الرجاء
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
” جَعَلَ اللّهُ الرَحمَةَ مائة جُزء فأمسَكَ عندَهُ تسعَة وتِسعينَ ، وأنزَلَ في الأرض جُزءا واحدا ، فمِن ذلكَ الجُزءِ يتراحَمُ الخَلائِقُ حَتّى تَرفَعُ الدابّة حافِرَها عن وَلَدِها خَشيةَ أن تُصيبَهُ ”
(متفق عليه)
لقد خبأ الله تعالى تسعة وتسعين بالمائة من رحمته يرحم بها عباده يوم القيامة . فحسن الظن بالله تعالى مطلوب على الدوام ما لم يتخذ المرء من ذلك ذريعة لكي يستحل المحارم ويرتكب الآثام ، وإذا ما وعظه أحد أو نهاه عن ذلك قال إن الله غفور رحيم . قال الله تعالى: ” قُل يا عِباديَ الّذين اسرفوا على أنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللّه إنّ اللّه يَغفِرُ الذُنوبَ جَميعا ” (78)ـ. والرجال بحسب أعمالهم ثلاثة: رجُل عمل حسنة فهو يرجو قبولها ، ورجل عمل سيئة ثم تاب فهو يرجو المغفرة ، والثالث الرجل الكاذب يتمادى في الذنوب ويقول أرجو المغفرة.
قال أحد أصحاب(79) الإمام مالك بن أنس: دخلنا عليه في العشية التي قبض فيها فقلنا يا أبا عبد الله كيف تجدك ؟ قال ما أدري ما أقول لكم ، غيرأنكم ستعاينون من عفو الله تعالى ما لم يكن لكم في حساب ، ثم ما برحنا حتى أغمضناه رضي الله عنه. وهكذا تكون الثقة بالله تعالى وخاصة في تلك اللحظات . ورؤي مالك بن دينار في المنام فقيل له ما فعل الله بك ؟ فقال قدمت على ربي عزوجل بذنوب كثيرة محاها عني حسن ظني به تعالى.
عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ” إنّ اللّهَ تعالى ليضحَكُ من يأس العبادِ وقنوطهم وقرب الرّحمَةِ منهُم ” (80). هذا وإن اليأس من رحمة الله تعالى من أكبر الذنوب ، قال تعالى: ” إنّهُ لا ييأسُ من روح اللّهِ إلاّ القومُ الكافرون ” (81).ـ
إن الموازنة بين الخوف والرجاء مطلوبة على الدوام ، فالخوف يردع عن إرتكاب الذنوب والرجاء يشجع الإنسان على التوبة والإقلاع عن الذنوب . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لو نودي يوم القيامة أنه لن يدخل الجنة إلاّ واحد لرجوت أن أكون أنا ، ولو نودي أنه لن يدخل النار إلاّ واحد لخشيت أن أكون أنا . فالمؤمن قبل إرتكاب ذنب يخشىالله ويخافه من سوء العاقبة ، أما إذا ارتكب ذنبا فهو يسرع في التوبة ويرجو أن يغفر الله له ويلح في الدعاء ويوقن بالإجابة ويجعل الذنب نصب عينيه يستغفر الله منه كلما تذكره ويرجو رحمة ربه فإنها قريب من المحسنين.
ـ1ـ متفق عليه أي إتفق عليه الشيخان: البخاري ومسلم .
البخاري هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الحافظ الأمين لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قال عنه إبن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث منه. ولد في بخارى سنة 194هـ ورحل في طلب الحديث إلى العراق والشام ومصر وسمع الحديث عن نحو ألف شيخ. قال: خرّجت كتابي هذا من زهاء 600 ألف حديث وما وضعت فيه حديثا إلا وصليت ركعتين وصنفته في 16 سنة وسمعه منه 90 ألف رجل وعدد أحاديثه من دون المكرر 4000 حديث أما إذا حذف منها المعلق والموقوف والمكرر فيبلغ 2760 حديثا . أبتلي بفتنة خلق القرآن فثبت وأخرج من بخارى فتوفي في الطريق ودفن في قرية خرتنك قرب سمرقند سنة 256هـ رضي الله عنه.
