مقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

فقد أطلَّ علينا شهر كريم عامرٌ بالخيرات والبركات، مَن رُحِم فيه فهو المرحوم، ومَن حُرم خيرَه فهو المحروم، ومَن لم يتزوّد فيه لِمَعَادِهِ فهو ملوم.

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: دخل رمضان فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن هذا الشهرَ قدْ حَضَركُم وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر مَنْ حُرمها فقد حُرم الخير كلَّه، ولا يُحرمُ خيرَها إلا محروم)) (1).

وعن كعب بن عُجْرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((احضروا المنبر)) فحضرنا، فلما ارتقى الدَّرجة الأولى، قال: ((آمين))، فلما ارتقى الدرجة الثانية، قال: ((آمين)) فلما ارتقى الدرجة الثالثة، قال: ((آمين)) فلما نزلَ، قلنا: يا رسول الله سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنَّا نسمعه، قال: ((إن جبريلَ عَرَضَ لي فقال: بَعُدَ مَنْ أدرك رمضان فلم يُغفر له، قلت: آمين، فلما رَقيْتُ الثانية، قال: بَعد مَن ذُكِرْتَ عندهُ فلم يُصلِّ عليك، فقلت: آمين، فلما رقيت الثالثة، قال: بَعُد مَن أدرك أبَوَيهِ الكِبرُ عنده أو أحدَهما فلم يُدخلاه الجنة، قلت: آمين))(2).

وشهر هذا شأنه حرِيٌّ بالمسلم أن يستعد له وأن يبذل وسعه لاغتنامه فهو أيام معدودة سرعان ما تنقضي كما وصفه - سبحانه - (أياماً معدودات) ولهذا كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وصحابته يستعدون له من إطلال هلال رجب، فإذا رأوه دعوا الله ب: ((اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان))(3)؛ بل قال مُعَلَّى بن الفضل: كانوا يدعون الله - تعالى -ستة أشهر أن يُبَلِّغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبَّل منهم.

وقال يحيى بن أبي كثير: كان مِن دعائهم: " اللهم سلِّمني إلى رمضان، وسلّم لي رمضان، وتسلّمْه منِّي متقبَّلاً".

ورحم الله القائل(4):

يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب *** حتى عصى الله في شهر شعبان

لقد أظلك شهر الصوم بعدهما *** فلا تصيره أيضاً شهر عصيان

واتل القرآن وسبح فيه مجتهداً *** فإنه شهر تسبيح وقرآن

واحمل على جسد ترجو النجاة له *** فسوف تضرم أجساد بنيران

كم كنت تعرف ممن صام في سلف *** من بين أهل وجيران وإخوان

أفناهم الموت واستبقاك بعدهم *** حيّاً فما أقرب القاصي من الداني

ومعجب بثياب العيد يقطعها *** فأصبحت في غدٍ أثواب أكفان

حتى متى يُعمّر الإنسان مسكنه *** مصير مسكنه قبر لإنسان

ولكي نربح رمضان لا بد من عدة خطوات نسلكها أوجزها فيما يلي:

الأولى: تهيئة النفس.

الثانية: شحذ الهمة.

الثالثة: معرفة حقيقة الصوم.

وأختم هذه الخطوات بذكر مبشرات قبول الصوم.

فإلى أولى هذه الخطوات:

الخطوة الأولى / تهيئة النفس:

بادئ ذي بدء أخي المسلم سأطرح عليك مجموعة من الأسئلة حتى تقيِّم نفسك بنفسك لتعلم أ أنت ممن هو سابق إلى الخيرات، أم ممن هو مقتصد، أم ممن هو ظالم لنفسه؟

فأجب بصدق بينك وبين نفسك:

هل أنت ممن يحافظ على الصلوات المفروضة ويقيم أركانها وواجباتها ويؤدي خشوعها؟

هل أنت ممن يؤدي زكاة ماله؟

هل أنت ممن يحفظ سمعه وبصره ولسانه وجوارحه عما يغضب مولاه المُنعِمُ عليه بها؟

هل أنت ممن يحرص على بر والديه؟

هل أنتِ ممن تحرص على لُبس حجابها كما يحبُّ ربها ويرضاه لا كما تحب هي؟

وأخيراً هل أنت راضٍ عن نفسك ومستعدٌ للقاء ربك؟؟؟

بعد الإجابة على تلك الأسئلة سأطرح عليك أسئلة أخرى لا تحتاج إلى عناءٍ كبير للإجابة عليها.. فقط أجب ب نعم أو لا.

- هل ترغب في أعلى الجنان، وأعلاها الفردوس، اتل قوله - تعالى -ومتِّع قلبك بأوصاف الجنة (ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * ذواتا أفنان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيهما عينان تجريان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيهما من كل فاكهة زوجان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * كأنهن الياقوت والمرجان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)(5)

هل ترغب في رضا المولى وحبه لك؟

هل ترغب في الحياة الهانئة في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة؟

الإجابة بالتأكيد نعم

اعلم يا أخي: أن الفرصة مواتية وأنت ما زلت في زمن المهلة وما عليك إلا أن تُحدِّد موعداً لتضع قدميك على طريق الجنة!

