كان الإمام الراحل الشيخ محمد عبده على حق حين لعن السياسة.. وانا على يقين ان بيننا الآن من يلعنها في كل صلاة.. فقد وحدتنا مصر آلاف السنين وفرقتنا صراعات السياسة في شهور قليلة ووصلت الخلافات بيننا الى درجة غير مسبوقة فكان بيننا المؤمنون والكفار والأنقياء والخونة ولم تفسد السياسة العلاقة بين ابناء الشعب الواحد ولكنها افسدت صورة العلاقة بين الخلق والخالق بين الناس وإله الناس.
ان اكثر ما يؤلمني الآن هو الإنقسامات التي حدثت بين شباب مصر ولا اتصور ان اراهم يضربون بعضهم بعضا في الشوارع والميادين وهذا يرفع الخناجر وآخر يرفع السلاح وتختلط الدماء ونحن نعرف ان الذي ينزف هو قلب مصر ومستقبلها وشبابها.. ان صور الشباب وهم يتصارعون ويشتبكون ويصيحون تؤكد ان هناك أخطاء كثيرة ارتكبها الآباء في لعبة الصراع لأنهم تركوا للأبناء ميراثا ثقيلا من الكراهية..
واليوم عندي كلمة لشباب الإخوان المسلمين وهم انقى واصفى العناصر في هذه الجماعة وانا اثق كثيرا في صدق إيمانهم ومحبتهم لهذا الوطن وعليهم الأن ان يفيقوا من هذا الكابوس الذي جثم على صدورهم وعقولهم لكي يعبروا من هذه المحنة وهم أكثر ايمانا بحب هذا الوطن.. لا ينبغي ان يعيش شباب الإخوان حالة انكسار او ضياع لأن حياة الإنسان رصيد دائم من التجارب والنجاحات والفشل, والمهم دائما ان يتعلم الإنسان من أخطائه وان يستوعب دروس الحياة وتجاربها..
يجب ان يراجع شباب الإخوان اخطاءهم في تجربة سياسية لم تحقق احلامهم, وهذا لا يعني ان الوطن تنكر لهم او ان المجتمع خذلهم ولم ينصفهم وإذا كان ولا بد من الحساب فليحاسب كل طرف نفسه اولا لأن الذي خذل شباب الإخوان هم قادتهم الذين فرطوا في الأمانة.
هناك مجموعة من الثوابت التي ينبغي ان يتوقف عندها شباب الإخوان حتى نضع الأشياء في نصابها الصحيح..
اولا: ان مصر لنا جميعا ولن تكون لفصيل سياسي او ديني واحد كما اوهمهم البعض يوما وان جماعة الإخوان المسلمين قد أخطأت حين تصورت او صورت لشبابها انهم شئ آخر غير الملايين من شباب مصر.. وان على شباب الإخوان ان يسقطوا هذه الهواجس التي وضعها البعض لهم وتصوروا انهم فصيل مختلف في شكله وفكره وايمانه لأن الأوطان لا يمكن اختصارها في فكر جماعة دينية او فصيل سياسي.
لقد أخطأت تلك الفصائل التي تصورت ان هناك تعارضا بين فكرة الوطن وفكرة الإيمان فكانت الازدواجية في الولاء او الحيرة بين الوطن والدين رغم انه لاتعارض على الإطلاق بأن يكون الإنسان شديد الإيمان بدينه وشديد الانتماء لوطنه.. ان هذه المفاهيم الخاطئة التي روجت لهذه الأفكار الشاردة من أخطر ظواهر الانقسام بين شباب مصر الواعد.. لقد حاول البعض ان يلغي فكرة الوطن امام الالتزام بالعقيدة وهنا كان الحديث عن الخلافة والتنظيم الدولي ودولة الإيمان والشريعة امام دولة الكفر والبهتان.. لقد انتشرت هذه المفاهيم الخاطئة مع موجات الإرهاب الأولي وكانت مقصورة على اعداد محدودة من البشر ولكن البعض امام الإلحاح وسطحية الفكر نجح في ترويج هذه الأفكار بين شبابنا ومنهم شباب الإخوان المسلمين الذين صور لهم البعض ان الوطن لا يمثل شيئا امام العقيدة.