ومسلم هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري. ولد سنة 204هـ وتوفي سنة 261هـ. قال: صنفت كتابي هذا من 300 ألف حديث مسموعة وقال الحافظ النيسابوري شيخ الحاكم عنه: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم . وكان إذا دخل على البخاري قبّل يده وقال يا طبيب الحديث. يحوي صحيحه 4000 حديث والتكرار فيه أقل من صحيح البخاري.
ـ2ـ التواتر المعنوي هو رواية الحديث بألفاظ مختلفة تدل على المعنى نفسه من قبل عدد كبير جدا من الرواة في كل جيل منهم بحيث يحصل تمام اليقين بنسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فقد ورد هذا الحديث بألفاظ مثل ” إنما الأعمال بالنية أو ألأعمال بالنيات ” وغير ذلك.
ـ3ـ متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ـ4ـ سورة الفرقان الآية 23.
ـ5ـ سورة البينة الآية 5.
ـ6ـ سورة الزمر الآية 3.
ـ7ـ الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي. نشأ في خراسان من ناحية مرو ، كان قاطع طريق ، وكان سبب توبته بينما هو يرتقي الجدران إبتغاء الوصول إلى جارية أحبها إذ سمع تاليا يتلو: ” ألَم يَأنِ لِلّذينَ آمنوا أن تخشعَ قُلوبُهُم لِذِكرِ اللّهِ ” ، فقال يا رب قد آن ، فرجع فآواه الليل إلى خربة فإذا فيها رفقة يريدون أن يرتحلوا فقال بعضهم حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا فتاب وأمنهم . وجاور بمكة حتى توفي سنة 187هـ. وكان ورعا تقيا .
ـ8ـ سورة المائدة الآية 54.
ـ9ـ رواه الترمذي وأبو نعيم في حلية الأولياء.
ـ10ـ الإمام الترمذي هو أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، ولد سنة 200هـ بترمذ وتوفي بها سنة 279هـ وكان حافظا بارعا في علم الحديث ، كتابه المعروف بسنن الترمذي فيه أكثر من 5000 حديث وهوالثالث في الترتيب بعد صحيحي البخاري ومسلم . وفيه القليل جدا من الضعيف. وإذا قيل عن حديث رواه الثلاثة فيعني ذلك البخاري ومسلم والترمذي.
ـ11ـ الحديث الحسن هو إصطلاح أوجده الترمذي ويقصد به الحديث الذي هو دون الصحيح وفوق الضعيف. ويعتبره معظم أئمة الحديث من الصحيح لكن فيه علة خفيّة لا تقدح في صحته.
ـ12ـ سورة آل عمران الآية 102.
ـ13ـ سورة الحج الآية 1.
ـ14ـ سورة الأحزاب الآية 1.
ـ15ـ سورة غافر الآية 9.
ـ16ـ سورة الفاتحة الآية 6.
ـ17ـ رواه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ـ18ـ سورة التغابن الآية 16.
ـ19ـ سورة الأعراف الآية 201.
ـ20ـ سورة المائدة 54.
ـ21ـ سورة آل عمران الآية 31.
ـ22ـ ذوالنون المصري هو ثوبان بن إبراهيم كان أبوه نوبيا ، كان عالما ورعا . سُعي به إلى المتوكل فأحضره من مصر فلما دخل عليه ووعظه بكى المتوكل ورده إلى مصر مكرما . وكان إذا ذكر أهل الورع عند المتوكل يقول حيهلا ذوالنون . توفي رضي الله عنه سنة 245هـ.
ـ23ـ سورة التوبة الآية 24.
ـ24ـ متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
ـ25ـ سورة البقرة الآية 165.
