علم النفس الاجتماعي..سلاح الدعاة والقادة عرض/ محمد يوسف


يعد كتاب "علم النفس الاجتماعي" من الكتب القيمة التي يجب قراءتها، لأنه يتعرض للسلوك الاجتماعي وخصائصه، ويهدف لبناء مجتمع أفضل قائم على فهم سلوك الفرد والجماعة، مما يمنح الدعاة الإسلاميين الذين يريدون نشر الإسلام والتعريف به وكذلك القادة والسياسيين فرصة الحوار والإقناع بعد التعرف على سلوك المجتمعات وثقافتها.


يبدأ المؤلف د. حامد عبد السلام زهران ـ أستاذ الصحة النفسية، عميد كلية التربية جامعة عين شمس السابق ـ كتابه بمقدمة في علم النفس الاجتماعي، فيعرف أولاً علم النفس بأنه العلم الذي يدرس السلوك وما وراءه من عمليات عقلية ـ دوافعه وديناميكياته وآثاره ـ دراسة علمية يمكن على أساسها فهم السلوك والتنبؤ بأنماطه والتخطيط له، كما يعرف السلوك بأنه "أى نشاط ـ جسمي أو عقلي أو اجتماعي أو انفعالي ـ يصدر عن الكائن الحى سواء كان داخليا في شكل دوافع وانفعالات ومهارات وعمليات معرفية وديناميكية، أوخارجيا يشمل السلوك الظاهر تجاه الآخرين نتيجة لعلاقة ديناميكية، وتفاعل بينه وبين البيئة المحيطة به".


ويعرف المؤلف علم النفس الاجتماعي SOCIAL BEHAVIOUR بأنه فرع من فروع علم النفس يدرس السلوك الاجتماعي للفرد والجماعة كاستجابات لمثيرات اجتماعية، وهو يهتم بدراسة التفاعل الاجتماعي ونتائج هذا التفاعل، وهدفه هو بناء مجتمع أفضل قائم على فهم سلوك الفرد والجماعة. ويوضح هذا الفصل أهداف علم النفس الاجتماعي مؤكدا أن معظم الكتاب يتفقون على أن أهم أهدافه تتمثل في فهم السلوك الاجتماعي والوصول إلى نظريات تفسره وتمكن من التنبؤ به. وأوضح المؤلف أن الهدف الأسمى لعلم النفس الاجتماعي هو تطبيقه عمليا في شتى مجالات السلوك الاجتماعي وفي التنظيم الاجتماعي وفي حل المشكلات الاجتماعية.


ويتعرض الفصل الثاني إلى تعريف الجماعة فيعرفها بأنها وحدة اجتماعية تتكون من مجموعة من الأفراد ( إثنان فما فوقهما) بينهم تفاعل اجتماعي متبادل ـ يتميز في الجماعة الانسانية بوجود اللغة وهى أداة الاتصال الرئيسية ـ وعلاقة صريحة قد تكون جغرافية أو سلالية أو اقتصادية أو وحدة الأهداف أو وحدة العمل والشعور بالتبعية أو الشعور بالنوع أو الشعور بالانتماء إلى وحدة واحدة، ويتحدد فيها للأفراد أدوارهم الاجتماعية ومكانتهم الاجتماعية. أما الفصل الثالث فيقدم مفاهيم أساسية في علم النفس الاجتماعي كتعريف القيم و التعصب كما يتعرض المؤلف في الفصل الرابع الى تعريف التفاعل الاجتماعي والادراك الاجتماعي والتكامل الاجتماعي والتغير الاجتماعي والذكاء الاجتماعي، كما يعرف المسئولية الاجتماعية التي هي مسئولية الفرد الذاتية عن الجماعة أمام نفسه وأمام الجماعة وأمام الله وهى الشعور بالواجب الاجتماعي والقدرة على تحمله والقيام به، وعناصرها الاهتمام والفهم والمشاركة وأركانها الرعاية والهداية والاتقان، كما تحدث المؤلف عن مظاهرها ومظاهر نقصها ونموها وكيفية قياسها وتربية أو تعليم المسئولية الاجتماعية.