أقبل موتك بشهر أم قبل موتك بسنة أم قبل موتك بسنتين؟!

لا تعجب فأنا أؤمن كما تؤمن أنت أن الآجال لا يعلمها إلا الله - سبحانه وتعالى -.

ولكن كثيراً من الناس يُسوِّف التوبة ويؤجل الأوبة ويتناسى انقضاء المُهلة ونزول الموت وكأنه سيُعمّر عمر نوح - عليه السلام -؛ فإن بلغ العشرين زعم أنه سيبلغ الستين، وإن بلغ الستين زعم أنه سيبلغ المائة، وما يدري أن الموت أقرب إليه من شِراك نعله.

فاهمس في نفسك.. لا بد أن أبدأ الآن تماماً في هذه اللحظة التي أقرأ فيها هذه الأسطر.

ولعلك تتساءل.. كيف أبدأ؟ إليك هذه النصيحة التي تعينك على وضع قدميك على طريق الجنة:

اعلم أخي المسلم أن أهل الجنة هم الذين اتصفوا بصفتين الإيمان والعمل الصالح قال الله - سبحانه -: (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يُظلمون نقيراً)(6).

وقال - سبحانه – أيضاً: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون)(7). والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً.

والإيمان كما يعرفه العلماء: هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان(8).

وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) (9).

فالقلب إن كان فيه إيمان ظهر ذلك على الجوارح؛ أي كان عمل الإنسان صالحاً، وإن كان في القلب نفاق وشر ظهر ذلك أيضاً على الجوارح؛ أي كان عمل الإنسان شراً. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإن في الجسد مُضغة، إذا صَلحت صَلح الجسدُ كله، وإذا فَسَدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))(10).

كمثل البذرة تُودع في الأرض فإن كانت طيبة أخرجت نباتاً طيِّباً، وإن كانت بذرة خبيثة أخرجت نباتاً خبيثاً ولم تُخرج خيراً. قال - سبحانه -: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خَبُث لا يخرج إلا نكداً كذلك نصرّف الآيات لقوم يشكرون)(11).

قال الشيخ محمد السعدي - رحمه الله - عند تفسير هذه الآية: " هذا مثال للقلوب حين يُنزل عليها الوحي الذي هو مادة الحياة، كما أن الغيث مادة الحيا.

فإن القلوب الطيبة حين يجيئها الوحي تقبله وتعلمه، وتنبت بحسب طيب أصلها وحسن عنصرها. وأما القلوب الخبيثة التي لا خير فيها، فإذا جاءها الوحي لم يجد محلاً قابلاً؛ بل يجدها غافلةً معرضة، أو مُعارضة، فيكون كالمطر الذي يمر على السباخ والرمال والصخور، فلا يؤثر فيها شيئاً"(12).

والقلب يصيبه المرض كما يصيب البدن فيمرض ويشتدّ به المرض حتى يموت ولا يشعر به صاحبه والعياذ بالله.

وحياة القلب تكون بالإيمان وشرائع الإسلام، قال - سبحانه -: (أو مَن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زُيِّن للكافرين ما كانوا يعملون)(13).

وقال - سبحانه -: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون)(14).

ولكي تعلم أخي المسلم أ قلبك حي أم ميت أم مريض لا بد أن تفحصه جيداً وتعرضه على كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ففيهما صفات القلب الحي والمريض والميت.

وإليك هذه الصفات:

من صفات القلب الحي:

الخشوع: قال الله - سبحانه وتعالى -: (ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أُوتوا الكتاب من قبلُ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون)(15).

وقد كان من دعائه - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع)) (16).

والعلامة المميزة لأهل الخشوع هي حب الصلاة والصبر على كل ما أتى من عند الله، قال - تعالى -: ((واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين))(17)؛ فإنها سهلة خفيفة لأن الخشوع وخشية الله ورجاء ما عنده يوجب له فعلها منشرحاً صدره، لترقبه للثواب وخشيته من العقاب(18).

والخشوع وإن كان أصله في القلب إلا أنه ولا بدّ أن يظهر أثره على الجوارح فعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا ركع قال: ((اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي)) (19).

تقوى القلوب: والتّقوى عبارة عن كمال التوقي عما يضرّ في الآخرة(20)، قال - تعالى -: (ذلك ومن يُعظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)(21)، وقال - سبحانه – أيضاً: (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)(22).

وجل القلب: قال الله - تعالى -: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون)(23) أي إذا ذكرت عظمة الله وقدرته لم تطمئن قلوبهم إلى ما قدموه من الطاعة، وظنوا أنهم مقصرون، فاضطربوا من ذلك وقلقوا(24)، ولهذا لما قالت عائشة - رضي الله عنه - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قول الله - سبحانه وتعالى -: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون)(25): أ هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: (( لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا تُقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات))(26).

من صفات القلب المريض:

زيغ القلب: قال الله - تعالى -: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أمّ الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله …)(27).