ثانيا: ان اعظم ما في الفكر انه قادر على تجديد نفسه واعظم ما في الأديان انها قادرة على إفراز اجيال جديدة من المجددين والمجتهدين وكان الإسلام من أكثر العقائد السماوية دعوة للتجديد ان هذا لا يعني القطيعة مع الماضي او التنكر له ولكن لا ينبغي ان تكون الأجيال نسخة واحدة في الفكر والمواقف لأن هذا يعني وقف مسيرة الزمن والأشياء.. لقد ارتكبت قيادات الإخوان المسلمين خطأ فادحا في حق شبابها حين توقف الزمن بهم عند ثوابت كثيرة من الصعب ان يكون لها مكان بيننا الآن.. ان جمود اللحظة هو الذي ضيع على قيادات الإخوان فرصا كثيرة للتطور والتواصل مع العصر وروحه, وللأسف الشديد انهم فرضوا هذه الصيغة على شبابهم رغم الاختلاف الشديد بين اجيال الكمبيوتر والنت والمحمول واجيال الكتاتيب والزوايا والجماعات السرية.. كان ينبغي ان يترك قادة الإخوان شبابهم يعيشون العصر الذي يتناسب مع رؤاهم وافكارهم وهي تختلف تماما عن ثوابت فكرية مضى زمانها..
ثالثا: لا اعتقد ان شباب الإخوان راض عن حالة الانقسام في الشارع المصري وقد كان شاهدا عليها في الشوارع والميادين وهو يرى بنفسه دعوات الانقسام والتقسيم بين مؤمنين وكفار.. ان هذا الشباب الذي تواصل مع كل اجناس الأرض لا يمكن ان يقتنع بهذه الأفكار او ان يترك عقله وفكره فريسة لإنقسامات تهدد أمن الوطن وسلامته ومستقبل اجياله بإختلاف انتماءاتها.. ان لعبة الحشود التي استخدمت فيها قيادات الإخوان مواكب شبابها قد اثبتت فشلها حين تخلت عن الفكر والقناعات وتحولت الى كتل بشرية صماء.
على شباب الإخوان ان يتذكر ايام ثورة يناير وكيف توحد مع شباب مصر ولم يفرق بينهم دين او انتماء او فكر او هواجس.. على شباب الإخوان ان يعود لهذه الصفحات المضيئة في حياته وكيف انتهت الى صدام ومظاهرات وتصفيات في الشوارع والميادين.
رابعا: على شباب الإخوان ان يستوعب تجربة قياداته في الحكم وان يحسب مالها وما عليها وان يدرك ان فشل الإخوان في إدارة شئون الدولة هو اول اسباب السقوط.. وحتى لو افترضنا ان البعض تآمر عليهم فإن عجز الإمكانيات والقدرات البشرية كان من اهم اسباب فشل التجربة..
هناك اسباب موضوعية كثيرة يمكن لشباب الإخوان ان يتوقفوا عندها في فشل تجربة الإخوان كان من اهمها السعي الى إحكام السيطرة على مؤسسات الدولة وإقصاء تيارات كثيرة ساعدت الإخوان في مشوارهم للوصول الى السلطة ومحاولة فرض صيغة واحدة للجماعة على الوطن كله في الفكر والإدارة وسيطرة مجموعة من الأشخاص من القيادات القديمة على كل شئ دون إتاحة الفرصة امام شباب شارك في الثورة وكان من حقه ان يتصدر المشهد.
ان قيادات الإخوان يمكن ان تنكر ذلك كله ولكن على شباب الإخوان ان يستوعبوا الدرس لأنهم اول ضحاياه.
خامسا: على شباب الإخوان ان يتحرروا من فكر الزوايا وثوابت الكتاتيب وان ينطلقوا بفكرهم الواعي مع إيمانهم العميق فليس هناك تعارض بين الدين والفكر وبين الروح والعقل وامامنا نماذج بشرية كثيرة حررت فكرها وحافظت على يقينها.. اننا مدينون للآباء ولكن ليس الى حد الوصاية.. ونحب ديننا ولكن ليس الى حد الجمود.. ونؤمن بأوطاننا ولا ينبغي ان نتخلى عنها تحت اي شعار.. اننا نحمل عقائدنا في اي مكان نذهب اليه ولكننا لا نملك إلا وطنا واحدا ندور في كل بلاد الدنيا ويبقى السكن والملاذ.
