السلام عليكم و رحمة الله وبركاته ..


منذ زمن و أنا أعشق الشعر و لكن لم أكن أجيد كتابته ..
و منذ زمن و أنا اهوى سماع الشعر و أقرأ بعض الدواوين
و أكثر ما تعلق في داخلي من كلمات و قوة للمعاني كان ديوان
الشاعر جميل بثيه .. فهو يعني كل معاني الحب و يعني كل معاني الوفاء و كل معاني الإخلاص
بإختصار إنه الشاعر الوحيد الذي له تتراقص مع الأحاسيس و المشاعر ..
فأحببت أن أطرح لكم بعض روائع هذا الشاعر ..


هو جميل بن عبدالله بن معمر العذري القضاعي, نسبة إلى عذرة وهي بطن من قضاعة. شاعر
من عشاق العرب, افتتن ببثينة بنت حيان بن ثعلبة العذرية, من فتيات قومه. خطبها
إلى أبيها فرده وزوجها من رجل آخر. كان له معها أخبار تناقلها الناس, وقال فيها شعرا
يذوب رقة. أكثر شعره في النسيب والغزل والفخر وأقله في المديح. قصد جميل
مصر وافدا على عبد العزيز بن مروان، فأكرمه عبد العزيز وأمر له بمنزل, فأقام
قليلا ومات ودفن في مصر, ولما بلغ بثينة خبر موته حزنت عليه حزنا شديدا وأنشدت:

وإن ســلوي عــن جـميل لسـاعة * * * مـن الدهـر مـا حانت ولا حان حينها
سـواء علينـا, يـا جـميل بـن معمر, * * * إذا مــت بأســاء الحيــاة ولينهـا




مرتبة حسب القوافي


قافية الهمزة


أتاركتي للموت أنت فميّت * * * وعندكِ لي، لو تعلمين، شفاء

____________________ ____________________


لقد أورَثَتْ قلبـي وكان مصحـحـا * * * بثينـةُ صدغا يـوم طار رداؤهـا
إذ خَطَرَتْ من ذكر بـثـنـة خطرةٌ * * * عصتني شؤون العين فانهلّ ماؤها
فإن لم أزرها عادني الشوق والهوى * * * وعاود قلـبـي من بثينـة داؤها
وكيف بنفـس أنتِ هيّجتِ سقمهـا * * * ويمنع منها يـا بثيـن شفـاؤهـا
لقد كنت أرجـو أن تجـودي بنائل * * * فأخلف نفسـي من جداك رجاؤهـا
فلو أن نفسـي يا بثيـن تطيعـني * * * لقد طال عنكم صبرهـا وعزاؤهـا
ولكن عصتـني واستبدّت بأمرهـا * * * فأنتِ هـواهـا يا بثيـن وشاؤها
فأحيي –هداك الله- نفسـاً مريضةً * * * طويـلاً بكم تهْيامُها وعـنـاؤهـا
وكم وَعَدَتْنا من مواعد –لو وفـت * * * بوأيٍ- فلم تنجَزْ قليـلٍ غنـاؤهـا
وكم لي عليها من ديـونٍ كثيـرةٍ * * * طويـلٍ تقاضيهـا بطيءٍ قضاؤهـا
تجـود بـه في النّـوم غير معرّدٍ * * * ويحـزن أيقاظـاً عليها عطاؤهـا


قافية الباء


وأول ما قاد المـودّة بينـنـا * * * بوادي بغيضٍ يا بثين سِبابُ
وقلت لها قولاً ، فجاءت بمثله * * * لكل كـلامٍ يا بثيـن جوابُ


____________________ ____________________


ألا أيّها النـوّام وَيْحَـكُمُ هُبّوا * * * أُسائِلُكُمْ هل يَقْتُلُ الرّجلَ الحُبُّ؟
فقالوا : نعم حتّى يَسُلَّ عظامه * * * ويتركه حيـران ليس له لُـبُّ