قال الشيخ محمد السعدي - رحمه الله - في تفسير الآية: " إن هذا الكتاب يحتوي على المحكم الواضح المعاني البيّن، الذي لا يشتبه بغيره. ومنه آيات متشابهات، تحتمل بعض المعاني، ولا يتعين منها واحد من الاحتمالين بمجردها، حتى تُضمّ إلى المحكم.

فالذين في قلوبهم مرض وزيغ وانحراف لسوء قصدهم يتبعون المتشابه منه، فيستدلون به على مقالاتهم الباطلة، وآرائهم الزائفة، طلباً للفتنة، وتحريفاً لكتابه، وتأويلاً له على مشاربهم ومذاهبهم ليضلوا ويُضلّوا"(28).

والزيغ هو الميل إلى طريق الضلال وكان من دعاء المؤمنين ما جاء في قوله - تعالى -: (ربنا لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)(29).

وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثر أن يقول: ((يا مُقَلّب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقلت: يا نبي الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال: نعم إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقَلّبُها كيف شاء)) (30).

غل القلب: والغل هو الحقد والضغينة وهو مرض يصيب القلب وقد يسبب له الموت إن لم يتداركه صاحبه؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم، ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد)) (31) ولهذا حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من الغِلّ، فقال: ((ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم أبداً: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم)) (32). فهذه الخصال تطهر القلب من الدغل والخيانة والشر (33).

غِلَظ القلب: والغِلظة مرض من أمراض القلوب والمراد بها القسوة، وقد امتنَّ الله - تعالى -على رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن جعله ليِّناً رفيقاً، فقال: (فبما رحمة من الله لِنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضُّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم)(34).

وذلك أن القلب إذا اتّصف بالغلظة وأصبحت ملكة فيه لا بد أن يتبعها كل صفة ذميمة، سواء ظهرت حالاً أو مآلاً، فلا تنزع الرحمة إلا من شقي(35).

الكبر: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال حبة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس)) (36).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لما سُئل عن هذا الحديث هل هو مخصوص بالمؤمنين أو بل الكفار؟: "الكبر المباين للإيمان لا يدخل صاحبه الجنة، ومن هذا كبر إبليس وفرعون وغيرهما ممن كان كبره منافياً للإيمان، والكبر كله مباين للإيمان الواجب؛ فمن في قلبه مثقال ذرة من كبر لا يفعل ما أوجبه الله عليه، ولا يترك ما حرّم الله عليه، بل كبره يوجب له جحد الحق واحتقار الخلق، وهذا هو الكبر الذي فسّره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمن كان مضيعاً للحق الواجب، ظالماً للخلق؛ لم يكن من أهل الجنة، ولا مستحقاً لها، بل يكون من أهل الوعيد، لكن إن تاب، أو كانت له حسنات ماحية لذنبه، أو ابتلاه الله بمصائب كفّر بها خطاياه، ونحو ذلك؛ زال ثمرة هذا الكبر المانع من له من الجنة، فيدخلها"(37).

من صفات القلب الميت:

وموت القلب متفاوت وهو درجات فهناك موت دون موت ومن صفاته بدءً بالأقل:

لهو القلب: اللهو ما يَشغَل الإنسان عما يعنيه ويَهمه، يقال لهوتُ بكذا ولَهَيتُ عن كذا اشتغلتُ عنه بلهو، ويُعبر عن كل ما به استمتاع باللهو(38).

قال - سبحانه -: (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون * ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون * لاهية قلوبهم)(39) أي ساهية قلوبهم معرضة عن ذكر الله مشتغلة بما لا يعنيها عن التأمل والتفهم(40).

ولهذا حذّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كثرة الضحك، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب)) (41).

القلب المغمور: وهو نتيجة استمرار الإصرار على المعاصي، والانهماك في اللهو، قال - سبحانه -: (بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون)(42).

"والغمرة: غطاء يغطي القلب عن فهم ما أودع الله كتابه من المواعظ والعبر والحجج"(43).

"فاللهو في الشهوات ناتج من ضعف البصيرة وقلة العلم واتباع الهوى، فيغمر القلب بالمعاصي، ويزيّن له الشيطان تلك الغوايات، فيرى ما فيه هو الحق وما عداه ضلال، فإذا العبد في درك أشد مما قبله؛ فبجهله بمصالح نفسه وظلمه لها، يسعى فيما يضرّها وهو يظن أنه ينفعها، وإذا بلغ هذا المبلغ ظهر على القلب نكران كل ما يرد عليه مما لا يتصوّره، فليس للقلب تعقل صحيح يفرّق بين الحسن والقبيح إلا ما تمليه الأهواء، فإذا بالقلب يتّسم بصفة النكران، فيسمى القلب المنكر"(44).

القلب المنكر: وهو القلب الذي لا يقبل الوعظ، ولا ينجع فيه الذكر(45). قال - سبحانه - في وصف الكفار: (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون)(46)، وقال - سبحانه - أيضاً في وصف عموم الناس: (يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون)(47) وعلى هذا فالإنكار نوعان:

الأول: إنكار جهل ناتج عن قلة العلم بسبب الانغماس في ملاهي الحياة وهو ما لم يقبله قلبه ولم يعترف به لسانه، فهذا النوع مرض من الأمراض قد يزول إذا وجد النور طريقه إلى نور الفطرة الكامن في القلب.