ان ابسط ثوابت الإيمان الا يتصور الإنسان انه افضل من غيره تدينا او عقلا او فكرا فلا أحد منا يعلم مكانته عند خالقه ومن منا يدخل الجنة ومن مصيره للنار, لأن هذه الأشياء اختص الله سبحانه وتعالى بها ذاته العلية وليس من حق احد مهما كان قدره ومكانته ودرجة إيمانه ان يتهم احدا بالكفر او يرى في نفسه الإيمان وحده.. وهذه المشاعر المريضة التي غرسها قادة الإخوان في شبابهم من اكبر الخطايا التي اصابت الأجيال الجديدة بالتعالي والغرور.
سادسا: ان اعظم ما في الدين سماحته واعظم ما في الفكر رحابته واجمل ما في الشباب عشقه للحياة والأشياء والبشر.. ومن الظلم ان يصير الدين في حياتنا عنفا وتعصبا وجهالة وان يصير الفكر سجنا ويصبح الشباب قيدا على احلامنا وعشقنا للحياة.. ان خلايا الإخوان جعلت الإنسان لا يرى شيئا اكثر من رفاق جماعته.. ولا يتجاوز فكره حدود معرفته وقد يكره امام الإحباط الناس والحياة والبشر.. وعلى شباب الإخوان ان يخرجوا من وصاية الأجيال السابقة, فقد اختلف الزمن وتغيرت المفاهيم وعليهم ان يصنعوا حياتهم بفكر جديد ورؤى مختلفة..
لا احد يتمنى ان تخرج فصائل شباب الإخوان على بعضها ولكن ينبغي ان تحافظ على وحدتها وان تختلف ما شاءت بالحوار والرأي والمشورة مع نفسها ومع الآخرين.. في صفوف شباب الإخوان الأن اكثر من جماعة واكثر من إتجاه, وهذا في حد ذاته إثراء لفكرهم.. هناك تحالف شباب الإخوان.. واحرار الإخوان.. وشباب ضد العنف.. وجبهة إصلاح الإخوان ونبض شباب الإخوان.. ومنتدى شباب الإخوان, وهذه الاتجاهات جميعها ينبغي ان يجمعها شئ واحد هو الحرص على امن هذا الوطن واستقراره ولن يكون ذلك بالدعوة للعنف او تخريب مؤسسات الدولة.
ان مستقبل مصر امانة في يد شبابها واجيالها المختلفة ومن حق هذه الأجيال ان تعيش زمانها وتجاربها وتحقق احلامها.. لا ينبغي ان تتحول هذه التيارات في شباب الإخوان الى قوى متصارعة ولكن يجب ان تتوحد كلمتها وإرادتها لتقديم فكر اكثر وعيا ودين اكثر تسامحا وان تدين العنف بكل الوانه..
وهنا اقترح على التيارات السياسية الأخرى ان تفتح صفحة جديدة مع شباب الإخوان وان يسعى شباب تمرد الى لقاءات دائمة مع فصائل تجرد واحرار الإخوان وشباب ضد العنف وان تعود الى هذه القلوب البريئة مشاعر ثورة يناير التي وحدتهم في الزمان والمكان والحلم.. وعلى قيادات الإخوان ان يراجعوا ضمائرهم ويسمعوا صوت الحقيقة فيعترفوا بأخطائهم وإذا كنا نرث شيئا من ابائنا فينبغي الا يكون ميراثا ثقيلا ومشوها وسيئا وليس هناك اسوأ من العنف ميراثا ولا اسوأ من الخراب جريمة.. ان شباب الإخوان جزء عزيز من شباب مصر, وعلينا جميعا ان نحافظ عليه ونأخذ بيده ليكون شريكا في صنع مستقبل يليق بمصر الشعب والثورة والمستقبل.
