لسؤال:
عندما يدعو الإمام في صلاة الفجر يقول من جملة دعائه (اللهم كن للمسلمين حافظا وناصرا وأمينا ) بعد الصلاة احتج أحد المصلين على كلمة أمينا وقال كيف تطلب من الله أن يكون أمينا وهو الله رب العالمين فهل في هذا الدعاء وهذه الكلمة شيء ؟ أرجو التوضيح ، علما أن الإمام لم يعد يدع بهذا الدعاء حتى يتبين الحق من أهل العلم .

الجواب :
الحمد لله
لا حرج في الدعاء بهذه العبارة ، والأمين ، وإن كان ليس من الأسماء الحسنى ، إلا أنه يجوز إطلاقه على الله تعالى من باب الإخبار عنه ، لأن معناه صحيح .
قال الله تعالى : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ ) الحشر/ 23 ، والأمين من معاني المهيمن .
قال البيهقي رحمه الله :
" الْمُهَيْمِنُ: هُوَ الشَّهِيدُ عَلَى خَلْقِهِ بِمَا يَكُونُ مِنْهُمْ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْأَمِينُ، وَقِيلَ: هُوَ الرَّقِيبُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْحَافِظُ لَهُ " انتهى من "الاعتقاد" (ص59)
وقال ابن الجوزي رحمه الله :
" فأما "المهيمن" ففيه أربعة أقوال: أحدها: أنه الشهيد، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والكسائي. والثاني: الأمين، قاله الضّحّاك، قال الخطّابي: أصله: مؤيمن، فقلبت الهمزة هاء، لأنّ الهاء أخَفُّ عليهم من الهمزة. والثالث: المصدّق فيما أخبر، قاله ابن زيد. والرابع: أنه الرقيب على الشيء، والحافظ له، قاله الخليل " انتهى من "زاد المسير" (4/ 264)
وقال ابن عطية رحمه الله :
" الْمُهَيْمِنُ معناه: الأمين والحفيظ. قاله ابن عباس " انتهى من "تفسير ابن عطية" (5/ 292) .
وقال الزجاج رحمه الله :
" (الْمُهَيْمِنُ) : جاء في التفسير أنه الشهيد، وجاء في التفسير أنه الأمين " انتهى من
"معاني القرآن" (5/ 150)
وقال الفيروزآبادي رحمه الله :
" المُهَيْمِنُ، وتُفْتَحُ الميمُ الثانِيَةُ: من أسماءِ اللهِ تعالى، في معنى المؤمِنِ، مَن آمَنَ غيرَهُ من الخوفِ، أو بمعنى الأَمينِ، أو المُؤْتَمنِ، أو الشاهِدِ " انتهى من "القاموس المحيط" (ص 1240) .
ومن معاني الأمين في اللغة : الحافظ . والحافظ من أسماء الله تعالى الحسنى .
انظر : "تاج العروس" (34/193) ، "لسان العرب" (13/21) .
ومن معاني الرقيب : الأمين . والرقيب من أسماء الله الحسنى .
انظر : "المحيط في اللغة" (1/ 475) ، "الدلائل في غريب الحديث" (1/ 175) .

وقد قدمنا في جواب السؤال رقم : (177221) أنه يجوز " الإخبار " عن الله تعالى بأسماء لها معانٍ حسنة دلَّت على معانيها أفعال وصفات له تعالى ثابتة بالكتاب والسنَّة .
فضابط الإخبار الجائز عن الله تعالى : أن يُخبر عنه بمعنى صحيح لم يُنفَ في الكتاب والسنَّة، وأن يكون قد ثبت جنسه فيهما .

والحاصل : أن سؤال الله تعالى أن يكون للأمة حافظا وأمينا لا حرج فيه ، فإن الأمين في لغة العرب يكون بمعنى المهيمن ، والحافظ ، والرقيب ، وكل ذلك يطلق على الرب تعالى ، ويتصف به .

على أننا نرى أن الإمام قد وفق للصواب حينما توقف عن الدعاء بهذا ، لما أثاره من حساسية واختلاف بين المصلين ؛ بل إننا نرى أن المشروع له : ألا يعود إلى هذا الدعاء ، حتى وإن كان معناه صحيحا ؛ فإن غاية ما يقال في مثل هذا الدعاء : إنه سائغ مباح ، وليس هذا من الأدعية الشرعية المنقولة ، التي يشرع الحرص عليها ، بل هو من أدعية الناس ، وفي الأدعية المنقولة المحفوظة ، أو فيما يجتهد الناس فيه من الأدعية السائغة : ما يغني عن دعاء يوقع لبسا ، أو يسبب قلقا وحرجا ، ولو لبعض المصلين .
والله تعالى أعلم .