في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك في العام الأول للهجرة النبوية ، كان بدء إرسال السرايا النبوية لتحقيق بعض الأهداف الإسلامية ، منها سرية حمزة بن عبد المطلّب إلى العيث أو إلى سيف البحر وهي أول سرية وأول لواء أو قائد عسكري ، كانت هذه السرية هي أول سرية في الإسلام ، وكان لون اللواء أبيضَ ، وعَقَدَهُ رَسُولُ اللّهِ لعمه ـ أسد الله ـ حمزة بن عبد المطلب ، بعثه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ثلاثين جندياً من المهاجرين خاصةً ، (منهم أبو عبيدةَ بن الجراح ، وأبو حذيفَة بن عتبة بن ربيعة ، وسالم مولى أَبي حذيفة ، وعامر بن ربيعة وزيد بن حارثة) ، وكانت مهمة حمزة أن يعترض قافلة تجارية لقريش جاءت من الشام ، وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل ، فبلغوا سيف البحر (أي ساحله) من ناحية العيص فالتقوا حتى اصطفوا للقتال ، فمشى مجدي بن عمرو الجهني وكان حليفاً للفريقين جميعاً إلى هؤلاء مرة وإلى هؤلاء مرة حتى حجز بينهم ولم يقتلوا ، فتوجه أبو جهل في أصحابه وعيره إلى مكة وانصرف حمزة بن عبد المطلب في أصحابه إلى المدينة المنورة ولم يحصل قتال .

السرية الثانية في مثل هذا اليوم هي سرية محمد بن مسلمة لقتل كعب بن الأشرف ، الشاعر الذي كان يحارب الإسلام بشعره وماله ، وقال ابن اسحاق كان كعب بن الأشرف رجلاً من طيء ثم أحد بني نبهان ، وأمه من بني النضير ، وأنه لما بلغه الخبر عن مقتل أهل بدر حين قدم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة قال والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها ، فلما تيقن عدو الله الخبر ، خرج إلى مكة فنزل على المطلب بن أبي وداعة بن ضبيرة السهمي ، وعنده عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف فأنزلته وأكرمته ، وجعل يحرض على قتال رسول الله وينشد الأشعار ، ويندب من قتل من المشركين في غزوة بدر ، ثم عاد إلى المدينة ، فجعل يشبب بنساء المسلمين ، ويهجو النبي وأصحابه .