..ويبقى الشعر
يا عاشق الصبح وجه الشـمس ينشطر
وأنجم العمر خلف الأفق تنتحــــــر
نهفـو إلي الحلم يحبو في جوانحنـــــا
حتـي إذا شب يكـبو. ثم يندثـــــــر
ينـساب في العين ضوءا. ثم نلمحه
نهرا من النار في الأعماق يسـتعـر
عمر من الحزن قد ضاعت ملامحـه
وشردتـه المني واليأس. والضجـر
مازلت أمضي وسرب العمر يتبعني
وكلـما أشتد حلم. عاد ينكســــــــر
في الحلم موتي. مع الجلاد مقصلتي
وبين موتي وحلمي. ينـزف العـمـر
إن يحكـم الجهل أرضا كيف ينقذها
خيط من النـور وسط الليل ينحسـر؟
لن يطلع الفجر يوما من حناجرنـا
ولن يصون الحمي من بالحمي غدروا
لن يكـسر القيد من لانت عزائمــه
ولن ينال العلا. من شلــه الحـــــــذر
ذئب قبيح يصلـي في مساجدنــــا
وفوق أقـداسنـا يزهـــــــو. ويفتخـــــر
قد كان يمشي علي الأشلاء منتشيا
وحوله عصبة الجـــــرذان تأتــــمــــر
من أين تأتي لوجه القـبح مكـرمــــة
وأنهر الملح هل ينـمو بها الشجـــــــر؟
القاتل الوغـد لاتحميه مسبحـــــــة
حتي إذا قــام وسط البيت يعتمــــــــــر
كم جاء يسعي وفي كفيه مقصلـــة
وخنـجــر الغدر في جنبيه يســـتتـــــــر
في صفقة العمر جلاد وسيـــــــده
وأمة في مزاد المــوت تنتحـــــــــــــر
يعقــوب لاتبتئس. فالذئـب نعرفـه
من دم يوسف كل الأهــل قد سكـــروا
أسماء تبكي أمـــام البيـــت في ألم
وابن الزبير علي الأعنــاق يحتضـــر
أكاد ألمح خلــــف الغيب كارثــــة
وبحر دم علي الأشلاء ينـهمـــــــــــــر
يوما سيحكي هنا عن أمـــة هلكـت
لم يبق من أرضها زرع. ولاثمــــر
حقت عليهم من الرحمــن لعنتــــه
فعنـدما زادهم من فضله. فجـــــــروا
يا فارس الشعر قل للشعـر معذرة
لن يسمع الشعر من بالوحي قد كفروا
واكتب علي القبر: هذي أمة رحلت
لم يبق من أهـلها ذكر. ولا أثــــــــــر
قصيدة كانت لنا اوطان سنة 1997
ان اكثر ما يؤلمني الآن هو الإنقسامات التي حدثت بين شباب مصر ولا اتصور ان اراهم يضربون بعضهم بعضا في الشوارع والميادين وهذا يرفع الخناجر وآخر يرفع السلاح وتختلط الدماء ونحن نعرف ان الذي ينزف هو قلب مصر ومستقبلها وشبابها.. ان صور الشباب وهم يتصارعون ويشتبكون ويصيحون تؤكد ان هناك أخطاء كثيرة ارتكبها الآباء في لعبة الصراع لأنهم تركوا للأبناء ميراثا ثقيلا من الكراهية..
واليوم عندي كلمة لشباب الإخوان المسلمين وهم انقى واصفى العناصر في هذه الجماعة وانا اثق كثيرا في صدق إيمانهم ومحبتهم لهذا الوطن وعليهم الأن ان يفيقوا من هذا الكابوس الذي جثم على صدورهم وعقولهم لكي يعبروا من هذه المحنة وهم أكثر ايمانا بحب هذا الوطن.. لا ينبغي ان يعيش شباب الإخوان حالة انكسار او ضياع لأن حياة الإنسان رصيد دائم من التجارب والنجاحات والفشل, والمهم دائما ان يتعلم الإنسان من أخطائه وان يستوعب دروس الحياة وتجاربها..
يجب ان يراجع شباب الإخوان اخطاءهم في تجربة سياسية لم تحقق احلامهم, وهذا لا يعني ان الوطن تنكر لهم او ان المجتمع خذلهم ولم ينصفهم وإذا كان ولا بد من الحساب فليحاسب كل طرف نفسه اولا لأن الذي خذل شباب الإخوان هم قادتهم الذين فرطوا في الأمانة.