الثاني: إنكار كبر وجحود؛ وهذا ناتج عن كفر بعد معرفة تامة (48).

والآن وبعد تشخيص حالة القلب لا بد من معرفة العلاج وأسباب المرض حتى نتفاداها فلا يعود المرض إلى قلوبنا.

ولكن أخي المسلم انتبه إلى أمر مهم جداً وهو أنه لا يكفي معرفة السبب والدواء بل لا بدّ من تعاطي الدواء والمسارعة فيه قبل أن يفتِّك المرض بقلبك.

فمرض القلب كمرض البدن إن لم يسارع المريض إلى العلاج قد يزداد المرض سوءاً ويتعسّر الشفاء، وقد يموت الإنسان بمرضه.

وقد لا يجد مريض البدن والقلب الرغبة في الدواء ويُعرض عن العلاج ولكن العاقل الذي يخشى على نفسه الهلاك عليه أن يتصبّر ويُلزم نفسه باستعمال الدواء حتى يتمّ لها الشفاء.

أسباب مرض القلوب:

إن أعظم داء للقلب هو الذنوب والمعاصي، قال الله - عز وجل -: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)(49) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تفسير هذه الآية: ((إنَّ العبدَ إذا أَخطأ خطيئةً نُكِتتْ في قلبهِ نُكْتةٌ سوداءُ، فإذا هو نَزَعَ واسْتغفرَ وتابَ صُقلَ قلبُه، وإنْ عادَ زِيدَ فيها، حتى تعلُو قلبَهُ وهو الرَّانُ الذي ذكر الله)) (50).

ويقول - صلى الله عليه وسلم - في وصف القلب المريض: ((.. وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق، فمثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدّها الماء الطيّب، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والدم، فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه)) (51).

ويقول أيضاً - صلى الله عليه وسلم - مبيناً خطر الذنوب والمعاصي على القلب: (( تُعرَض الفتنُ على القلوب كالحَصير حوداً عوداً، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَ فيه نُكتةٌ سوداءُ، وأي قلبٍ أَنْكَرَها نُكت فيه نُكتةٌ بيضاءُ، حتى تَصيرَ على قلبين؛ على أبيضَ مثلِ الصَّفا فلا تَضرُّه فتنةٌ ما دامت السمواتُ والأرضُ، والآخرُ أسودُ مُرباداً كالكُوزِ مُجَخِّياً لا يَعرِفُ مَعروفاً، ولا يُنكرُ مُنكراً إلا ما أُشْرِبَ من هواهُ)) (52).

معنى الحديث: شبّه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحداً بعد واحد، فأي قلب ردّها نكت في قلبه نقطة بيضاء، وأي قلب أشربها أي دخلت فيه وقبلها نكت فيه نقطة سوداء، حتى تصير على قلبين على أبيض لشدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه، مثل الصفا وهو الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء، الآخر أسود مرباد أكدر اللون، كالكوزِ أي الكأس، مجخياً أي منكوساً؛ والمعنى: أن الرجل إذا اتّبع هواه وارتكب المعاصي دخل قلبه بكل معصية يتعاطاها ظُلمة، وإذا صار كذلك زال عنه نور الإسلام، والقلب مثل الكوز فإذا انكب وانتكس انصبّ ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك فلا ينتفع بموعظة ولا نصيحة ولا يعلق به خير. ولمزيد من التبيين، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرب من هواه)) (53)

فالحذر الحذر من الاستمرار في المعاصي! فكم سَلَبَتْ من نِعَمٍ، وكم جَلَبَتْ من نِقَمٍ، وكم خَرَّبت من ديار.

يا صاحبَ الذنبِ لا تأمن عَواقبَهُ *** عواقبَ الذَّنبِ تُخشى وهي تُنتظرُ

فكلُّ نفسٍ ستُجزى بالذي كَسَبتْ *** وليس للخلقِ من ديَّانهم وَزَرُ(54)

ومن أشدّ المعاصي فتكّاً بالقلب بعد الشرك بالله الغناء فهو ينبت النفاق في القلب فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل)) (55).

ولعلك أخي المسلم تتساءل: ما سبب إنبات الغناء النفاق في القلب من بين سائر المعاصي؟!

قال العلامة ابن القيّم - رحمه الله -: "اعلم أن للغناء خواص لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق، ونباته فيه كنبات الزرع بالماء.

فمن خواصه: أنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره، والعمل بما فيه؛ فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبداً، لما بينهما من التضاد؛ فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى، ويأمر بالعفة، ومجانبة شهوات النفوس، وأسباب الغي، وينهى عن اتباع خطوات الشيطان، والغناء يأمر بضد ذلك كله، ويحسّنه ويهيج النفوس إلى شهوات الغي، فيثير كامنها، ويزعج قاطنها، ويحركها إلى كل قبيح، ويسوقها إلى وصل كل مليحة ومليح، فهو والخمر رضيعا لبان، وفي تهييجهما على القبائح فرسا رهان، فإنه صنو الخمر.. عقد الشيطان بينهما عقد الإخاء الذي لا يُفسخ، وهو جاسوس القلب"(56).

