تاريخ دولة الامارات القديم و الحديث تاريخ الامارات قديما قبل الاتحاد








تعتبر دولة الأمارات العربية المتحدة المعاصرة جزءاً من الاقليم الذي عرف تاريخياً باسم "عمان" وذكره كثير من المؤرخين والكتاب العرب وغيرهم، والذي يشمل حالياً سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة. من هذا المنطلق فإن تاريخ الدولة المعاصرة يدخل في إطار التاريخ العماني والعربي الشامل. وقبل ميلاد دولة الإمارات العربية المتحدة كانت المنطقة تسمى "ساحل عمان". ويقسم تاريخ الإمارات إلى ست مراحل رئيسية عبر العصور المتلاحقة، ولا ينفصل تاريخها عن تاريخ المنطقة حولها في مراحل عديدة منه. وكان تاريخها مليئا بالأحداث والتطورات، تراوحت ما بين الحرب والسلام. ففي السلم كان لأساطيل سكان المنطقة وخبرتهم البحرية دور كبير في إنعاش التجارة بين الدول المطلة على المحيط الهندي من آسيا وأفريقيا وبين أوروبا عبر طرق التجارة المعهودة. ولكن يبدو أن هذا كان أيضا من مسببات الحروب في المنطقة. [1]



ما قبل التاريخ
لأرض الإمارات العربية المتحدة تاريخ قديم [2]. وهي غنية بالآثار والدلائل التي تدل على الأهمية الإستراتيجية للحضارات المختلفة وتأثيرها على منطقة غرب آسيا. ويوجد في الإمارات أكثر من 330 مبنى وموقع أثري وتراثي، يعود البعض منها إلى العصر الحجري، وتتكون أكثرها من مستوطنات ومدافن خاصة في المنطقة الساحلية[3].
لقد عثر على آثار في عدة مناطق في أبوظبي كما تم العثور في منطقة محمية من جزيرة مروح الغربية على آثار لحضارة تعود إلى حوالي 7,000 سنة ق.م.، أي قبل القيام الحضارة الفرعونية في مصر بألفي عام على حد تعبير "جريدة الشرق الأوسط" [4]. كما وجدت آثار بجزيرة دلما تعود إلى هذا العصر يقال بأنها كانت أقدم مستوطنة دائمة في المنطقة.[5]


العصر البرونزي
ظهرت في العصر البرونزي عدة حضارات بالمنطقة التي عرفت تاريخيا باقليم عمان (الذي يشمل حالياً سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة)، وتحديدا خلال الفترة بين 3200 ق.م و 1300 ق.م. القليل يعرف عن هذه الحضارات، ولكن من الممكن تقسيم العصر البرونزي في المنطقة إلى ثلاث فترات[6].
الأولى هي فترة حفيت و تقع بين 3200 ق.م و 2700 ق.م، وقد تم العثور على أدوات حجرية متعددة ورؤوس سيوف حادة ورقائق وصفائح معدنية وأنصال ومدي إضافة إلى مدافن جماعية على شكل مقابر فوق الأرض مشيدة من حجارة غير مصقولة في جبل حفيت وجبل أملح وكلها تعود إلى هذه الفترة [6].
الفترة الثانية من العصر البرونزي، هي فترة أم النار وتقع ما بين 2700 ق.م و 2000 ق.م. وقد تم اكتشاف آثار في جزيرة أم النار تشير إلى حضارة عريقة كانت مزدهرة على هذه الأرض تعرف بحضارة أم النار. وكانت على ما يبدو على اتصال مع الحضارات والبلاد المجاورة، ومن بينها بلاد ما بين النهرين (العراق حاليا) و حضارة وادي السند (باكستان و شمال الهند حاليا) حيث اكتشفت أواني فخارية ملونة كانت قد استوردت من هناك إلى المنطقة وهي تعود إلى ذلك الزمان[6][7]. كما تم اكتشاف نماذج من قلاع في موقع هيلي والبدية وتل أبرق وكلبا وأم القيوين تعود إلى الفترة 2500 ق.م.إلى 2000 ق.م أي للفترة نفسها[8].
أما الفترة الثالثة والأخيرة من العصر البرونزي فهي فترة وادي سوق و التي امتدت من 2000 ق.م و 1300 ق.م. ويقال بأن الحضارة التي ازدهرت في هذه الحقبة انبثقت من حضارة أم النار و تمت تسميتها بهذا الاسم نسبة لوادي سوق الواقع في سلطنة عمان ما بين صحار و مدينة العين. وتم العثور على مدفن بالقطارة في مدينة العين تعود إلى هذه الفترة الزمنية. أما منطقة شمل برأس الخيمة فقد تبين بأنها مركز مهم بهذه الحقبة الزمنية، إذ تم العثور على مقبرة وبقايا مستوطنة تعود لهذه الفترة. وقد كان وادي سوق يعتبر في الستينات والسبعينات حقبة مظلمة في تاريخ المنطقة، غير أن البحاث والتنقيبات أثبتت بأنها لم تكن كذلك[6].


