تعدي نابليون على سوريا :

لما رأى نابليون أن مركزه أصبح مهدّداً بمصرا تفكر في أن في استيلائه على سوريا فرجا وقوّة سيماوان من استولى على إحدى البلادين لا بد له من الاستيلاء على ثانيتهما فخرج في رمضان من سنة 1213هـ-1799م بجيش عدده ثلاثة عشر ألف مقاتل واستولى على العريش ثم تقدّم واستولى على غزة بغير قتال وبعد أن حاصر يافا سبعة أيام استولى عليها وأسر منها ألفي عسكري من الأرنؤد الذين قاتلوا جيش الفرنساويين بشهامة غريبة فأمر نابليون بقتلهم جميعاً رمياً بالرصاص خارج البلد فكانوا يخرجونهم فرقة بعد فرقة للقتل ومن هذا الفعل الفظيع المخالف لقوانين الحرب والإنسانية يتأكد المطالع ما كانت عليه حالة الحروب في ذلك الوقت.

ثم تقدّم بجيشه إلى عكا وحاصرها براً وهدم أكثر بروجها واستحكاماتها بمدافعه وكان المدافع عن عكا أحمد باشا الجزار البطل الشهير وفي هذه الأثناء قبض الغليونان الانكليزيان المعينان لخفر سواحل الشام تحت قيادة الأميرال سدني سمث على سفينة فرنساوية تحمل كثيراً من المهمات الحربية لنابليون وسلمها لجنود عكا وكانت إعانة للجيوش العثمانية على أعدائهم ولما وصلت الامدادات للفرنسويين بعد أيام أمكنهم كسر جيش الشام بجهة جبل طابور الذي أتى لقتالهم وتمكنوا أيضاً من أن يمنعوا الامداد عن العثمانيين الذين بعكا ثم أخذوا يهاجمونها المرة بعد الأخرى حتى تمكنوا من الدخول فيها.

إلا أنهم لم يلبثوا برهة حتى قاومتهم الجنود العثمانية أشد المقاومة فتقهقر الفرنساويون من إمامهم تاركين مدافعهم ومعداتهم وفي خلال هذه الحوادث وصلت الدوننما العثمانية وكانت مركبة من سبعين سفينة حربية بها 12000 من الجنود النظامية تحت قومندانية مرابط زاده حسين باشا الرودسي وأخرجت ذلك الجيش وذخائره إمداداً لعكا ثم تقدّم هذا الجيش ورد جيش نابليون واقتفى العثمانيون بشجاعتهم أثره حتى متاريسه وهجمت الفرنساويون في هذه المحاصرة ثمان مرات وهجم العثمانيون عليهم ثلاث عشرة مرة وأظهرت عساكر الفريقين شجاعة غريبة وإقداماً عجيباً.