلت : إذن زوجتك ترعى أمك ؟
قال: هي ما تقصر فهي تطهو الطعام وتقدمه لها وقد أحضرت
لزوجتي خادمة حتى تعينهاولكن أنا أحرص أن آكل معها حتى أطمئن عشان السكر!
زاد إعجابي ومسكت دمعتي !
إختلست نظرة إلى أظافرها فرأيتها قصيرة ونظيفة
قلت : أظافرها ؟ قال : أنا ، يا دكتورة هي مسكينة !
نظرت اﻷم لـولدها وقالت : متى تشتري لي بطاطس ؟!
قال: أبشري ألحين أوديك البقالة!
طارت اﻷم من الفرح
وقالت : ألحين .. ألحين !
إلتفت اﻹبن وقال : "والله إني أفرح لفرحتها أكثر من فرحة عيالي الصغار ..”
سويت نفسي أكتب في الملف حتى ما يبين أنـّي متأثرة !
وسألت : ما عندها غيرك ؟
قال : أنا وحيدها ﻷن الوالد طلقها بعد شهر من زواجهم
قلت : أجل ربـّاك أبوك ؟ ..
قال : ﻻ جدتي كانت ترعاني وترعاها وتوفت الله يرحمها وعمري عشر سنوات !
قلت : هل رعتك أمك في مرضك أو تذكر أنها إهتمت فيك ؟ أو فرحت لفرحك أو حزنت لحزنك ؟
قال : يادكتورة.. أمي مسكينة من عمري عشر سنين وأنا شايل
همها وأخاف عليها وأرعاها .. كتبت الوصفة وشرحت له الدواء ..
مسك يد أمـّه , وقال : يالله على البقالة …
قالت : ﻻ نروح مكـّة .. !
إستغربت ! قلت : لها ليه تبين مكة ؟
قالت: بركب الطيارة !
قلتله : بتوديها لـمكّة ؟
قال : إيه.. قلت : هي ما عليها حرج لو لم تعتمر ،
ليه توديها وتضيّق على نفسك ؟
قال : يمكن الفرحة اللي تفرحها ﻻوديتها.. أكثر
أجر عند رب العالمين من عمرتي بدونها ..
خرجوا من العيادة وأقفلت بابها
وقلت للممرضة : أحتاج للرّاحة بكيت من كل
قلبي ..
وقلت في نفسي: هذا وهي لم تكن له أماً .. فقط
حملت وولدت ولم
تربي ، ولم تسهر الليالي ، ولم تُدرسه ، ولم تتألم
ﻷلمه ، ولم
تبكي لبكائه ، لم يجافيها النوم خوفا عليه , لم…
ولم ! ..
ومع كل ذلك .. كل هذا البر !…
فـهل سنفعل بأمهاتنا اﻷصحاء .. مثلما فعل بأمه
المتخلفة عقليـًّا
........................................................................................
دخلت علي في العيادة إمرأة في الستينات بصحبة إبنها الثﻼثيني .. !
"ﻻحظت حرصه الزائد عليها ، يمسك يدها ويصلح لها عباءتها ويمد لها اﻷكل والماء ..
بعد سؤالي عن المشكلة الصحية …وطلب الفحوصات سألته عن حالتها العقلية ﻷنّتصرفاتها لم تكن موزونة وﻻردودها على
أسئلتي
فـقال : إنها متخلفة عقلياً منذ الوﻻدة
تملكني الفضول فـسألته: فـمن يرعاها ؟
قال : أنا
قلت : والنعم ! ولكن من يهتم بنظافة مﻼبسها وبدنها ؟..
قال: أنا أدخلها الحمّام – أكرمكم الله- وأحضر مﻼبسها وانتظرها إلى أن تنتهي وأصفف مﻼبسها في الدوﻻب وأضع المتسخ في الغسيل وأشتري لها الناقص من المﻼبس !
قلت : ولم ﻻ تحضر لها خادمة ؟!
قال: ]ﻷن أمي مسكينة مثل الطفل ﻻ تشتكي وأخاف أن تؤذيها الشغالة
إندهشت من كﻼمه ومقدار برّه وقلت: وهل أنت متزوج ؟
قال: نعم الحمد لله ولدي أطفال
قلت : إذن زوجتك ترعى أمك ؟
قال: هي ما تقصر فهي تطهو الطعام وتقدمه لها وقد أحضرت
لزوجتي خادمة حتى تعينهاولكن أنا أحرص أن آكل معها حتى أطمئن عشان السكر!
زاد إعجابي ومسكت دمعتي !
إختلست نظرة إلى أظافرها فرأيتها قصيرة ونظيفة
قلت : أظافرها ؟ قال : أنا ، يا دكتورة هي مسكينة !
نظرت اﻷم لـولدها وقالت : متى تشتري لي بطاطس ؟!
قال: أبشري ألحين أوديك البقالة!
طارت اﻷم من الفرح
وقالت : ألحين .. ألحين !
إلتفت اﻹبن وقال : "والله إني أفرح لفرحتها أكثر من فرحة عيالي الصغار ..”
سويت نفسي أكتب في الملف حتى ما يبين أنـّي متأثرة !
وسألت : ما عندها غيرك ؟
قال : أنا وحيدها ﻷن الوالد طلقها بعد شهر من زواجهم
قلت : أجل ربـّاك أبوك ؟ ..
قال : ﻻ جدتي كانت ترعاني وترعاها وتوفت الله يرحمها وعمري عشر سنوات !
قلت : هل رعتك أمك في مرضك أو تذكر أنها إهتمت فيك ؟ أو فرحت لفرحك أو حزنت لحزنك ؟
قال : يادكتورة.. أمي مسكينة من عمري عشر سنين وأنا شايل
همها وأخاف عليها وأرعاها .. كتبت الوصفة وشرحت له الدواء ..
مسك يد أمـّه , وقال : يالله على البقالة …
قالت : ﻻ نروح مكـّة .. !
إستغربت ! قلت : لها ليه تبين مكة ؟
قالت: بركب الطيارة !
قلتله : بتوديها لـمكّة ؟
قال : إيه.. قلت : هي ما عليها حرج لو لم تعتمر ،
ليه توديها وتضيّق على نفسك ؟
قال : يمكن الفرحة اللي تفرحها ﻻوديتها.. أكثر
أجر عند رب العالمين من عمرتي بدونها ..
خرجوا من العيادة وأقفلت بابها
وقلت للممرضة : أحتاج للرّاحة بكيت من كل
قلبي ..
وقلت في نفسي: هذا وهي لم تكن له أماً .. فقط
حملت وولدت ولم
تربي ، ولم تسهر الليالي ، ولم تُدرسه ، ولم تتألم
ﻷلمه ، ولم
تبكي لبكائه ، لم يجافيها النوم خوفا عليه , لم…
ولم ! ..
ومع كل ذلك .. كل هذا البر !…
فـهل سنفعل بأمهاتنا اﻷصحاء .. مثلما فعل بأمه
المتخلفة عقليـًّا