ومن أسباب مرض القلب أيضاً الغل والحسد والضغينة على المسلمين، فعن الزبير - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أفلا أنبئكم بما يُثَبِّتُ ذلك لكم: أفشوا السلام بينكم)) (57).

وقد امتدح النبي - صلى الله عليه وسلم - مَن كان قلبه سليماً على إخوانه المسلمين فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: قيل يا رسول الله أي الناس أفضل؟ قال: ((كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد)) (58).

ولهذا كان من دعاء المؤمنين ما جاء في قوله - تعالى -: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم)(59).

وبعد أن عرفنا أسباب أمراض القلوب، إليك العلاج:

ولكن احذر التسويف والسأسأة فقد يستعصي عليك العلاج بعدُ وقد يداهمك الأجل.

واعلم أن العلاج المبكر في أول الشباب ليس هو كالعلاج في أوسطه أو آخره؛ فكلما تأخر العلاج تمكن حبّ المعصية في النفس وأشربه القلب.

أولاً: العزيمة الصادقة على سلوك طريق الجادة، والاستعانة بالله والضراعة إليه في إصلاح هذا القلب فقد كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك))(60)، و: (( اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك))(61)، و: ((اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغِنى)) (62).

ثانياً: بذل الجهد في ترك الذنوب كلها كبيرها و صغيرها؛ فإن الصغائر إذا اجتمعت أهلكت صاحبها، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه، وإن رسول الله ضرب لهن مثلاً كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود، والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سواداً، فأججوا ناراً وأنضجوا ما قذفوا فيها)) (63).

ولعل مما يعينك على ترك الذنوب استشعار عظمة الله - تعالى -؛ فإن مَن قدّر الله - عز وجل - حق التقدير وعظّمه هاب أن يعصيه، قال الله - عز وجل -: (ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز)(64)، وقال - سبحانه -: (وما قدوا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيمة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون)(65).

والحياء من الله - تعالى -حق الحياء إذ هو - سبحانه - المنعُم بهذه النعم العظيمة التي يعصيه بها العبد الظالم لنفسه ليلاً ونهاراً. فتأمّل...

أنعم الله - عز وجل - عليك بنعمة الإبصار وغيرك لا يُبصر، ثم أنت تعصيه بها فتنظر إلى ما حرّم الله.

وأنعم عليك بنعمة السمع وغيرك لا يسمع ثم أنت تعصيه بها فتستمع إلى ما حرم الله.

أنعم عليك فحرّك أركانك وغيرك عاجز قد شُلّت أركانه ثم أنت تعصيه فتستعملها في معصية الله.

أفأمنت أن يسلبها الجبّارُ منك في طرفة عين؟!!: (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)(66).

عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اِستحيوا من الله حقَّ الحياء، قلنا: يا نبي الله إنا لنستحي والحمد لله، قال: ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حقّ الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، وتتذكر الموت والبِلى، ومَن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمَن فعل ذلك فقد استحيى يعني من الله حق الحياء)) (67).

وتذكر ما تأمله من رضا مولاك ورحمته وجنته، فمطلوبك غالي وأمنيتك ثمينة، ولا بد أن تضحي بشهواتك من أجلها!

فكيف ينال رضا ربه من يقيم على معاصيه! وكيف يبلغ الجنة من يسير في طريق النار!

والحال هذه مثل مَن يطلب الطب وهو يدرس الهندسة!

واعلم أخي أن الجنة ليست مجرد أمنية، ولا تنال بالأماني قال - سبحانه -: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب مَن يعملْ سوءاً يُجز به ولا يَجِد له من دون الله وليّاً ولا نصيراً)(68).

وحين زعم اليهود والنصارى أنهم أصحاب الجنة وأهلها قال تلك أمانيهم وطالبهم بالبرهان على ما يقولون قال - سبحانه -: (وقالوا لن يدخل الجنة إلا مَن كان هوداً أو نصارى تلك أمانيّهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)(69).

واستمعْ جيداً لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الكيّس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَن اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني)) (70).

فهل تتمنى الدرجات العلا من الجنة، وهل تريد الفردوس الأعلى؟! إذن عليك أن تكبح جماح هواك، وأن تلجم نفسك بلجام التقوى.

وإليك صفات أهل الفردوس أعاننا الله وإياك على بلوغ منزلتهم قال الله - سبحانه -: (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون * والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والذين هم على صلواتهم يحافظون * أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون)(71).

ولتتذكَّر دائماً قوله - تعالى -: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون)(72).

ثالثاً: التوبة النصوح قال - سبحانه -: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى توبة نصوحاً)(73).

وقد ذكر - سبحانه - شرائط التوبة، فقال - عز وجل -: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)(74).