ـ26ـ سورة البقرة الآية 222.
ـ27ـ رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ28ـ سورة إبراهيم الآية 34 والنحل الآية 18.
ـ29ـ سورة الأعراف الآية 23.
ـ30ـ سورة الأنبياء الآية 87.
ـ31ـ سورة هود الآية 114.
ـ32ـ حديث: ” إتّق اللّه حيثما كُنتَ ، وأتبِع السيئة الحسَنةَ تَمحُها ، وخالِق الناسَ بِخُلُق حَسَن ” رواه الترمذي وأبو داود عن أبي ذر الغفاري.
ـ33ـ رواه أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء.
ـ34ـ هو أبو الحسن السري بن المغلس السقطي خال الجنيد البغدادي وأستاذه ، صحب معروف الكرخي ، وكان ورعا عالما بالحديث وعلم التوحيد. وعنه أخذ معظم مشايخ بغداد. توفي بها عام 251هـ.
ـ35ـ سورة العنكبوت الآية 69.
ـ36ـ سورة الطلاق الآية 4.
ـ37ـ سورة الليل الآيات 5-7.
ـ38ـ سورة الأعراف الآية 201.
ـ39ـ رواه الستة إلا النسائي وأحمد عن أبي بكر رضي الله عنه بألفاظ مختلفة.
ـ40ـ أبو علي الدقاق من أعلام القرن الرابع الهجري ، كان أستاذا للإمام القشيري.
ـ41ـ رواه أحمد والحاكم عن زيد بن ثابت.
ـ42ـ سورة البينة الآية 8.
ـ43ـ صهيب بن سنان بن مالك النمري ، أمه من بني مالك . كان أبوه واليا على الإبلة من جهة كسرى وكانت منازلهم على دجلة من جهة الموصل . سباه الروم وهو صغير فنشأ بينهم فسمي بالرومي. إشتراه رجل من كلب وباعه بمكة فاشتراه عبد الله بن جدعان فأعتقه. أسلم ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دار الأرقم ولاقى أصناف التعذيب . هاجر إلى المدينة في آخر من هاجر مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولحق به المشركون فلم يتركوه إلاّ بعد أن دلّهم على ماله كله فأخذوا ماله فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له ” ربِح البيع ” فأنزل الله تعالى: ” وَمِنَ النّاس مَن يَشري نَفسَهُ ابتِغاءَ مَرضاةِ اللّه.... ” وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يصلي عليه صهيب وأن يصلي بالناس حتى يتم إختيار الخليفة من بعده من بين ستة الشورى . توفي رضي الله عنه سنة 38هـ وهو إبن 70 سنة.
ـ44ـ سورة آل عمران الآية 146.
ـ45ـ سورة آل عمران 144وعدة آيات أخرى .
ـ46ـ الخباب بن الأرتّ بن جندلة التميمي ، سبي في الجاهلية فبيع بمكة فكان مولى أم إنمار الخزاعية . كان من السابقين الأولين . قيل أنه سادس من أسلم وأول من أظهر إسلامه فعذب عذابا شديدا . شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي أشار على رسول الله صلىالله عليه وسلم بتغيير موضع نزول المسلمين قبيل معركة بدر. نزل الكوفة وتوفي بها سنة 37هـ عن عمر بلغ 63 سنة وصلى عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ـ47ـ رواه البخاري.
ـ48ـ متفق عليه.
ـ49ـ سورة آل عمران الآية 200.
ـ50ـ سورة العصر.
ـ51ـ رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها.
ـ52ـ الحاكم النيسابوري المتوفي عام 405هـ مؤلف الكتاب المشهور المستدرك على الصحيحين وكتاب معرفة علوم الحديث.
ـ53ـ رواه الترمذي عن أنس والطبراني عن عمرو بن أمية الضمري وإبن خزيمة.