العصر الحديدي
وجدت آثار من العصر الحديدي هي عبارة عن مسامير وسيوف طويلة ورؤوس سهام تعود إلى الفترة 300 قبل الميلاد كما اكتشفت قلعة مربعة الشكل تعود إلى عام 200 ق. م. تحيط بها أربعة أبراج وحائط خارجي طوله 55 قدما. كما وجد داخلها قالب حجري لسك العملة المعدنية [8].


التاريخ القديم
الفينيقيون : وتدل الآثار في هذه الفترات من التاريخ على أن الحضارة الفينيقية كانت إحدى الحضارات الرئيسية التي ظهرت لفترة في هذه المنطقة . ويبدو أن الفينيقيين كان لهم وجود على ساحل عمان وأجزاء من الخليج العربي ومنهم من كان في الفجيرة وخور فكان وصور العمانية. كما كانوا في البحرين وجزيرة تاروت السعودية حيث قيل أنها سميت هكذا تبعا لإلهة الفنيقيين عشتاروت بمعنى (عش تاروت ) أو بيت تاروت.[9] [10] [11] [12].


الصراعات المجاورة


الإمبراطورية الأخمينية
إمبراطورية الاسكندر الأكبرنشأت في بلاد فارس ونمت عدة إمبراطوريات ابتداء من الإمبراطورية الأخمينية التي انتهت على يد الاسكندر[13] بالقضاء على إمبراطورها داريوش الثالث ووفاة الاسكندر قبل تنفيذ أطماعه في التوجه نحو الجزيرة العربية [14]. والتي دلت عليها رحلة نيخاروس لاستكشاف الخليج العربي وسواحله. وقد وردت في مؤلفات مؤرخي الاسكندر إشارات حول سائل أسود لزج يشعل المصابيح بنور قرمزي دلالة على وجود البترول في هذه المنطقة[15]. وتلت مرحلة الاسكندر مرحلة الإمبراطورية الساسانية التي نشأت في عهد أرتبانوس الرابع، وانتهت عندما حاول ملك الدولة الساسانية الأخير يزدجرد الثالث (632 -651) مكافحة الخلافة الإسلامية[16].


خارطة الإمبراطورية الساسانية عام 600 ملكن قبل ذلك، أرسل الإمبراطور الروماني تراجان قواته للقتال مع الفرس إذ بدأ صراع عنيف وطويل بين الفرس والروم استمر قرابة ثلاثة قرون إلى أن انتهت في عصر هرقل ملك الروم وكسرى فارس على يد الفاتحين المسلمين لنشر الدعوة الإسلامية.
لا بد من ذكر هذا التاريخ هنا، إذ أن الفرس كانت لهم القوة وقد سيطروا على الطرق البحرية والكثير من المنافذ البحرية إلا أنهم لم يبرعوا في الإبحار والتجارة البحرية، فنشأت علاقة تعاونية بين سكان المنطقة وهذه الإمبراطوريات، ابتدأت منذ الإمبراطورية الأخمينية واستمرت عبر الإمبراطورية الساسانية والتي ضعفت في نهايتها بسبب حربها الطويلة مع الروم فتراجعت سيطرتها على الساحل الغربي للخليج حتى انتشر الإسلام فيه. [17]


العهود الإسلامية الأولى


مرحلة الخلافة الأموية
مناطق نفوذ الدولة العثمانيةبظهور الإسلام بدأت مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة وتحديدا بعد فتح مكة ومع بداية الفتوحات الإسلامية في القرن السابع الميلادي، تمت دعوة البلاد المجاورة إلى الدخول في الإسلام. وكانت منطقة الخليج العربي من أوائل المناطق التي أرسل لها دعاة ليدخلوهم في الدين الجديد حيث كُلف عمرو بن العاص بالذهاب إلى عُمان وصُحار، وكلف أبو العلاء الحضرميّ بالذهاب إلى البحرين. وقد أسلم أهل الخليج ولبوا الدعوة.
إلا أنه وبعد وفاة النبي ارتد بعضهم عن الإسلام في منطقة عُمان وما جاورها. وفشل ملك عُمان في إخماد الفتنة فاضطر إلى الاستعانة بالخليفة أبي بكر الصديق؛ فأرسل له ثلاثة جيوش كبيرة كان أولها بقيادة عكرمة بن أبي جهل، والثاني بقيادة حذيفة بن محصن الأزدي، والثالث بقيادة عرفجة. وقد وصلت هذه الجيوش إلى مدينة دبا في الإمارات العربية المتحدة، وكان لقيط بن مالك قائد المرتدين قد لجأ إليها فلحقوا به هناك ودارت الحرب فيها وانتصرت الجيوش الإسلامية وقُتل لقيط وعادت المنطقة إلى الإسلام، كما عادت اليمن والبحرين عن ردتهما. [18]
عاشت منطقة الخليج في ظل الإسلام فترة من الاستقرار وأصبحت في عهد الدولة الأموية مركزاً عالميا للملاحة والتجارة البحرية كما ازدهرت فيها صناعة السفن. وفي نفس الإطار تم العثور على موقع أثري في حي جميرا [19] بمدينة دبي يمثل بقايا مدينة إسلامية من العصر الأموي كانت تتحكم بطرق التجارة آنذاك [20]. [21] ومن أهم مرافق هذه المدينة الأثرية المطلة على الخليج العربي بيت للحاكم وسوق تجارية صغيرة ومرافق سكنية. من المدن الإسلامية المعروفة في ذلك العصر مدينة جلفار الواقعة على شاطئ الخليج شمال مدينة رأس الخيمة الحالية والتي تم العثور فيها على بيوت سكنية وأربعة مساجد بنيت فوق بعضها البعض عبر الزمن. وتعود إلى القرن الرابع الهجري/10م.
في هذه المرحلة من التاريخ نشطت التجارة البحرية بين تجار عمان وحضرموت واليمن وساحل عمان وهي الأرض التي تقع عليها الإمارات العربية المتحدة اليوم، مع منطقة جنوب شرق آسيا وسواحل أفريقيا الغربية. استطاع هؤلاء التجار بحسن معاملتهم أن يوطدوا علاقاتهم مع سكان هذه البلاد وأن ينشروا الإسلام في كثير منها[22]. وقد ساهم هذا النشاط التجاري في تنشيط طرق التجارة الدولية التقليدية التي تمر عبر شبه الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام ومصر. واستمر هذا خلال عهدي الدولة الأموية والعباسية، ولكن لم ينجح النفوذ العثماني بعد ذلك في الوصول إلى هذه المنطقة إلا بحرا دون أن يستطيع فرض أي سيطرة سياسية على أرضها. وأصبح هذا النشاط التجاري مطمعا أوربيا خصوصا بعد انهيار الدولة الإسلامية في الأندلس وانطلاق الرحلات الاستكشافية لطرق جديدة للوصول إلى الهند دون المرور عبر الدول الإسلامية. ومن بين جميع المتنافسين كان البرتغاليون أول من نجح في الوصول إلى هذه المنطقة [23].


العصر الحديث


مرحلة البرتغاليين
مقال تفصيلي : الغزو البرتغالي للخليج العربي.
فاسكو دا غاما
ألفونسو دي ألبوكيرككان أول من وصل إلى الهند من أوروبا الرحالة فاسكو دي غاما بعد نجاح بارثولوميو دياز بالالتفاف حول رأس الرجاء الصالح عام 1488. ومنها بدأ البرتغاليون الدخول إلى منطقة المحيط الهندي وبحر العرب وخليج عمان والخليج العربي وسيطروا على جميع الموانئ الواقعة على سواحل عمان والمنطقة بالكامل لأكثر من قرنين. [24]
كان لقدوم البرتغاليين تأثير مزدوج الأثر؛ فمن ناحية فتحوا المجال أمام اتصال المنطقة بأوربا ولكنهم فعلوا ذلك بعد حروب كان لها أثر مدمر على المنطقة. وعلى سبيل المثال فإن مدينتي جلفار وخور فكان على الساحل الشرقي لسلطنة عُمان، أصبحتا في أوائل القرن الثامن عشر مدينتين مهجورتين. وقد فقدت جلفار مكانتها، بعد أن كانت ميناء بحريا هاما وأخذت التقاليد التجارية العربية بالانقراض في المنطقة تدريجيا [25] [26].
وقد سجل التاريخ لقائد البرتغاليين الأول دي غاما ومن بعده ألفونسو دي ألبوكيرك استيلاءهم على الساحل العماني بأكمله فقام باحتلال مسقط وجزيرة هرمز وتدمير مدينة خور فكان وإحراقها في حملته الأولى عام 1506 وقد مثل بأهلها لبث الرعب وتحقيق السيطرة الكاملة على المنطقة. وبدأ ألفونسو في القرن الخامس عشر إقامة العديد من القلاع على السواحل، إذ كان ضمن استراتيجيته للسيطرة على مداخل المحيط الهندي بناء القلاع والحصون المشرفة على البحر، فقد بنى في مسقط على أنقاض قلاع قديمة قلعتي الجلالي والميراني وكذلك في جزيرة هرمز المطلة على مضيق هرمز وكذلك بنى قلاعا في البحرين وفيلكا وجلفار. [27]
وبقى البرتغاليون في المنطقة قرابة القرنين كاملين تمكنوا خلالهما وباسأليبهم الاستعمارية من تدمير كل أثر للتجارة العربية فيه. [28]