(ذكروا الله): بالخوف من عقابه والحياء منه.

(فاستغفروا لذنوبهم): أي طلبوا الغفران لأجل ذنوبهم.

(ولم يصروا على ما فعلوا): اقلعوا عما فعلوا وعزموا على أن لا يعودوا. (75)

ثم ماذا كان عاقبة صبرهم عن المعصية وصبرهم على الطاعة! استمع إلى قول الكريم - سبحانه -: (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين)(76).

إنها ليست جنة واحدة وإنما جنات، فنعم أجر العاملين.

وقد ذكر - سبحانه - لعباده موجبات مغفرته، فقال: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى)(77).

(تاب): التوبة النصوح.

(آمن): آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.

(وعمل صالحاً): من أعمال القلب والبدن وأقوال اللسان قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اتّق الله حيثما كنت، وأتبع السّيِّئة الحسنةَ تَمْحُها وخالق الناس بخلق حسن))(78).

(ثم اهتدى): سلك الصراط المستقيم، وتابع الرسول الكريم، واقتدى بالدين القويم(79).

فأيّهما أسهل أخي المسلم مجاهدة النفس لحظات حتى يذهب خاطر المعشية أو مقاساة مرارة المعصية دهراً ومعاناة التوبة حتى تُقبل، قال ابن الجوزي - رحمه الله -: "ومنهم مَن يقول سأتوب وأصلح، وكم من ساكن الأمل من أبله، فاختطفه الموت قبله، وليس من الحزم تعجيل الخطأ وانتظار الصواب، وربما لم تتهيّأ التوبة، وربما لم تصح، وربما لم تُقبل، ثم لو قُبلت بقي الحياء من الجناية أبداً؛ فمرارة خاطر المعصية حتى تذهب أسهل من معاناة التوبة حتى تُقبل"(80).

والآن وبعد أن أفرغت قلبك ونظفّته من أدران المعصية ابدأ بملئه بالإيمان وزيّنه بحلل الطاعة، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض..))(81)

رابعاً: العمل الصالح وهو يزيد في الإيمان، ويمحو أثر العصيان، ويقي فتن الزمان، ويُثبت على الدين. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يُصبح الرجل مؤمناً، ويُمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا)) (82).

"معنى الحديث: الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر، ووصف - صلى الله عليه وسلم - نوعاً من شدائد تلك الفتن وهو أنه يمسي مؤمناً ثم يصبح كافراً أو عكسه شكّ الراوي؛ وهذا لِعظم الفن ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب والله أعلم"(83)، وعنه أيضاً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((بادروا بالأعمال سبعأ، هل تنتظرون إلا فقراً مُنسياً، أو غِنىً مُطغياً، أو هرَماً مُفْنداً، أو مَوتاً مُجهزاً، أو الدجَّال فشَرُّ غائبٍ يُنتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمرُّ))(84).

ومن الأعمال الصالحة الصلاة فعن ثوبان - رضي الله عنه - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحطَّ عنك بها خطيئة)) (85).

وعن ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه - قال: كنت أبيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: ((سل، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أو غير ذلك، قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود)) (86). والمراد بالسجود في الحديثين الصلاة(87).

ومنها الصيام، عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((الصيام والقرآن يَشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب مَنَعته الطعام والشهوة فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفِّعني فيه، قال: فيُشَفَّعَان))(88).

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم من شعبا ما لا يصوم من غيره من الشهور فعن عائشة - رضي الله عنه - قالت: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان"(89).

"ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرع فيه ما يُشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن؛ ليحصل التأهُّب لتلَقِّي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن"(90).

الصدقة: عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: (( ألا أدلك على أبواب الخير؟، قلت: بلى يا رسول الله، قال: الصوم جُنّة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار))(91)، وعن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء))(92).

قراءة القرآن: وهي من أيسر العبادات ومن أعظمها أجراً قال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)) (93).

وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارْقَ ورّتِّل كما كنت تُرتِّل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) (94).

فالبدار البدار إلى الأعمال الصالحة قبل فوات الأوان وقبل أن تنادي: (رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)(95)، (أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرّطت في جنب الله وإن كنت لمن السّاخرين * أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين)(96).

بشرى ما إن تضع أخي المسلم قدميك على طريق الاستقامة وتخطو خطوتك الأولى حتى يبارك الله ذو الفضل والإحسان فيها، قال - سبحانه -: (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم)(97)، وقال: (ولو أنهم فعلوا ما يُوعظون به لكان خيراً لهم وأشدّ تثبيتاً * وإذاً لآتيناهم من لدنّا أجراً عظيماً * ولهديناهم صراطاً مستقيماً)(98).

واحذر من التردد والتسويف وتأجيل التوبة والإصرار على المعصية فإن الله - عز وجل – يقول: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين)(99).

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله -: "(فلما زاغوا) أي انصرفوا عن الحق بقصدهم، (أزاغ الله قلوبهم) عقوبة لهم على زيغهم، الذ اختاروه لأنفسهم، ورضوه لها، ولم يوفقهم الله للهدى؛ لأنهم لا يليق بهم الخير، ولا يصلحون إلا للشر.