الإمام الطبراني هو أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الشامي اللخمي. إمام حجة حافظ. ينسب إلى مدينة طبرية في حوض الأردن . ولد سنة 260هـ وسمع الحديث وعمره 13سنة وحدث عن أكثر من 1000 شيخ ، توفي سنة 360هـ.
والإمام إبن خزيمة هو أبو بكر بن إسحاق السلمي النيسابوري ، ولد سنة 223 ، كان إماما في الحديث ، شهد له أهل الفضل بالسبق وإتقان الرواية وقال عنه الذهبي كان فريد عصره ، توفي سنة 311هـ.
ـ54ـ عبد الله بن المبارك ولد سنة 118هـ وهو من أعلم أتباع التابعين . كان يقدم أقوال الصحابة والتابعين على مجالسة علماء عصره. كان زاهدا ورعا ، قال عنه الإمام سفيان الثوري جهدت على أن أداوم ثلاثة أيام في السنة على ما عليه عبد الله بن المبارك فلم أقدر. إجتنب الأمراء وكان يتمثل بالبيتين:
وهل بدل الدين إلاّ الملــوك وأحبار ســـوء ورهبانها
لـقـد رتع القـوم في جيـفـة يبيـن لذي العـلم أنتانها
ـ55ـ حمدون بن أحمد القصار النيسابوري.
ـ56ـ سورة الفرقان الآية 58.
ـ57ـ سورة آل عمران الآية 122.
ـ58ـ سورة الطلاق الآية 3.
ـ59ـ سورة النحل الآية 97.
ـ60ـ سورة الإنفطار الآية 13.
ـ61ـ سورة الإنفطار الآية 14.
ـ62ـ سورة التكاثر الآيتان 1و2.
ـ63ـ الإمام ابو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجه ، ولد سنة209هـ وهو صاحب السنن وهو رابع أصحاب السنن . فإن قيل رواه أصحاب السنن فيعني ذلك: الترمذي والنسائي وأبو داود وإبن ماجه ، وإن قيل رواه الستة فيعني ذلك الشيخان البخاري ومسلم والأربعة أصحاب السنن . توفي رضي الله عنه سنة 273هـ.
ـ64ـ سورة الكهف الآية 45.
ـ65ـ سورة الحديد الآية 20: ” إعلَموا أنَّما الحياةُ الدُنيا لَعِب ولهو وزينة وتفاخُر بينَكُم وتَكاثُر في الأموالِ والأولادِ... ” .
ـ66ـ سورة لقمان الآية 33.
ـ67ـ رواه البخاري.
ـ68ـ سفيان بن سعيد الثوري كان يسمى أمير المؤمنين في الحديث ، ولد سنة 97هـ ، كان عالما عابدا زاهدا وكان مجتهدا له مذهبه وأتباعه ، إلا أن مذهبه إندرس بعد مدة . توفي في البصرة سنة 161هـ.
ـ69ـ الحارث أو الحرث بن أسد المحاسبي من أهل البصرة ، كان عالما ورعا ، مات أبوه وترك له 70 ألف درهم فلم يأخذ منها شيئا ورعا مع شدة حاجته للمال لأن أباه كان قدريا . توفي ببغداد سنة 273هـ.
ـ70ـ حديث: ” أنظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ” رواه مسلم والترمذي وإبن ماجه وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ71ـ سورة آل عمران الآية 8.
ـ72ـ سورة آل عمران الآية 175.
ـ73ـ سورة البقرة الآية 40.
ـ74ـ سورة المؤمنون الآية 60.
ـ75ـ رواه الترمذي.
ـ76ـ حديث: ” إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له بعمل أهل النار ، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار ثم يختم عمله بعمل أهل الجنة ” رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ77ـ سورة الأعراف الآية 99.
ـ78ـ سورة الزمر الآية 53.
ـ79ـ هو بكر بن سليم الصواف.
ـ80ـ رواه أحمد عن حسن العقيلي.