هناك مجموعة من الثوابت التي ينبغي ان يتوقف عندها شباب الإخوان حتى نضع الأشياء في نصابها الصحيح..
اولا: ان مصر لنا جميعا ولن تكون لفصيل سياسي او ديني واحد كما اوهمهم البعض يوما وان جماعة الإخوان المسلمين قد أخطأت حين تصورت او صورت لشبابها انهم شئ آخر غير الملايين من شباب مصر.. وان على شباب الإخوان ان يسقطوا هذه الهواجس التي وضعها البعض لهم وتصوروا انهم فصيل مختلف في شكله وفكره وايمانه لأن الأوطان لا يمكن اختصارها في فكر جماعة دينية او فصيل سياسي.
لقد أخطأت تلك الفصائل التي تصورت ان هناك تعارضا بين فكرة الوطن وفكرة الإيمان فكانت الازدواجية في الولاء او الحيرة بين الوطن والدين رغم انه لاتعارض على الإطلاق بأن يكون الإنسان شديد الإيمان بدينه وشديد الانتماء لوطنه.. ان هذه المفاهيم الخاطئة التي روجت لهذه الأفكار الشاردة من أخطر ظواهر الانقسام بين شباب مصر الواعد.. لقد حاول البعض ان يلغي فكرة الوطن امام الالتزام بالعقيدة وهنا كان الحديث عن الخلافة والتنظيم الدولي ودولة الإيمان والشريعة امام دولة الكفر والبهتان.. لقد انتشرت هذه المفاهيم الخاطئة مع موجات الإرهاب الأولي وكانت مقصورة على اعداد محدودة من البشر ولكن البعض امام الإلحاح وسطحية الفكر نجح في ترويج هذه الأفكار بين شبابنا ومنهم شباب الإخوان المسلمين الذين صور لهم البعض ان الوطن لا يمثل شيئا امام العقيدة.
ثانيا: ان اعظم ما في الفكر انه قادر على تجديد نفسه واعظم ما في الأديان انها قادرة على إفراز اجيال جديدة من المجددين والمجتهدين وكان الإسلام من أكثر العقائد السماوية دعوة للتجديد ان هذا لا يعني القطيعة مع الماضي او التنكر له ولكن لا ينبغي ان تكون الأجيال نسخة واحدة في الفكر والمواقف لأن هذا يعني وقف مسيرة الزمن والأشياء.. لقد ارتكبت قيادات الإخوان المسلمين خطأ فادحا في حق شبابها حين توقف الزمن بهم عند ثوابت كثيرة من الصعب ان يكون لها مكان بيننا الآن.. ان جمود اللحظة هو الذي ضيع على قيادات الإخوان فرصا كثيرة للتطور والتواصل مع العصر وروحه, وللأسف الشديد انهم فرضوا هذه الصيغة على شبابهم رغم الاختلاف الشديد بين اجيال الكمبيوتر والنت والمحمول واجيال الكتاتيب والزوايا والجماعات السرية.. كان ينبغي ان يترك قادة الإخوان شبابهم يعيشون العصر الذي يتناسب مع رؤاهم وافكارهم وهي تختلف تماما عن ثوابت فكرية مضى زمانها..
ثالثا: لا اعتقد ان شباب الإخوان راض عن حالة الانقسام في الشارع المصري وقد كان شاهدا عليها في الشوارع والميادين وهو يرى بنفسه دعوات الانقسام والتقسيم بين مؤمنين وكفار.. ان هذا الشباب الذي تواصل مع كل اجناس الأرض لا يمكن ان يقتنع بهذه الأفكار او ان يترك عقله وفكره فريسة لإنقسامات تهدد أمن الوطن وسلامته ومستقبل اجياله بإختلاف انتماءاتها.. ان لعبة الحشود التي استخدمت فيها قيادات الإخوان مواكب شبابها قد اثبتت فشلها حين تخلت عن الفكر والقناعات وتحولت الى كتل بشرية صماء.
على شباب الإخوان ان يتذكر ايام ثورة يناير وكيف توحد مع شباب مصر ولم يفرق بينهم دين او انتماء او فكر او هواجس.. على شباب الإخوان ان يعود لهذه الصفحات المضيئة في حياته وكيف انتهت الى صدام ومظاهرات وتصفيات في الشوارع والميادين.
