الشعر الحر عند محمود حسن إسماعيل:-
للباحث محمد عباس محمد عرابي
كتب محمود حسن إسماعيل تسعاً و خمسين قصيدة حرة تقدر نسبتها بنحو 18.1 ٪ من جملة إبداعه الشعري ، وهي نسبة قليلة إلى حد بعيد ؛ لأن الشاعر في أي من مراحله الشعرية لم يتجه إلى كتابة القصيدة الحرة بشكل كلي ، فمنذ نُشرت قصيدة (مأتم الطبيعة) في مجلة أبوللو 1932 م ، لم يكتب الشاعر أية قصيدة حرة حتى صدور ديوان ( قاب قوسين) 1964م حيث يواكب إبداعه الحر زمنياً حركة التطور الحقيقية للقصيدة الحرة التى ترسخت في هذه الفترة.
ويعد محمود حسن إسماعيل من أفضل شعراء أبوللو تحقيقا للنمط الحر على الرغم من أنه لا يمثل مساحة واسعة في إبداعه الشعري ، وأهم الأبحر التي استخدمها في شعره الحر:-
* المتقارب 21 قصيدة بنسبة 35.5٪
* الرجز 14 قصيدة بنسبة 23.7٪
* الكامل 9 قصائد بنسبة 15.2٪
* الرمل 6 قصائد بنسبة 10.2٪
* الوافر 4 قصائد بنسبة 6.7 ٪
* المتدارك 3 قصائد بنسبة 5.2 ٪
* الخفيف (2) قصيدتان بنسبة 3.3 ٪

وبذلك يتضح أن الأوزان البارزة عند الشاعر هي ( المتقارب – الرجز – الكامل – الرمل) وتمثل نسبتها 84.7 ٪ من جملة الأوزان المستخدمة في هذا الشكل ، وهي تقترب قليلا من ترتيب الأوزان في قصائد الشكل المقطوعي عنده فلقد جاءت كالتالي ( الرمل ، المتقارب ، الرجز ، الوافر) ، بينما تختلف اختلافا كبيراً عن ترتيب الأوزان في الشكل التقليدي والتي جاءت في مقدمتها ( الخفيف ، الكامل ، الرمل ، المتقارب) ، لكنها جميعاً تؤكد أن أبحر ( المتقارب ، والرمل ، والكامل ، والرجز ) تمثل أهمية خاصة عند الشاعر.
ويتضح أن الأوزان البارزة ، يميل ثلاثة منها إلى المزاوجة بين الإيقاع البطئ والسريع وهي: ( المتقارب ، الرجز ، الرمل) ويميل بحر (الكامل) إلى الإيقاع السريع ، فالأوزان البطيئة تمثل 58.3 ٪من جملة الأوزان في هذا الشكل ، بينما تمثل الأوزان السريعة 41.7 ٪وهو الأمر الذي يمثل انعكاسا مباشراً بأن القصيدة الحديثة أصبحت تجد موقفا واقعيا من الحياة ، تلك المواقف التي تمثل ثقلا حاداً على كيان الشاعر النفسي.
ولقد استخدم الشاعر وزنا واحداً مركباً وهو " الخفيف " والذي يمثل وجوده نسبة ضئيلة تبلغ 3.3 ٪ في حين تمثل الأوزان البسيطة نسبة مرتفعة جداً تبلغ 96.6 ٪وهي الأوزان الأكثر استخداماً عند أصحاب الشكل الحديث ، ويبدو ذلك إدراكا من الشاعر بأن الأوزان المركبة لا تقدم الانسيابية الإيقاعية المطلوبة ، والتي تحظى بالقبول لدى المتلقي ، وعلى الرغم من ذلك فإن استخدام الأبحر البسيطة يمثل علاقة إيجابية مع التقاليد العروضية ، فالقصيدة الحرة عند الشاعر بدأت ملتزمة وانتهت كذلك ، كما أن التنوع في هذه الأوزان البسيطة كان محدوداً ، ومن ثم فإن القصيدة الحديثة عنده لم تصل إلى التجاوز المطلق للإطارين التقليدي والمقطوعي.
ويتضح لنا أيضاً أن طول المدة الزمنية التي كتب فيها الشاعر القصيدة الحرة أتاحت له معاصرة كثير من الحركات التجديدية التي شهدت تطوراً ملحوظاً لهذا الإبداع الشعري ، ومن ثم تميزها بشكل واضح عند شعراء أبوللو.