ـ81ـ سورة يوسف الآية 87.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
” جَعَلَ اللّهُ الرَحمَةَ مائة جُزء فأمسَكَ عندَهُ تسعَة وتِسعينَ ، وأنزَلَ في الأرض جُزءا واحدا ، فمِن ذلكَ الجُزءِ يتراحَمُ الخَلائِقُ حَتّى تَرفَعُ الدابّة حافِرَها عن وَلَدِها خَشيةَ أن تُصيبَهُ ”
(متفق عليه)
لقد خبأ الله تعالى تسعة وتسعين بالمائة من رحمته يرحم بها عباده يوم القيامة . فحسن الظن بالله تعالى مطلوب على الدوام ما لم يتخذ المرء من ذلك ذريعة لكي يستحل المحارم ويرتكب الآثام ، وإذا ما وعظه أحد أو نهاه عن ذلك قال إن الله غفور رحيم . قال الله تعالى: ” قُل يا عِباديَ الّذين اسرفوا على أنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللّه إنّ اللّه يَغفِرُ الذُنوبَ جَميعا ” (78)ـ. والرجال بحسب أعمالهم ثلاثة: رجُل عمل حسنة فهو يرجو قبولها ، ورجل عمل سيئة ثم تاب فهو يرجو المغفرة ، والثالث الرجل الكاذب يتمادى في الذنوب ويقول أرجو المغفرة.
قال أحد أصحاب(79) الإمام مالك بن أنس: دخلنا عليه في العشية التي قبض فيها فقلنا يا أبا عبد الله كيف تجدك ؟ قال ما أدري ما أقول لكم ، غيرأنكم ستعاينون من عفو الله تعالى ما لم يكن لكم في حساب ، ثم ما برحنا حتى أغمضناه رضي الله عنه. وهكذا تكون الثقة بالله تعالى وخاصة في تلك اللحظات . ورؤي مالك بن دينار في المنام فقيل له ما فعل الله بك ؟ فقال قدمت على ربي عزوجل بذنوب كثيرة محاها عني حسن ظني به تعالى.
عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ” إنّ اللّهَ تعالى ليضحَكُ من يأس العبادِ وقنوطهم وقرب الرّحمَةِ منهُم ” (80). هذا وإن اليأس من رحمة الله تعالى من أكبر الذنوب ، قال تعالى: ” إنّهُ لا ييأسُ من روح اللّهِ إلاّ القومُ الكافرون ” (81).ـ
إن الموازنة بين الخوف والرجاء مطلوبة على الدوام ، فالخوف يردع عن إرتكاب الذنوب والرجاء يشجع الإنسان على التوبة والإقلاع عن الذنوب . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لو نودي يوم القيامة أنه لن يدخل الجنة إلاّ واحد لرجوت أن أكون أنا ، ولو نودي أنه لن يدخل النار إلاّ واحد لخشيت أن أكون أنا . فالمؤمن قبل إرتكاب ذنب يخشىالله ويخافه من سوء العاقبة ، أما إذا ارتكب ذنبا فهو يسرع في التوبة ويرجو أن يغفر الله له ويلح في الدعاء ويوقن بالإجابة ويجعل الذنب نصب عينيه يستغفر الله منه كلما تذكره ويرجو رحمة ربه فإنها قريب من المحسنين.
ـ1ـ متفق عليه أي إتفق عليه الشيخان: البخاري ومسلم .
البخاري هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الحافظ الأمين لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قال عنه إبن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث منه. ولد في بخارى سنة 194هـ ورحل في طلب الحديث إلى العراق والشام ومصر وسمع الحديث عن نحو ألف شيخ. قال: خرّجت كتابي هذا من زهاء 600 ألف حديث وما وضعت فيه حديثا إلا وصليت ركعتين وصنفته في 16 سنة وسمعه منه 90 ألف رجل وعدد أحاديثه من دون المكرر 4000 حديث أما إذا حذف منها المعلق والموقوف والمكرر فيبلغ 2760 حديثا . أبتلي بفتنة خلق القرآن فثبت وأخرج من بخارى فتوفي في الطريق ودفن في قرية خرتنك قرب سمرقند سنة 256هـ رضي الله عنه.
