محتويات ذات صلة
أنس زكي-القاهرة
رغم انشغال مصر بالتطورات الداخلية المتلاحقة للمرحلة الانتقالية التي
تمر بها بعدما أطاحت ثورة 25 يناير/كانون الثاني الماضي بالرئيس السابق
حسني مبارك ، فقد بدا واضحا أن القاهرة ترغب في استعادة دورها الخارجي
والإقليمي الذي تراجع كثيرا خلال عهد مبارك وخصوصا سنواته الأخيرة
.
وبالتوازي مع إرهاصات مصرية بالاتجاه جنوبا بهدف إعادة بناء علاقات قوية
ودور مؤثر في جوارها وعمقها الأفريقي، فإن سياسة مصر تجاه الشرق -حيث
القضية الفلسطينية- شهدت تطورات تبشر بدور قوي يدفع باتجاه دعم هذه القضية
التي كانت لسنوات طوال الأولى على قائمة الاهتمامات العربية والإسلامية
.
فبعد سنوات من الفشل والتعثر نجحت القاهرة في رعاية صفقة تبادل الأسرى
التي أبرمتها حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) مع إسرائيل، وتم بموجبها
الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية مقابل الجندي
الإسرائيلي جلعاد شاليط، ثم بعد أسابيع قليلة احتضنت القاهرة اجتماعا
تاريخيا ضم الفصائل الفلسطينية التي اتفقت على آلية لتنفيذ اتفاق المصالحة
وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية
.
لكن اللافت أن التحركات المصرية في هذا الشأن ظلت تتم عن طريق جهاز
المخابرات العامة الذي احتكر ملف التعامل مع حركة حماس طوال عهد مبارك،
بعيدا عن وزارة الخارجية التي يفترض أنها الجهاز الرئيسي في إدارة علاقات
الدولة مع الجهات الخارجية
.
المكان الطبيعي
واعتبرت أصوات مصرية أن التغيير الذي شهدته البلاد
برحيل مبارك كان يقتضي أن يعود ملف التعامل مع حماس -التي نالت ثقة
الفلسطينيين في الانتخابات التي جرت عام 2006، ثم سيطرت على قطاع غزة بعد
الخلاف مع السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح في الضفة الغربية- إلى
مكانه الطبيعي وهو وزارة الخارجية المصرية
.
ومع الإقرار بالجهد الذي بذلته المخابرات المصرية خصوصا على صعيد صفقة
تبادل الأسرى وإنجاز المصالحة، فقد اعتبر القيادي بجماعة الإخوان المسلمين
جمال حشمت أن هذا وضع غير صائب بعد الثورة، مؤكدا أن "الملفات يجب أن تعود
لأصحابها" وأن التعامل مع حماس يجب أن يتم عبر الوسائل الطبيعية وهي
القنوات الدبلوماسية وليست الجهات الأمنية
.
واعتبر حشمت -في تصريحات للجزيرة نت- أن استمرار هيمنة المخابرات على
ملف التعامل مع حماس يمثل نتيجة متوقعة في ظل استمرار المجلس العسكري على
قمة السلطة في مصر، حيث وصف هذا المجلس بأنه امتداد طبيعي للرئيس المخلوع
مبارك
.
مكافأة حماس
ومن جانبه، فقد أقر مدير الدراسات الفلسطينية
إبراهيم الدراوي بأن الجانب الأمني يحتل أهمية كبيرة في نظرة مصر إلى
حدودها الشرقية نظرا إلى وجود إسرائيل، لكنه اتفق مع حشمت في أن القنوات
الدبلوماسية الممثلة في وزارة الخارجية هي المناط الطبيعي لأي علاقات
خارجية، معربا عن اعتقاده بأن التعامل المصري مع حماس يجب أن يكون ذا عنوان
سياسي دون إغفال للجانب الأمني
.
وفي حديثه للجزيرة نت، استغرب الدراوي تجاهل الجهات الرسمية في مصر
استقبال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة إسماعيل هنية خلال
زيارتين قام بهما إلى القاهرة مؤخرا، حيث تم التعامل معه كقيادي في حماس لا
كرئيس حكومة، وقال إن القاهرة كان يجب أن تكافئ حماس التي ساعدتها في
تحقيق أكبر إنجازين خارجيين لمصر والثورة وهما التوسط في صفقة
شاليط ثم في اتفاق تنفيذ المصالحة الفلسطينية
.