(والله لا يهدي القوم الفاسقين) أي الذين لم يزل الفسق وصفاً لهم، ليس لهم قصد في الهدى. وهذه الآية الكريمة تفيد أن إضلال الله لعبيده ليس ظلماً منه ولا حجة لهم عليه؛ وإنما ذلك بسبب منهم، فإنهم الذين أغلقوا على أنفسهم باب الهدى بعدما عرفوه، فيجازيهم بعد ذلك بالإضلال والزيغ، وتقليب القلوب عقوبة لهم وعدلاً منه بهم"(100).

واعلم أن طريق الجنة واحد هو ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلا تحيد عنهما ولا تميل إلى غيرهما من الأهواء والملل الباطلة.

قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (( كل أمتي يدخلون الجنة إلا مَنْ أَبى، قالوا: يا رسول الله! ومَن يأبى؟ قال: مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن عصاني فقد أبى))(101).

الخطوة الثانية/ شحذ الهِمّة:

ويكون شحذ الهمة بتعريف النفس بفضائل شهر رمضان وفضل الأعمال الصالحة فيه، وإليك هذه الفضائل:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار وصُفدت الشياطين)) (102).

وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (( إن في الجنة باباً يقال له الريّان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد)) (103).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( قال الله - عز وجل -: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه)) (104).

ولبعض الأعمال الصالحة مزية خاصة في رمضان منها ما يلي:

القيام: قال - صلى الله عليه وسلم -: (( مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه)) (105)، وآكده قيام العشر الأواخر من رمضان فعن عائشة - رضي الله عنه - قالت: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" (106).، وعنها أيضاً قالت: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره" (107).

وذلك طلباً ليلة القدر قال - سبحانه -: (ليلة القدر خير من ألف شهر)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)) (108).

ويستحب أن يكثر الدعاء في هذه الليلة فعن عائشة - رضي الله عنه - أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إنْ وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: ((قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) (109).

فيا مَن ضاع عمره في لا شيء، استدرك ما فاتك في ليلة القدر؛ فإنها تُحسب بالعمرُ.

الاعتكاف: عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال " كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان" (110)، والاعتكاف من العبادات التي تجمع كثيراً من الطاعات؛ من الصلاة وتلاوة القرآن، والذكر، والدعاء، والصيام وغيرها.

الصدقة: فعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان حتى ينسلخ؛ يَعرِض عليه القرآن، فإذا لقيه جبريل - عليه السلام - كان أجود بالخير من الريح المرسلة" (111).

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: (( أفضل الصدقةِ الصدقةُ في رمضان)) (112).

قراءة القرآن: سبق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدارسه جبريل القرآن في رمضان، وهكذا كان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح يحرصون على الإكثار من تلاوة القرآن في هذا الشهر الفضيل، فهذا عثمان - رضي الله عنه - كان يختم كل يوم مرة، وهذا الأسود كان يختم القرآن كل ليلتين، وكان للشافعي ستون ختمة في رمضان يقرؤها في غير الصلاة. والغرض الإكثار من تلاوة القرآن مع التدبر والتفكر لا مجرد القراءة.

تفطير الصائم: عن زيد بن خالد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((مَن فطّر صائماً فله مثل أجره من غير أن يَنقص من أجر الصائم شيء)) (113).

العمرة في رمضان: فعن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) (114).

بعد الاطلاع على هذا الفضائل حريٌّ بالعاقل أن يجدّ ويجتهد في هذا الشهر فهو شهر واحد في كل عام، وهي أيام معدودات سرعان ما تنقضي.

فعُدَّ نفسك في زمن اختبار وامتحان؛ فاللهو في أيام اختبارات الدنيا عند الناس يُعد سفهاً وتفريطاً، فما بالك في أيام اختبار الاستعداد للآخرة.

واحرص على كل ساعة فيه فإن الساعة في رمضان ثمينة لا تعدلها الساعات في غيره.

تولَّى العمر في سهوٍ*** وفي لهوٍ وفي خُسرِ

فيا ضيعة ما أنفقتُ *** في الأيام من عُمْري

وما لي في الذي ضيّعت *** من عُمْري من عُذرِ

فما أغفلنا عن وا *** جبات الحمد والشكرِ

أما قد خَصَّنا الله *** بشهر أيَّما شهْرِ

بشهرٍ أنْزل الرحما *** نُ فيه أشرف الذِّكرِ

وهل يُشبهُه شهرٌ *** وفيه ليلة القدرِ

فكم من خبرٍ صحَّ *** بما فيها من الخيرِ

رَوَيْنا عن ثقاتٍ أنها *** تُطْلَبُ في الوتر

فطُوبى لامرىءٍ يطلُبها *** في هذه العشر

ففيها تنزِلُ الأملاكُ *** بالأنوارِ والبِرِّ

وقد قال: سلامٌ هيَ *** حتى مَطلعَ الفجرِ

أَلا فادّخرُوها إِنها *** مِن أَنْفَسِ الذُّخْرِ

فكم مِن مُعتَقٍ فيها *** من النار ولا يدري(115)