رابعا: على شباب الإخوان ان يستوعب تجربة قياداته في الحكم وان يحسب مالها وما عليها وان يدرك ان فشل الإخوان في إدارة شئون الدولة هو اول اسباب السقوط.. وحتى لو افترضنا ان البعض تآمر عليهم فإن عجز الإمكانيات والقدرات البشرية كان من اهم اسباب فشل التجربة..
هناك اسباب موضوعية كثيرة يمكن لشباب الإخوان ان يتوقفوا عندها في فشل تجربة الإخوان كان من اهمها السعي الى إحكام السيطرة على مؤسسات الدولة وإقصاء تيارات كثيرة ساعدت الإخوان في مشوارهم للوصول الى السلطة ومحاولة فرض صيغة واحدة للجماعة على الوطن كله في الفكر والإدارة وسيطرة مجموعة من الأشخاص من القيادات القديمة على كل شئ دون إتاحة الفرصة امام شباب شارك في الثورة وكان من حقه ان يتصدر المشهد.
ان قيادات الإخوان يمكن ان تنكر ذلك كله ولكن على شباب الإخوان ان يستوعبوا الدرس لأنهم اول ضحاياه.
خامسا: على شباب الإخوان ان يتحرروا من فكر الزوايا وثوابت الكتاتيب وان ينطلقوا بفكرهم الواعي مع إيمانهم العميق فليس هناك تعارض بين الدين والفكر وبين الروح والعقل وامامنا نماذج بشرية كثيرة حررت فكرها وحافظت على يقينها.. اننا مدينون للآباء ولكن ليس الى حد الوصاية.. ونحب ديننا ولكن ليس الى حد الجمود.. ونؤمن بأوطاننا ولا ينبغي ان نتخلى عنها تحت اي شعار.. اننا نحمل عقائدنا في اي مكان نذهب اليه ولكننا لا نملك إلا وطنا واحدا ندور في كل بلاد الدنيا ويبقى السكن والملاذ.
ان ابسط ثوابت الإيمان الا يتصور الإنسان انه افضل من غيره تدينا او عقلا او فكرا فلا أحد منا يعلم مكانته عند خالقه ومن منا يدخل الجنة ومن مصيره للنار, لأن هذه الأشياء اختص الله سبحانه وتعالى بها ذاته العلية وليس من حق احد مهما كان قدره ومكانته ودرجة إيمانه ان يتهم احدا بالكفر او يرى في نفسه الإيمان وحده.. وهذه المشاعر المريضة التي غرسها قادة الإخوان في شبابهم من اكبر الخطايا التي اصابت الأجيال الجديدة بالتعالي والغرور.
سادسا: ان اعظم ما في الدين سماحته واعظم ما في الفكر رحابته واجمل ما في الشباب عشقه للحياة والأشياء والبشر.. ومن الظلم ان يصير الدين في حياتنا عنفا وتعصبا وجهالة وان يصير الفكر سجنا ويصبح الشباب قيدا على احلامنا وعشقنا للحياة.. ان خلايا الإخوان جعلت الإنسان لا يرى شيئا اكثر من رفاق جماعته.. ولا يتجاوز فكره حدود معرفته وقد يكره امام الإحباط الناس والحياة والبشر.. وعلى شباب الإخوان ان يخرجوا من وصاية الأجيال السابقة, فقد اختلف الزمن وتغيرت المفاهيم وعليهم ان يصنعوا حياتهم بفكر جديد ورؤى مختلفة..
لا احد يتمنى ان تخرج فصائل شباب الإخوان على بعضها ولكن ينبغي ان تحافظ على وحدتها وان تختلف ما شاءت بالحوار والرأي والمشورة مع نفسها ومع الآخرين.. في صفوف شباب الإخوان الأن اكثر من جماعة واكثر من إتجاه, وهذا في حد ذاته إثراء لفكرهم.. هناك تحالف شباب الإخوان.. واحرار الإخوان.. وشباب ضد العنف.. وجبهة إصلاح الإخوان ونبض شباب الإخوان.. ومنتدى شباب الإخوان, وهذه الاتجاهات جميعها ينبغي ان يجمعها شئ واحد هو الحرص على امن هذا الوطن واستقراره ولن يكون ذلك بالدعوة للعنف او تخريب مؤسسات الدولة.