____________________ ____________________


أعاتب من يحلو لديّ عتابه * * * وأترك من لا أشتهي وأجانبه


____________________ ____________________


ارحميني فلقد بليت فحسبي * * * بعض ذا الدّاء يا بثينة حسبي
لامني فيك يا بثينة صحبي * * * لا تلوموا لقد أقرح الحب قلبي
زعم النـاس أن دائي طبّي * * * أنـتِ والله يا بثيـنـة طبّي

____________________ ____________________



وقالوا: يا جميل أتى أخوها * * * فقلت أتى الحبيبُ أخو الحبيبِ


قافية التاء



حلفـت يمينـا يا بثينـة صادقـا * * * فإن كنت فيها كاذبـا فَعَميتُ
إذا كان جلـد غير جلـدكِ مسّني * * * وباشرني دون الشّعار شريتُ
حلفـت لهـا بالبدن تدمى نحورها * * * لقد شَقِيَتْ نفسي بكم وعنيتُ
ولو أن راقي الموت يرقي جنازتي * * * بمنطقها في الناطقين حييتُ

____________________ ____________________


وما بكتِ النساء على قتيلٍ * * * بأشرفَ من قتيل الغانياتِ


قافية الحاء



حلفت لكي تعلمن أني صادق * * * وللصدق خير في الأمور وأنجح



لتكليم يـوم من بثينـة واحد * * * ورؤيتهـا عندي ألـذ وأملـح
من الدهر لو أخلو بكنّ وإنما * * * أعالج قلبـا طامحا حين يطمح

____________________ ____________________

أظل نهـاري لا أراهـا وتلتقي * * * مع الليل روحي في المنام وروحها
فهل لي في كتمان حبي راحة ؟ * * * وهل تنفعني بوحـة لو أبـوحهـا



قافية الدال




يكاد فضيض الماء يخدش جلدها * * * إذا اغتسلت بالماء من رقة الجلد


____________________ ____________________

فلا تكثرا لومي، فما أنا بالذي * * * سننت الهوى في الناس أو ذقته وحدي


____________________ ____________________


ونغّص دهر الشّيب عيشي ولم يكن * * * ينغّصه إذ كنت والرأس أسود
نخصّ زمـان الشّيـب بالذّم وحده * * * وأي زمـان يا بثينـة يحمـد


قافية الراء


لا والذي تسجد الجباه له * * * ما لي بما دون ثوبها خبر
ولا بفيها ولا هممت بـه * * * ما كان إلا الحديث والنّظر

____________________ ____________________


أقلّب طرفي في السّماء لعله * * * يوافق طرفي طرفها حين تنظر

____________________ ____________________


إني عشيّة رُحْتُ وهي حزينة * * * تشكو إليّ صبابة لصبور
وتقول: بِتْ عندي فديتك ليلة * * * أشكو إليك فإنّ ذاك يسير
غرّاء مبسـام كأن حديثهـا * * * درّ تحدّر نظمـه منثـور
لا حسنها حسـنٌ ولا كدلالها * * * دلٌّ ولا كوقارها توقيـر


____________________ ____________________

ألا قاتل الله الهوى كيف قادني * * * كما قيد مغلول اليدين أسير


____________________ ____________________


وكان التفرّق عند الصباح * * * عن مثل رائحة العنبر
خليـلان لم يقربا ريبـة * * * ولم يستخفا إلى المنكر

____________________ ____________________


يقولـون: مسحـور يجنّ بذكرها * * * فأقسم ما بي من جنون ولا سحر

قافية الهاء


خليليّ إن قالـت بثينـة : ما له * * * أتانا بلا وعدٍ؟ فقولا لها : لها
أتى وهو مشغولٌ لعظـم الذي به * * * ومن بات يرعى السّها سهـا
بثينة تزري بالغزالة في الضحى * * * إذا برزت لم تبث يوما بِها بَها
لها مقلة كحـلاء نجـلاء خلقة * * * كأن أباها الظّبي أو أمّها مهـا
دهتني بودّ قاتـل وهـو متلفي * * * وكم قتلت بالودّ من ودّها دها







ختاماً هذه بعض ما وجدت من ديوانه الرائع ..
و أعذروني أن كان بين الأسطر ما أزعجكم ..