ومسلم هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري. ولد سنة 204هـ وتوفي سنة 261هـ. قال: صنفت كتابي هذا من 300 ألف حديث مسموعة وقال الحافظ النيسابوري شيخ الحاكم عنه: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم . وكان إذا دخل على البخاري قبّل يده وقال يا طبيب الحديث. يحوي صحيحه 4000 حديث والتكرار فيه أقل من صحيح البخاري.
ـ2ـ التواتر المعنوي هو رواية الحديث بألفاظ مختلفة تدل على المعنى نفسه من قبل عدد كبير جدا من الرواة في كل جيل منهم بحيث يحصل تمام اليقين بنسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فقد ورد هذا الحديث بألفاظ مثل ” إنما الأعمال بالنية أو ألأعمال بالنيات ” وغير ذلك.
ـ3ـ متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ـ4ـ سورة الفرقان الآية 23.
ـ5ـ سورة البينة الآية 5.
ـ6ـ سورة الزمر الآية 3.
ـ7ـ الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي. نشأ في خراسان من ناحية مرو ، كان قاطع طريق ، وكان سبب توبته بينما هو يرتقي الجدران إبتغاء الوصول إلى جارية أحبها إذ سمع تاليا يتلو: ” ألَم يَأنِ لِلّذينَ آمنوا أن تخشعَ قُلوبُهُم لِذِكرِ اللّهِ ” ، فقال يا رب قد آن ، فرجع فآواه الليل إلى خربة فإذا فيها رفقة يريدون أن يرتحلوا فقال بعضهم حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا فتاب وأمنهم . وجاور بمكة حتى توفي سنة 187هـ. وكان ورعا تقيا .
ـ8ـ سورة المائدة الآية 54.
ـ9ـ رواه الترمذي وأبو نعيم في حلية الأولياء.
ـ10ـ الإمام الترمذي هو أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، ولد سنة 200هـ بترمذ وتوفي بها سنة 279هـ وكان حافظا بارعا في علم الحديث ، كتابه المعروف بسنن الترمذي فيه أكثر من 5000 حديث وهوالثالث في الترتيب بعد صحيحي البخاري ومسلم . وفيه القليل جدا من الضعيف. وإذا قيل عن حديث رواه الثلاثة فيعني ذلك البخاري ومسلم والترمذي.
ـ11ـ الحديث الحسن هو إصطلاح أوجده الترمذي ويقصد به الحديث الذي هو دون الصحيح وفوق الضعيف. ويعتبره معظم أئمة الحديث من الصحيح لكن فيه علة خفيّة لا تقدح في صحته.
ـ12ـ سورة آل عمران الآية 102.
ـ13ـ سورة الحج الآية 1.
ـ14ـ سورة الأحزاب الآية 1.
ـ15ـ سورة غافر الآية 9.
ـ16ـ سورة الفاتحة الآية 6.
ـ17ـ رواه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ـ18ـ سورة التغابن الآية 16.
ـ19ـ سورة الأعراف الآية 201.
ـ20ـ سورة المائدة 54.
ـ21ـ سورة آل عمران الآية 31.
ـ22ـ ذوالنون المصري هو ثوبان بن إبراهيم كان أبوه نوبيا ، كان عالما ورعا . سُعي به إلى المتوكل فأحضره من مصر فلما دخل عليه ووعظه بكى المتوكل ورده إلى مصر مكرما . وكان إذا ذكر أهل الورع عند المتوكل يقول حيهلا ذوالنون . توفي رضي الله عنه سنة 245هـ.
ـ23ـ سورة التوبة الآية 24.
ـ24ـ متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
ـ25ـ سورة البقرة الآية 165.
ـ26ـ سورة البقرة الآية 222.
ـ27ـ رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ28ـ سورة إبراهيم الآية 34 والنحل الآية 18.
ـ29ـ سورة الأعراف الآية 23.
ـ30ـ سورة الأنبياء الآية 87.
ـ31ـ سورة هود الآية 114.
ـ32ـ حديث: ” إتّق اللّه حيثما كُنتَ ، وأتبِع السيئة الحسَنةَ تَمحُها ، وخالِق الناسَ بِخُلُق حَسَن ” رواه الترمذي وأبو داود عن أبي ذر الغفاري.
ـ33ـ رواه أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء.
ـ34ـ هو أبو الحسن السري بن المغلس السقطي خال الجنيد البغدادي وأستاذه ، صحب معروف الكرخي ، وكان ورعا عالما بالحديث وعلم التوحيد. وعنه أخذ معظم مشايخ بغداد. توفي بها عام 251هـ.
ـ35ـ سورة العنكبوت الآية 69.
ـ36ـ سورة الطلاق الآية 4.
ـ37ـ سورة الليل الآيات 5-7.
ـ38ـ سورة الأعراف الآية 201.
ـ39ـ رواه الستة إلا النسائي وأحمد عن أبي بكر رضي الله عنه بألفاظ مختلفة.
ـ40ـ أبو علي الدقاق من أعلام القرن الرابع الهجري ، كان أستاذا للإمام القشيري.
ـ41ـ رواه أحمد والحاكم عن زيد بن ثابت.
ـ42ـ سورة البينة الآية 8.
ـ43ـ صهيب بن سنان بن مالك النمري ، أمه من بني مالك . كان أبوه واليا على الإبلة من جهة كسرى وكانت منازلهم على دجلة من جهة الموصل . سباه الروم وهو صغير فنشأ بينهم فسمي بالرومي. إشتراه رجل من كلب وباعه بمكة فاشتراه عبد الله بن جدعان فأعتقه. أسلم ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دار الأرقم ولاقى أصناف التعذيب . هاجر إلى المدينة في آخر من هاجر مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولحق به المشركون فلم يتركوه إلاّ بعد أن دلّهم على ماله كله فأخذوا ماله فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له ” ربِح البيع ” فأنزل الله تعالى: ” وَمِنَ النّاس مَن يَشري نَفسَهُ ابتِغاءَ مَرضاةِ اللّه.... ” وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يصلي عليه صهيب وأن يصلي بالناس حتى يتم إختيار الخليفة من بعده من بين ستة الشورى . توفي رضي الله عنه سنة 38هـ وهو إبن 70 سنة.
ـ44ـ سورة آل عمران الآية 146.
ـ45ـ سورة آل عمران 144وعدة آيات أخرى .
ـ46ـ الخباب بن الأرتّ بن جندلة التميمي ، سبي في الجاهلية فبيع بمكة فكان مولى أم إنمار الخزاعية . كان من السابقين الأولين . قيل أنه سادس من أسلم وأول من أظهر إسلامه فعذب عذابا شديدا . شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي أشار على رسول الله صلىالله عليه وسلم بتغيير موضع نزول المسلمين قبيل معركة بدر. نزل الكوفة وتوفي بها سنة 37هـ عن عمر بلغ 63 سنة وصلى عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ـ47ـ رواه البخاري.
ـ48ـ متفق عليه.
ـ49ـ سورة آل عمران الآية 200.
ـ50ـ سورة العصر.
ـ51ـ رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها.
ـ52ـ الحاكم النيسابوري المتوفي عام 405هـ مؤلف الكتاب المشهور المستدرك على الصحيحين وكتاب معرفة علوم الحديث.
ـ53ـ رواه الترمذي عن أنس والطبراني عن عمرو بن أمية الضمري وإبن خزيمة.
الإمام الطبراني هو أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الشامي اللخمي. إمام حجة حافظ. ينسب إلى مدينة طبرية في حوض الأردن . ولد سنة 260هـ وسمع الحديث وعمره 13سنة وحدث عن أكثر من 1000 شيخ ، توفي سنة 360هـ.
والإمام إبن خزيمة هو أبو بكر بن إسحاق السلمي النيسابوري ، ولد سنة 223 ، كان إماما في الحديث ، شهد له أهل الفضل بالسبق وإتقان الرواية وقال عنه الذهبي كان فريد عصره ، توفي سنة 311هـ.
ـ54ـ عبد الله بن المبارك ولد سنة 118هـ وهو من أعلم أتباع التابعين . كان يقدم أقوال الصحابة والتابعين على مجالسة علماء عصره. كان زاهدا ورعا ، قال عنه الإمام سفيان الثوري جهدت على أن أداوم ثلاثة أيام في السنة على ما عليه عبد الله بن المبارك فلم أقدر. إجتنب الأمراء وكان يتمثل بالبيتين:
وهل بدل الدين إلاّ الملــوك وأحبار ســـوء ورهبانها
لـقـد رتع القـوم في جيـفـة يبيـن لذي العـلم أنتانها
ـ55ـ حمدون بن أحمد القصار النيسابوري.
ـ56ـ سورة الفرقان الآية 58.
ـ57ـ سورة آل عمران الآية 122.
ـ58ـ سورة الطلاق الآية 3.
ـ59ـ سورة النحل الآية 97.
ـ60ـ سورة الإنفطار الآية 13.
ـ61ـ سورة الإنفطار الآية 14.
ـ62ـ سورة التكاثر الآيتان 1و2.
ـ63ـ الإمام ابو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجه ، ولد سنة209هـ وهو صاحب السنن وهو رابع أصحاب السنن . فإن قيل رواه أصحاب السنن فيعني ذلك: الترمذي والنسائي وأبو داود وإبن ماجه ، وإن قيل رواه الستة فيعني ذلك الشيخان البخاري ومسلم والأربعة أصحاب السنن . توفي رضي الله عنه سنة 273هـ.
ـ64ـ سورة الكهف الآية 45.
ـ65ـ سورة الحديد الآية 20: ” إعلَموا أنَّما الحياةُ الدُنيا لَعِب ولهو وزينة وتفاخُر بينَكُم وتَكاثُر في الأموالِ والأولادِ... ” .
ـ66ـ سورة لقمان الآية 33.
ـ67ـ رواه البخاري.
ـ68ـ سفيان بن سعيد الثوري كان يسمى أمير المؤمنين في الحديث ، ولد سنة 97هـ ، كان عالما عابدا زاهدا وكان مجتهدا له مذهبه وأتباعه ، إلا أن مذهبه إندرس بعد مدة . توفي في البصرة سنة 161هـ.
ـ69ـ الحارث أو الحرث بن أسد المحاسبي من أهل البصرة ، كان عالما ورعا ، مات أبوه وترك له 70 ألف درهم فلم يأخذ منها شيئا ورعا مع شدة حاجته للمال لأن أباه كان قدريا . توفي ببغداد سنة 273هـ.
ـ70ـ حديث: ” أنظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ” رواه مسلم والترمذي وإبن ماجه وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ71ـ سورة آل عمران الآية 8.
ـ72ـ سورة آل عمران الآية 175.
ـ73ـ سورة البقرة الآية 40.
ـ74ـ سورة المؤمنون الآية 60.
ـ75ـ رواه الترمذي.
ـ76ـ حديث: ” إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له بعمل أهل النار ، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار ثم يختم عمله بعمل أهل الجنة ” رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ77ـ سورة الأعراف الآية 99.
ـ78ـ سورة الزمر الآية 53.
ـ79ـ هو بكر بن سليم الصواف.
ـ80ـ رواه أحمد عن حسن العقيلي.
ـ81ـ سورة يوسف الآية 87.