ان مستقبل مصر امانة في يد شبابها واجيالها المختلفة ومن حق هذه الأجيال ان تعيش زمانها وتجاربها وتحقق احلامها.. لا ينبغي ان تتحول هذه التيارات في شباب الإخوان الى قوى متصارعة ولكن يجب ان تتوحد كلمتها وإرادتها لتقديم فكر اكثر وعيا ودين اكثر تسامحا وان تدين العنف بكل الوانه..
وهنا اقترح على التيارات السياسية الأخرى ان تفتح صفحة جديدة مع شباب الإخوان وان يسعى شباب تمرد الى لقاءات دائمة مع فصائل تجرد واحرار الإخوان وشباب ضد العنف وان تعود الى هذه القلوب البريئة مشاعر ثورة يناير التي وحدتهم في الزمان والمكان والحلم.. وعلى قيادات الإخوان ان يراجعوا ضمائرهم ويسمعوا صوت الحقيقة فيعترفوا بأخطائهم وإذا كنا نرث شيئا من ابائنا فينبغي الا يكون ميراثا ثقيلا ومشوها وسيئا وليس هناك اسوأ من العنف ميراثا ولا اسوأ من الخراب جريمة.. ان شباب الإخوان جزء عزيز من شباب مصر, وعلينا جميعا ان نحافظ عليه ونأخذ بيده ليكون شريكا في صنع مستقبل يليق بمصر الشعب والثورة والمستقبل.
..ويبقى الشعر
يا عاشق الصبح وجه الشـمس ينشطر
وأنجم العمر خلف الأفق تنتحــــــر
نهفـو إلي الحلم يحبو في جوانحنـــــا
حتـي إذا شب يكـبو. ثم يندثـــــــر
ينـساب في العين ضوءا. ثم نلمحه
نهرا من النار في الأعماق يسـتعـر
عمر من الحزن قد ضاعت ملامحـه
وشردتـه المني واليأس. والضجـر
مازلت أمضي وسرب العمر يتبعني
وكلـما أشتد حلم. عاد ينكســــــــر
في الحلم موتي. مع الجلاد مقصلتي
وبين موتي وحلمي. ينـزف العـمـر
إن يحكـم الجهل أرضا كيف ينقذها
خيط من النـور وسط الليل ينحسـر؟
لن يطلع الفجر يوما من حناجرنـا
ولن يصون الحمي من بالحمي غدروا
لن يكـسر القيد من لانت عزائمــه
ولن ينال العلا. من شلــه الحـــــــذر
ذئب قبيح يصلـي في مساجدنــــا
وفوق أقـداسنـا يزهـــــــو. ويفتخـــــر
قد كان يمشي علي الأشلاء منتشيا
وحوله عصبة الجـــــرذان تأتــــمــــر
من أين تأتي لوجه القـبح مكـرمــــة
وأنهر الملح هل ينـمو بها الشجـــــــر؟
القاتل الوغـد لاتحميه مسبحـــــــة
حتي إذا قــام وسط البيت يعتمــــــــــر
كم جاء يسعي وفي كفيه مقصلـــة
وخنـجــر الغدر في جنبيه يســـتتـــــــر
في صفقة العمر جلاد وسيـــــــده
وأمة في مزاد المــوت تنتحـــــــــــــر
يعقــوب لاتبتئس. فالذئـب نعرفـه
من دم يوسف كل الأهــل قد سكـــروا
أسماء تبكي أمـــام البيـــت في ألم
وابن الزبير علي الأعنــاق يحتضـــر
أكاد ألمح خلــــف الغيب كارثــــة
وبحر دم علي الأشلاء ينـهمـــــــــــــر
يوما سيحكي هنا عن أمـــة هلكـت
لم يبق من أرضها زرع. ولاثمــــر
حقت عليهم من الرحمــن لعنتــــه
فعنـدما زادهم من فضله. فجـــــــروا
يا فارس الشعر قل للشعـر معذرة
لن يسمع الشعر من بالوحي قد كفروا
واكتب علي القبر: هذي أمة رحلت
لم يبق من أهـلها ذكر. ولا أثــــــــــر
قصيدة كانت لنا اوطان سنة 1997