في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك الموافق العشرون من شهر أغسطس للعام الميلادي 642 م ، توفي سيف الله المسلول "خالد بن الوليد" صاحب العديد من الفتوحات والانتصارات على أعتى إمبراطوريتين هما "الفرس" و"الروم" ، وقد قضى حياته كلها بين كرٍّ وفرٍّ وجهاد في سبيل إعلاء كلمة الحق ونصرة الدين الإسلامي الحنيف .

يعتبر خالد بن الوليد من أجلّ الصحابة وأبرعهم وأشجعهم ، فهو سيف الله المسلول الذي لم يُقهر في جاهلية ولا إسلام .

أبوه الوليد بن المغيرة سيِّد قريش في عصره ، وأمه لبابة بنت الحارث أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين .

أسلم بعد الحديبية في العام الثامن الهجري ، وشهد مؤتة ، وانتهت إليه الإمارة يومئذٍ من غير إمرة ، فقاتل يومئذ قتالاً شديداً لم يُرَ مثله ، وقد قال رسول الله : "أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ، ثم أخذها سيفٌ من سيوف الله ، ففتح الله على يديه ".

ومن يومئذٍ سُمِّي "سيف الله"، وشهد خيبر وحنيناً ، وفتح مكة وأبلى بلاءً حسناً .


وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العُزَّى - وكانت لهوازن - فكسر قمتها أولاً ثم دعثرها وجعل يقول : يا عزى كفرانك لا سبحانك ، إني رأيت الله قد أهانك .

ثم حرقها ، واستعمله أبو بكر الصديق على قتال أهل الردة ، ولما أمَّره الصديق قال : سمعت رسول الله يقول : "فنعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد ، خالد بن الوليد سيف من سيوف الله".

ترك خالد بن الوليد آثاراً مشهورة في قتال الروم بالشام والفرس بالعراق ، وافتتح دمشق ، وقد روي له عن رسول الله ثمانية عشر حديثاًَ .

وقد ثبت عنه في صحيح البخاري أنه قال : " لقد اندقَّ في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف ، فما ثبت في يدي إلا صفيحة يمانية " .

ولما حضرته الوفاة قال : " لقد شهدت مائة زحف أو نحوها وما في بدني موضع شبرٍ إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية ، وهـا أنا أموت على فراشي ، فلا نامت أعين الجبناء ! وما لي من عملٍ أرجى من لا إله إلا الله وأنا متترِّس بها " .

وفي الثامن عشر من رمضان من عام 21 هـ توفي خالد ، فحزن عليه عمر رضى الله عنه والمسلمون حزناً شديداً ، حتى قال عمر للرجل الذي طلب من عمر أن ينهى نساء قريش عن البكاء ، فقال : " وما على نساء قريش أن يبكين أبا سليمان !" ، وقد جعل سلاحه وفرسه في سبيل الله .