مبادئ التأريخ النسبي للصخور principles of relative dating







يعتمد التأريخ النسبي على مبادئ عدة في تأريخ الأحداث الجيولوجية؛ فبوساطته يتم ترتيب الطبقات ترتيباً زمنياً من الأقدم إلى الأحدث؛ أي أيهما حدث أولاً وأيهما حدث لاحقاً؛ لكنه لا يعطينا عمراً محدداً لحدث ما .. بمعنى أنه لا يحدد متى وقعت هذه الحوادث، وكم من الوقت انقضى على حدوثها.

وثمة مجموعة من الأسس والمبادئ اعتبرت أسساً للتأريخ النسبي، وهي:

1- مبدأ تعاقب الطبقات (principle of superposition)

وضع هذا المبدأ العالم الإيطالي ستينو وينص على أنه في أي تعاقب طبقي للصخور الرسوبية تكون كل طبقة أحدث من الطبقة التي تقع أسفلها، وأقدم من الطبقة التي تعلوها وبالتالي فإن الطبقات الأقدم تكون في الأسفل، والطبقات الأحدث تكون في الأعلى.
الشكل (7-1): طبقات رسوبية متعاقبة

(على أن لا تكون هذه الطبقات قد تعرضت لقوى أدت إلى تغيير نظام تعاقبها الأصلي).

انظر الشكل (7-1)؛ ثم اذكر اسم الطبقة الأقدم فيه، واذكر اسم الطبقة الأحدث.


الشكل (7-2): طبقات مطوية

وَوَفْقَ هذا المبدأ، يستطيع الجيولوجي في الميدان تأريخ الصخور الرسوبية تأريخاً نسبياً؛ أي ترتيب الطبقات الصخرية ترتيباً زمنياً بالنسبة لبعضها بعضاً. لكن هل يستطيع استخدام هذا المبدأ في جميع الحالات؟

لمعرفة ذلك، تأمل الشكل (7-2) الذي يظهر طبقات صخرية قد قُلِبَتْ، وبذلك تغير نظام تعاقبها الأصلي؛ فأصبحت الطبقات العلوية هي الأقدم والطبقات السفلية هي الأحدث. لذلك توجد محاذير في استخدام مبدأ تعاقب الطبقات تقتضي من الجيولوجي أخذ الحيطة والحذر عند استخدامه.

2- مبدأ الترسيب الأفقي (principle of original horizontality)

ومفاده ببساطة أن الصخور الرسوبية بشكل عام تترسب أصلاً في وضع أفقي أو شبه أفقي، اعتماداً على أن معظم الترسيب الأفقي يحدث في قاع البحر. ونتيجة لذلك يمكن أن نعرف أن أي تعاقب صخري به ميل أو طيات لابد وأن يكون قد تأثر بعمليات تكتونية أوتشويهية تلت علمية التريب.

ولنأخذ مثالاً على ذلك الشكل (7-3) إذا تأملنا الشكل الأيمن نجد أولاً تعاقباً رسوبياً مكوناً من (أ) إلى (هـ) ، تعرض لعمليات طي، وبعد ذلك علميات حت أنتجت السطح (و)؛ ثم أعقب ذلك ترسيب الطبقة (ي ) في وضع أفقي. أما التعاقب (أ –د) في الشكل الأيسر فقد تعرض لعمليات تكتونية أدت به إلى الوضع المائل، وتلا ذلك ترسيب الطبقة (و) في وضع أفقي. والآن كيف ترتب التاريخ الجيولوجي؛ أي الأحداث التي مرت بها المنطقتان وأنتجت السطحين (و،هـ)؟ ما اسم هذه الأسطح؟ لقد مرت المنطقتان بالأحداث الجيولوجية الآتية:

• ترسب الطبقات من (أ –هـ) و(أ-د) في المنطقتين أفقياً؟

• تصلبت هذه الطبقات وأصبحت صخوراً.

• تعرضت المنطقة في الشكل الأيمن إلى عمليات تكتونية (بنائية) أدت إلى طيها؛ كما تعرضت المنطقة في الشكل الأيسر إلى
عمليات تكتونية أدت إلى ميل طبقاتها.

• ارتفعت الصخور فوق سطح الأرض، وتعرضت لعمليات الحت التي انتجت سطحي عدم التوافق (و،هـ)

• ثم غمرت المنطقتان بمياه البحر وترسبت فوقهما أفقياً الطبقات (ي)، (و).



3- مبدأ تعاقب الحياة (تعاقب المجموعات الحيوانية والنباتية) (principle of faunal and floral succession)
الشكل (7-4): رقي في الرأسقدميّات.

أشرنا سابقاً إلى أن الأحافير تستعمل أدلة على العمر الجيولوجي للصخر، ولأغراض المضاهاة بين الطبقات. لكن على ماذا يعتمد ذلك؟ يعتمد ذلك على ظاهرة تغير أنواع الحياة وتطورها مع الزمن؛ إذ لا توجد أنواع من الكائنات الحية استمر وجودها فترات زمنية طويلة، سوى بضعة كائنات لا تتعدى أصابع اليد؛ إضافة إلى الرقي في النوع الواحد.

ويمكن إعطاء مثال واضح على الرقي التدريجي للحياة مع الزمن واحتفاالصخور المتعاقبة بهذا الرقي؛ وبالتالي تقسيم الزمن الجيولوجي كما في الشكل (7-4).

ففي التغير في طائفة الرأسقدميات، نلاحظ أنم هذه الطائفة حدث لأنواعها تغير في صفاتها مع تقدم الزمن؛ فتغير درجة الالتفاف من مخروط مستقيم إلى مخروط منحنٍ إلى مخروط حلقي، وأكثرها التفافاً هي صفة لمخروط النوتيلس (الحبار) الذي يعيش حالياً في البحار.

نستنتج مما سبق أن الطبقات المختلفة الممثلة لأزمنة جيولوجية متعاقبة تحتوي على أحافير لأنواع محددة من الحيوانات أو النباتات تمثل المراحل المتعاقبة التي مرت بها الحياة في أثناء تاريخ الأرض. وهذا يعني أن كل طبقة تتميز بظهور حياة بأنواع جديدة لم تكن موجودة في الطبقات الأقدم، واختفاء حياة لأنواع كانت موجودة في الطبقات الأقدم. وقد عبر عن هذه الحقيقة العالم البريطاني وليم سميث على النحو الآتي: كل طبقة أو مجموعة طبقات من الصخور الرسوبية تحتوي على أحافير محددة من الحيوانات والنباتات تختلف عن تلك الموجودة في الطبقات الأقدم والأحدث فيها.