وأضاف الدراوي أن مبارك أسند ملف حماس للمخابرات انطلاقا من رغبته
الدائمة في تحجيم القوى الإسلامية، مطالبا المسؤولين في مصر حاليا بإدراك
أن حماس ليست مجرد حركة مقاومة وإنما هي حركة سياسية وحركة نهضة وبناء
وتطور، ولم تمثل أي خطر على مصر سواء في عهد مبارك أو بعد الثورة
.
السيادة المصرية
في المقابل، فإن الخبير العسكري اللواء سامح سيف
اليزل، ينظر للأمر بصورة أخرى ويرى أن التعامل المصري مع ملف حماس ليس في
يد المخابرات وحدها وإنما تتعاون فيه الكثير من الأجهزة، شأنه في ذلك شأن
الملفات الأخرى، لكن المخابرات تظهر في الصورة أكثر بسبب توليها كثيرا من
الترتيبات عند التواصل بين الجانبين
.
وفي تصريحات للجزيرة نت، رفض سيف اليزل وهو مدير مركز الجمهورية
للدراسات الأمنية، القول بأن إسناد ملف التعامل مع حماس للمخابرات المصرية
يمثل نوعا من الضغط على حماس وغزة، وقال إن الأمر يتعلق بسيادة الدولة، ومن
حق مصر أن تسند متابعة الملفات للجهات التي تراها ومن بينها المخابرات،
مؤكدا أن هذا يحدث في تعاملات مع دول وجهات أخرى
.
وقال اليزل إنه لا يعتقد أن هذا الأمر كان مرتبطا بشخص الرئيس السابق
مبارك، ومع ذلك فإنه لم يستبعد أن يتغير هذا الأمر مستقبلا، قائلا إنه
مرهون بأن ترى الحكومة المقبلة أن هذا التغيير يصب في مصلحة مصر.
- تكبير الصورةحماس بين مخابرات مصر وخارجيتها
أنس زكي-القاهرة
رغم انشغال مصر بالتطورات الداخلية المتلاحقة للمرحلة الانتقالية التي
تمر بها بعدما أطاحت ثورة 25 يناير/كانون الثاني الماضي بالرئيس السابق
حسني مبارك ، فقد بدا واضحا أن القاهرة ترغب في استعادة دورها الخارجي
والإقليمي الذي تراجع كثيرا خلال عهد مبارك وخصوصا سنواته الأخيرة
.
وبالتوازي مع إرهاصات مصرية بالاتجاه جنوبا بهدف إعادة بناء علاقات قوية
ودور مؤثر في جوارها وعمقها الأفريقي، فإن سياسة مصر تجاه الشرق -حيث
القضية الفلسطينية- شهدت تطورات تبشر بدور قوي يدفع باتجاه دعم هذه القضية
التي كانت لسنوات طوال الأولى على قائمة الاهتمامات العربية والإسلامية
.
فبعد سنوات من الفشل والتعثر نجحت القاهرة في رعاية صفقة تبادل الأسرى
التي أبرمتها حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) مع إسرائيل، وتم بموجبها
الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية مقابل الجندي
الإسرائيلي جلعاد شاليط، ثم بعد أسابيع قليلة احتضنت القاهرة اجتماعا
تاريخيا ضم الفصائل الفلسطينية التي اتفقت على آلية لتنفيذ اتفاق المصالحة
وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية
.
لكن اللافت أن التحركات المصرية في هذا الشأن ظلت تتم عن طريق جهاز
المخابرات العامة الذي احتكر ملف التعامل مع حركة حماس طوال عهد مبارك،
بعيدا عن وزارة الخارجية التي يفترض أنها الجهاز الرئيسي في إدارة علاقات
الدولة مع الجهات الخارجية
.
المكان الطبيعي
واعتبرت أصوات مصرية أن التغيير الذي شهدته البلاد
برحيل مبارك كان يقتضي أن يعود ملف التعامل مع حماس -التي نالت ثقة
الفلسطينيين في الانتخابات التي جرت عام 2006، ثم سيطرت على قطاع غزة بعد
الخلاف مع السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح في الضفة الغربية- إلى
مكانه الطبيعي وهو وزارة الخارجية المصرية
.
ومع الإقرار بالجهد الذي بذلته المخابرات المصرية خصوصا على صعيد صفقة
تبادل الأسرى وإنجاز المصالحة، فقد اعتبر القيادي بجماعة الإخوان المسلمين
جمال حشمت أن هذا وضع غير صائب بعد الثورة، مؤكدا أن "الملفات يجب أن تعود
لأصحابها" وأن التعامل مع حماس يجب أن يتم عبر الوسائل الطبيعية وهي
القنوات الدبلوماسية وليست الجهات الأمنية
.
واعتبر حشمت -في تصريحات للجزيرة نت- أن استمرار هيمنة المخابرات على
ملف التعامل مع حماس يمثل نتيجة متوقعة في ظل استمرار المجلس العسكري على
قمة السلطة في مصر، حيث وصف هذا المجلس بأنه امتداد طبيعي للرئيس المخلوع
مبارك
.
مكافأة حماس
ومن جانبه، فقد أقر مدير الدراسات الفلسطينية
إبراهيم الدراوي بأن الجانب الأمني يحتل أهمية كبيرة في نظرة مصر إلى
حدودها الشرقية نظرا إلى وجود إسرائيل، لكنه اتفق مع حشمت في أن القنوات
الدبلوماسية الممثلة في وزارة الخارجية هي المناط الطبيعي لأي علاقات
خارجية، معربا عن اعتقاده بأن التعامل المصري مع حماس يجب أن يكون ذا عنوان
سياسي دون إغفال للجانب الأمني
.
وفي حديثه للجزيرة نت، استغرب الدراوي تجاهل الجهات الرسمية في مصر
استقبال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة إسماعيل هنية خلال
زيارتين قام بهما إلى القاهرة مؤخرا، حيث تم التعامل معه كقيادي في حماس لا
كرئيس حكومة، وقال إن القاهرة كان يجب أن تكافئ حماس التي ساعدتها في
تحقيق أكبر إنجازين خارجيين لمصر والثورة وهما التوسط في صفقة
شاليط ثم في اتفاق تنفيذ المصالحة الفلسطينية
.
وأضاف الدراوي أن مبارك أسند ملف حماس للمخابرات انطلاقا من رغبته
الدائمة في تحجيم القوى الإسلامية، مطالبا المسؤولين في مصر حاليا بإدراك
أن حماس ليست مجرد حركة مقاومة وإنما هي حركة سياسية وحركة نهضة وبناء
وتطور، ولم تمثل أي خطر على مصر سواء في عهد مبارك أو بعد الثورة
.
السيادة المصرية
في المقابل، فإن الخبير العسكري اللواء سامح سيف
اليزل، ينظر للأمر بصورة أخرى ويرى أن التعامل المصري مع ملف حماس ليس في
يد المخابرات وحدها وإنما تتعاون فيه الكثير من الأجهزة، شأنه في ذلك شأن
الملفات الأخرى، لكن المخابرات تظهر في الصورة أكثر بسبب توليها كثيرا من
الترتيبات عند التواصل بين الجانبين
.
وفي تصريحات للجزيرة نت، رفض سيف اليزل وهو مدير مركز الجمهورية
للدراسات الأمنية، القول بأن إسناد ملف التعامل مع حماس للمخابرات المصرية
يمثل نوعا من الضغط على حماس وغزة، وقال إن الأمر يتعلق بسيادة الدولة، ومن
حق مصر أن تسند متابعة الملفات للجهات التي تراها ومن بينها المخابرات،
مؤكدا أن هذا يحدث في تعاملات مع دول وجهات أخرى
.
وقال اليزل إنه لا يعتقد أن هذا الأمر كان مرتبطا بشخص الرئيس السابق
مبارك، ومع ذلك فإنه لم يستبعد أن يتغير هذا الأمر مستقبلا، قائلا إنه
مرهون بأن ترى الحكومة المقبلة أن هذا التغيير يصب في مصلحة مصر.