ويتطرق المؤلف بعد ذلك الى التنشئة الاجتماعية والنمو الاجتماعي في الفصل الخامس فيعرف التنشئة الاجتماعية بأنها عملية تعلم وتعليم وتربية تقوم على التفاعل الاجتماعي وتهدف الى اكتساب الفرد ـ طفلا فمراهقا فراشدا فشيخا ـ سلوكا ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعية معينة تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق الاجتماعي معها وتكسبه الطابع الاجتماعي، وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية، وهى أيضا عملية تشكيل السلوك الاجتماعي للفرد، كما أنها ـ التنشئة الاجتماعية ـ عملية اقحام ثقافة المجتمع في بناء الشخصية وهى عملية تطبيع المادة الخام للطبيعة البشرية في النمط الاجتماعي والثقافة، وبمعنى آخر هى عملية التشكيل الاجتماعي لخامة الشخصية أوهى عملية تحويل الكائن الحى ـ البيولوجي ـ إلى كائن اجتماعي. وانتقل المؤلف في الفصل السادس إلى منظومة القيادة فيعرف القيادة بأنها دور اجتماعي رئيسي يقوم به فرد ـ القائد ـ أثناء تفاعله مع غيره من أفراد الجماعة ـ الأتباع ـ ويتسم هذا الدور بأن من يقوم به يكون له القوة والقدرة على التأثير في الآخرين وتوجيه سلوكهم في سبيل بلوغ هدف الجماعة.


ويناقش المؤلف في الفصل السابع مفاهيم الإعلام والدعاية والإعلان والعلاقات العامة والتخطيط الإعلامي، وينتقل المؤلف بعد ذلك في الفصل الثامن إلى الأمراض الاجتماعية أو السلوك الاجتماعي المنحرف أو المرضي، ودراسة الأمراض الاجتماعية أو ما يُسمى الباثولوجيا الاجتماعية، ويؤكد المؤلف أن السلوك الاجتماعي في حد ذاته لا يمكن أن يُقال إنه سلوك منحرف أو غير منحرف، سوى أو مرضي، ولكن الذي يصفه بهذه الصفة أو تلك هو تقييم المجتمع له فى ضوء مدى التزامه أو خروجه عن المعايير الاجتماعية للسلوك، وبالطبع فإن المرض الاجتماعي سلوك سلبي غير بناء وهدام، ويعتبر مشكلة اجتماعية تهدد أمن الفرد والجماعة. ويحلل المؤلف الأسباب الاجتماعية للأمراض النفسية مستعرضا آراء علماء الأعصاب والفسيولوجيا والوراثة و رجال القانون وعلماء الاقتصاد والاجتماع والنمو النفسي والأطباء النفسيين وعلماء التحليل النفسي، كما استعرض بعض المدارس التي حللت أسباب الأمراض الاجتماعية كمدارس التحليل العاملى والسلوكية الحديثة ونظرية الذات ورأى علم النفس الاجتماعي.


وتطرق المؤلف بعد ذلك إلى خطورة الحرب النفسية التي هى حرب تغيير السلوك وأثر الشائعات، مؤكدا أن الحرب النفسية تعد أضمن سلاح تستخدمه الدول في العصر الحديث لأنها تقوم بالدور الفعال في قتل إرادة وتحطيم معنويات العدو والحصول على استسلامه. وينتقل المؤلف عقب ذلك في الفصل العاشر والأخير إلى توضيح السلوك الاجتماعي للجماعات غير البشرية وأنواع التنظيمات الاجتماعية غير البشرية، كما يستعرض المؤلف أهمية دراسة سلوك هذه الجماعات غير البشرية ومدى التشابه بين السلوك الاجتماعي البشري وغير البشري، مؤكداً أن هناك صفة أو سلوكا يجمع بين الفريقين وهو عبادة الخالق عز وجل، فالإنسان المسلم يسبح لله، والكائنات غير البشرية تسبح لله أيضا، " وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم".