الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومَن والاه.
أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على نبينا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم
حديث
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)
وعن أبي حمزة أنس بن مالك
-رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم
- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)
رواه البخاري ومسلم.
................................................
تخريج الحديث ..
رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردذبه البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحيهما الذين هما أصح الكتب المصنفة.
.............................................
رواي الحديث ..
أنس بن مالك بن النَّضر الخزرجي الأنصاري ، ولد بالمدينة ، وأسلم صغيراً
وهو أبو ثُمامة الأنصاري النّجاري
وأبو حمزة كنّاه بهذا الرسـول الكريم
وخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد أخذته أمه
( أم سليم )الى رسـول
الله وعمره يوم ذاك عشر سنين، وقالت
( يا رسـول الله ، هذا أنس غلامك
يخدمك فادع الله له )
فقبله الرسـول بين عينيه ودعا له اللهم أكثر ماله وولده وبارك له ، وأدخله الجنة )
فعاش تسعا وتسعيـن سنة
ورزق من البنين والحفـدة الكثيريـن
كما أعطاه الله فيما أعطاه من الرزق بستانا رحبا
كان يحمل الفاكهة في العام مرتين ، ومات وهو ينتظر الجنة000
..............................................
شرح الحديث ..
هذا حديث أنس -رضي الله عنه- وهو الحديث الثالث عشر من هذه الأحاديث النووية.
قال: عن أبي حمزة أنس بن مالك -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم
- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال
لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
"لا يؤمن أحدكم"
هذه الكلمة تدل على أن ما بعدها مأمور به في الشريعة، إما أمر إيجاب أو أمر استحباب، ونفي الإيمان هنا قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان -كما أحضرنيه بعض الأخوة-: لا يؤمن أحدكم إن هذا نفي لكمال الإيمان الواجب، فإذا نُفِي الإيمان بفعل دل على وجوبه، يعني: على وجوب ما نفي الإيمان لأجله
ا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
دل على أن محبة المرء لأخيه ما يحب لنفسه واجبة، قال: لأن نفي الإيمان لا يكون لنفي شيء مستحب، فمن ترك مستحبا لا ينفي عنه الإيمان، فنفي الإيمان دال على أن هذا الأمر واجب، فيكون إذاً نفي الإيمان نفي لكماله الواجب، فيدل على أن الأمر المذكور، والمعلق به النفي يدل على أنه واجب
إذا تقرر هذا فقوله هنا:
لا يؤمن أحدكم حتى. ..
له نظائر كثيرة في الشريعة
يعني
في السنة: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه وهكذا إذا تقرر ذلك فإن نفي الإيمان فيها على باب واحد، وهو أنه ينفي كمال الإيمان الواجب.
ثم قوله -عليه الصلاة والسلام-:حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه هذا يشمل الاعتقاد والقول والعمل، يعني: يشمل جميع الأعمال الصالحة من الأقوال والاعتقادات والأفعال، فقوله: حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه يشمل أن يحب لأخيه أن يعتقد الاعتقاد الحسن كاعتقاده، وهذا واجب، ويشمل أن يحب لأخيه أن يكون مصليا كفعله.
فلو أحب لأخيه أن يكون على غير الهداية فإنه ارتكب محرما فانتفىعنه كمال الإيمان الواجب، لو أحب أن يكون فلان من الناس على غير الاعتقاد الصحيح الموافق للسنة، يعني: على اعتقاد بدعي فإنه كذلك ينفي عنه كمال الإيمان الواجب، وهكذا في سائر العبادات، وفي سائر أنواع اجتناب المحرمات، فإذا أحب لنفسه أن يترك الرشوة، وأحب لأخيه أن يقع في الرشوة حتى يبرز هو كان منفيا عنه كمال الإيمان الواجب، وهكذا في نظائرهما.
وقد جاء في النسائي -يعني: في سنن النسائي- وفي غيره تقييد ما يحب هنا بما هو معلوم، وهو قوله: حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير وهذا ظاهر غير بين، ولكن التنصيص عليه واضح.
أما أمور الدنيا فإن محبة الخير لأخيه كما يحب لنفسه هذا مستحب
لأن الإيثار بها مستحب، وليس بواجب، فيحب لأخيه أن يكون ذا مال مثل ما يحب لنفسه هذا مستحب يحب لأخيه أن يكون ذا وجاهة مثل ما له هذا مستحب، يعني: لو فرط فيه لم يكن منفيا عنه، لم يكن كمال الإيمان الواجب منفيا عنه؛ لأن هذه الأفعال مستحبة، فإذا صار المقام هنا على درجتين، إذا كان ما يحبه لنفسه متعلقا بأمور الدين فهذا واجب أن يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، وهذا هو الذي تسلط نفي الإيمان عليه
لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
يعني
من أمور الدين أو من الأمور التي يرغب فيها الشارع وأمر بها أمر إيجاب أو أمر استحباب وكذلك ما نهى عنه الشارع، فيحب لأخيه أن ينتهي عن المحرمات ويحب لأخيه أن يأتي الواجبات، هذا لو لم يحب لأنتفى عنه كمال الإيمان الواجب، أما أمور الدنيا -كما ذكرنا- فإنها على الاستحباب يحب لأخيه أن يكون ذا سعة في الرزق فهذا مستحب، يحب أن يكون لأخيه مثل ما له من الجاه مثلا أو من المال أو من حسن الترتيب أو من الكتب أو… إلخ فهذا كله راجع إلى الاستحباب.
ويتفرع عن هذا مسألة الإيثار، والإيثار منقسم إلى قسمين:
إيثار بالقرب، وإيثار بأمور الدنيا...،
أما الإيثار بالقرب فإنه مكروه لأنه يخالف ما أمرنا به من المسابقة في الخيرات والمسارعة في أبواب الطاعات
//سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ //وَسَارِعُوا إِلَى
فالمسارعة والمسابقة تقتضي أن كل باب من أبواب الخير يسارع إليه المسلم ويسبق أخاه إليه
//وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ//.
والقسم الثاني الإيثار في أمور الدنيا يعني
في الطعام في الملبس في المركب في التصدر في مجلس أو ما أشبه ذلك فهذا مستحب أن يؤثر أخاه في أمور الدنيا كما قال -جل وعلا- في وصف خاصة المؤمنين
((وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))
فدلت الآية على أن الإيثار بأمور الدنيا من صفات المؤمنين وهذا يدل على استحبابه،
صلة هذا بالحديث
قال
لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه يحب للأخ ما يحب للنفس، قد يقتضي هذا أن يقدمه، فهل إذا كان في أمور الدنيا يقدمه على ما ذكرنا ؟
إن الإيثار بالقرب مكروه
الإيثار في أمور الدنيا مستحب فحبه لأخيه ما يحب لنفسه من أمور الدنيا مستحب هنا أيضا، يستحب أن يقدم أخاه على نفسه في أمور الدنيا.[/size]
ذا خلاصة ما في الحديث من البحث، وبهذا يظهر ضابط
قوله
لا يؤمن أحدكم وما يتصل بها من الفعل حتى يحب لأخيه حتى أكون أحب إليه من ولده، ووالده والناس أجمعين إن هذا أمر مطلوب شرعا، من لا يأمن جاره بوائقه إلخ.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
تم بحمد الله شرح هذا الحديث
من شرح الشيخ صالح عبدالعزيز ال الشيخ
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أتمنى أن لا تنسوني من الدعاء " رب لا تذرني فردآ وانت خير الوارثين
لاتنسوني من صالح دعاكم
المصدر :اذكر الله
تحياتي : امين