في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المُبارك الموافق الثاني عشر من شهر يوليو للعام الميلادي 678 ، توفيت السيد عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - زوجة النبي مُحَمّد صلى الله عليه وسلم ، وقد توفيت بعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى بسبعة وأربعين عاماً ودُفنت في البقيع ، وكان عمرها آنذاك سبعة وستين عاماً .

كانت من أحب زوجات الرسول إليه ، وتحكي - رضي الله عنها - عن ذلك فتقول : (( فضلت على نساء الرسول بعشر ولا فخر : كنت أحب نسائه إليه ، وكان أبي أحب رجاله إليه ، وتزوجني لسبع وبنى بي لتسع (أي دخل بي) ، ونزل عذري من السماء (المقصود حادثة الإفك) ، واستأذن النبي نساءه في مرضه قائلاً : إني لا أقوى على التردد عليكن ، فأذنّ لي أن أبقى عند بعضكن ، فقالت أم سلمة : قد عرفنا مَن تريد ، تريد عائشة ، قد أذناً لك ، وكان آخر زاده في الدنيا ريقي ، فقد استاك بسواكي ، وقبض بين حجري ونحري ، ودفن في بيتي )) .

لقد عاشت السيدة عائشة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لتصحيح رأي الناس في المرأة العربية ، فقد جمعت - رضي الله عنها - بين جميع جوانب العلوم الإسلامية ، فهي السيدة المفسرة العالمة المحدّثة الفقيهة ، وهي التي قال عنها رسول الله إن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام فكأنها فضلت على النساء .



كما أن عروة بن الزبير قال فيها : (( ما رأيت أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة )) ، وقال أيضاً فيها أبو عمر بن عبد البر : (( إن عائشة كانت وحيدة بعصرها في ثلاثة علوم علم الفقه وعلم الطب وعلم الشعر )) .

يُذكر أن السيدة عائشة رضي الله عنها ولدت في الإسلام ولم تدرك الجاهلية ، وكانت من المتقدمين في إسلامهم ؛ فقد روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج رسول الله قالت : " لم أعقل أبويّ إلا وهما يدينان الدين " .

ومن أهم ملامح شخصيتها الكرم والسخاء والزهد ، فقد أخرج ابن سعد من طريق أم درة قالت : أتيت السيدة عائشة رضي الله عنها بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذ صائمة ، فقلت لها : أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه !! فقالت : لو كنت أذكرتني لفعلت .

وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض ؛ قال عطاء بن أبي رباح : كانت عائشة رضي الله عنها من أفقه الناس ، وأحسن الناس رأياً في العامة . قال أبو موسى الأشعري : ما أشكل علينا أصحاب محمد حديث قَطُّ ، فسألنا عنه عائشة - رضي الله عنها - إلا وجدنا عندها منه علماً .

وقال عروة بن الزبير بن العوام : ما رأيت أحداً أعلم بالحلال والحرام ، والعلم ، والشعر ، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها