و جـــآء أبو بكـــــــــر ||
يا أبا بكر ....
يا خليفة رسول الله ..
إذا أذنـــــت لي في هذه الكلمات ، أكتبها عنك ،فتقبل يا _ ثاني اثنين _ إهداءها ..

~.~ ليبلغن الكتاب أجلـه ~.~
مكـة..
البلد الحرام الذي تتوسطه الكعبة ، موطن القداسات منذ رفع ابراهيم القواعد من البيت و اسماعيل .. تمضي الحياة فيها لافحة مثل مناخها ..راسخة مثل جبالها .. حالمة مثل سمائها. و أهلها عاكفون على عقائد و تقاليد تسمو أحيانا حتى تبلغ أوجا بعيدا ... و تسف أحيانا حتى تبعث على السخرية و الرثاء !!
و هنا حول الكعبة اللات و العزى و مناة و هناك أساف و نائلة و هبل .... أصنام مبثوثة لا تسمع و لا تبصر و لا تغني عن أحد شيئا ،، عبدها الناس في بكة لتقربهم من الله زلفى ..!!
هل ضاعت الحنيفية المؤمنــــة الموحدة ،،وسط الوثنية الطارئة ؟؟
كان هناك عبر السنين و الأجيال هداة يبزغون بين الحين و الحين ، يلوحون براية ابراهيم و ينتظرون قدوم المخلص المنتظر ،، كثيرون نعرفهم و منهم من لا نعرفهم ، فمن الأولين سويد بن عامر المصطلقي و عامر بن الظرب العدواني و هناك أيضا ورقة بن نوفـــــل ،،

في ضياء حكمتهم الوثقى ،وهداهم المكين أبصرت روح الصديـق رضي الله عنه ،، فكانت لكلماتهم وقع على نفس هذا الرجل الذي يشغل بين قومــــــه مكانة مرموقة ، كان أبا بكرإذا مر بعبدة الأصنام حول الكعبة تكسو وجهه سحابة أسف مرير ، فيفكر فيما يمكن أن يلحق به من ضر إذا هو خرج عن الصفوف المزدحمة كما فعل ورقة بن نوفل . فكيف بأبي بكر و علاقته نامية و مشحوذة مع الجماعة أن تأذن له قريش و لو في مجرد انطوائه على أحلامه الجديدة و رؤيـآه الصامته



و قبل أن يطول التردد بأبي بكر ، تلتمع خواطره فيرى القدوة و المثل ...محمد ابن عبد الله ...
فأبو بكر و إن يكن تجمعه و محمدا سن واحدة ، فإنه يرى فيه مثلا أعلى و قدوة تدعو إلى الثقة ..
إن منهج محمد هو التأمل و الاصغاء إلى الهمس الآتي من داخل الحقيقة ذاتها ،
أما أبو بكر فمنهجه التفكر و الإصغاء لحكمة الحكماء و منطق العابدين المبصرين ....
و أسلم أبو بكر و آمـن برسالة الاسلآم التي جاء بها صفيه محمد ابن عبد الله ،،
و تمضي الأيام بالخليلين و الصديقين محمد و أبا بكر
و عاد المشهد كله يزحم خواطر أبا بكر .. فهاهي ذي بطون قريش كلها تتحول إلى شيع متربصة تقسم كل شيعة ليكون لها دون سواها شرف رفع الحجر المقدس إلى مكانه .
و يحتدم الخلاف و يبلغ ذروته ،، و يشير أمية بن المغيرة أكبر قريش يومئذ سنا على الناس أن يحكموا بينهم أول قادم يرتضون حكمه

يترقب الجميع مليا و في صمت رهيـب لا يسمع خلاله إلا صوت الدم في الأوردة و العروق !!

و فجأة يسمعون وقع خطوات ، كأنها نداء النجدة ..
و يقترب المنقذ ، إنه محمد الأميـن ، نعم الملاذ فيتمتم أبا بكر فيقول لنفسه أجل كان نعم الحكم و نعم الملاذ
و قال الأميـن : هلموا إلي بثوب
فجاؤوا بثوب ووضع فيه الحجر ثم نادى : لتأخذ كل قبيلة بطرف من الثوب ثم ارفعوه جميعا فاستجابوا له حتى اقترب الحجر من موضعه فأخذه محمد بيده فأرساه مكانه ....

و عاد أبو بكر يسأل نفسه : رجل يرد إلى قريش نهاها و يعطيهم من السلام و اليقين ،، مثلما أعطاهم محمد يوم كاد خلافهم حول الحجر الأسود يفنيهم في معركة مجنونة ..؟!!
و استجاشت الذكرى السعيدة كل الابتهالات ، و النبوءات التي طالما سمعها من قس و زيد وورقة بن نوفل ..

و اقترب مشهد فريد ، ظل يقترب و يكبر حتى ملأ الشاشة كلها ..
مشهد قس بن ساعدة و هو قائم بين الناس ملوحا بذراعه المبسوط في الأفق كأنها راية و يقول : يقسم قس بربه ليبلغن الكتاب أجله ، وودع أبو بكر موكب ذكرياته و هو يتمتم في يقين قائلا :
صدق ابن ساعدة
~.~ ليبلغن الكتاب أجله ..!!~.