قال الله - تعالى -: (وجيء يومئذ بجهنم * يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى * يقول يا ليتني قدّمت لحياتي)(116)

الخطوة الثالثة/ معرفة حقيقة الصوم:

المتبادر إلى أذهان كثير من الناس أن الصوم هو الامتناع عن الأكل والشرب، إلا أن مجرد الامتناع عن الأكل والشرب ومقاربة الأهل لا يحقق الغاية التي من أجلها شُرع الصوم، وهذه الغاية ذكرها رب العالمين فقال: (يا أيها الذين آمنوا كُتِب عليكم الصيام كما كُتب على الذين مِن قبلكم لعلكم تتقون)(117).

فالغاية والحكمة من مشروعية الصوم (لعلكم تتقون)

نعم التقوى تلك الدرجة الرفيعة والمنزلة العالية.

ولا شكّ أنها لا تتحقق بمجرد ترك الطعام والشراب، فالصوم إذن أعظم من ذلك، والامتناع عن هذه الأمور التي هي في الأصل مباحة في غير وقت الصيام إنما شُرعت ليُتوصّل بها إلى ترك الأمور المحرمة على كل حال؛ وذلك أن التقرّب إلى الله - تعالى -بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرّب إليه بترك المحرمات، فمن ارتكب المحرمات ثم تقرّب إلى الله - تعالى -بترك المباحات، كان بمثابة مَن يتركُ الفرائض ويتقرّب بالنوافل.

ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الصيام جُنَّة، فلا يرفث، ولا يجهل، وإن امرؤٌ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين-))، وفي رواية عند البخاري ((ولا يَصخَب)) (118).

ومعنى ((جُنة)) أي وقاية وستر والمعنى أن الصوم يستر صاحبه ويقيه من ارتكاب المعاصي، والوقوع في المآثم الموجبة لدخول النار، (الرّفث) فاحش الكلام، (ولا يجهل) أي لا يفعل شيئاً من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك والصخب هو الخِصام والصياح(119).

فلا يتمّ صوم المسلم بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا مع ترك ما حرّمه الله في كل حال؛ من الكذب والغيبة والنميمة والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) (120).

ومعنى ((قول الزور)) في الأصل الكذب والمراد كل مخالفة بالنطق فتدخل الغيبة والنميمة.. الخ، (الجهل) وهو يطلق على جميع المعاصي(121).

وهاك تعريف الصوم ليس لغة واصطلاحاً كما هو المعهود في التعاريف، وإنما كما عرّفه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه - حيث قال: " إذا صمتَ فَلْيَصُم سمعُك وبَصَرُك ولسانُك عن الكذب والمحارم، ودعْ أذى الجار، وليكن عليك وقارٌ وسكينةٌ يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فِطْرِك سواء"(122).

إذا لم يكن في السَّمع منِّي تصاونٌ *** وفي بَصَري غضٌّ وفي منطِقي صَمتُ

فحظِّي إذاً مِن صَوْمي الجوعُ والظَّما *** فإنْ قلتُ إنِّي صُمتُ يومي فما صمت(123)

فصُم كما أمرك الله أن تصوم حتى تحظى بالثواب الذي أعدَّه الله للصائمين والذي منه ما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (( مَن صام رمضان، وعَرَفَ حُدوده، وتَحَفَّظ ما ينبغي أن يتحفظ كُفَّر ما قبله))(124).

وإن يَصم منك بطنك فقط فحظَّك مِن صيامك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ربّ صائمٍ حظّهُ من صيامه الجوع والعطش، ورُبّ قائمٍ حظُّه من قيامه السَّهر))(125).

خاتمة

والآن وبعد أن وفَّقك الله - تعالى -لاتباع الخطوات السابقة وصيام رمضان كما ينبغي

لا بدَّ أنك تتساءل: أتراني من الفائزين برمضان؟! هل أنا من الرابحين؟!

نعود إلى طرح الأسئلة من جديد:

- هل أنت عازم على الاستمرار على الطاعة؟ فإن كثيراً من الناس بعد أن كان يصلي في آخر ليلة من رمضان إحدى وعشرين ركعة إذا به ليلة العيد لا يصلي شيئاً، فلا تضيِّع حظَّك من الليل ولو قلّ، وكذا سائر الطاعات.

- هل أنت عازم على عدم العودة إلى المعاصي؟ فإن بعض الناس إذا أقبل العيد انغمس في المحرمات فيهدم ما بنى قال - سبحانه -: (ولا تكونوا كالتي نَقَضَتْ غَزْلها مِن بعد قُوةٍ أنكاثاً)(126)

أخي المسلم:

إن من علامة قبول العمل الصالح العمل الصالح بعده.

ومن علامة قبول رمضان خاصةً تحقق ثمرة الصوم في قلبك وهي التقوى، فهل يا تُرى تحققت في قلبك!

وفقنا الله وإياك للصيام والقيام والاستمرار على الاستقامة.