في الجزائر، هناك نقاش سياسي جاد حول مشاورات تعديل الدستور، لكن عامة الشعب منشغلة بمباريات المونديال، ولكنها انشغلت لأكثر من 17 يوما بقصة إنسانية هزت قلوب الملايين منهم، تخص سرقة رضيع من أحد المستشفيات. وحين عودته تجمع الآلاف فرحا بعودته كما يجتمعون لمشاهدة المباريات في المقاهي والساحات العامة حول التلفزيون والشاشات العملاقة.




ويتعلق الأمر بقصة الطفل “ليث” الذي سرقته امرأة لا تنجب، من مستشفى قسنطينة بشرق البلاد أياماً قليلة بعد ولادته، لكن حملة إعلامية كبيرة كانت كفيلة بكشف مكان الطفل ليث، وتفاصيل هذه السرقة.

وفي الأساس، تطرح القصة مشكلة غياب الأمن والرقابة في المستشفيات، وتعكس حالة الفشل الإداري الذي تعاني منه مؤسسات الدولة، بعكس ما يتوهم البعض أن الأمر يخص امرأة في خريفها الـ44 وتعاني من مشكلة عقم.

وفي تفاصيل القصة التي انتهت فصولها، أمس الجمعة، بالعثور على الطفل ليث، فقد ذهبت أم الطفل ووالده لعلاجه في المستشفى بعد أيام قليلة من ولادته، من مرض اليرقان (البوصفاير)، واستلزم إبقاؤه هناك للعلاج، لكن بعودة الأم لزيارة ابنها الوليد لم تجده، وهناك بدأت المعاناة الإنسانية الأليمة.

وعمد والدا الطفل ليث إلى الحديث مع وسائل الإعلام المحلية، صحفاً وتلفزيونات، بحثاً عن الطفل ليث، وفي هذه الأثناء كانت السارقة التي لم تحدد هويتها بعد قد انتقلت به إلى ولاية سكيكدة المجاورة لقسنطينة.

ولاحقاً تدخلت وزارة الصحة، وفصلت ستة عمال يعملون حراساً في المستشفى، لكن الإعلام طلب معاقبة كبار المسؤولين على هذه الفضيحة والفاجعة.

وتحركت مصالح الأمن لتتبع خيط القصة، حتى وصلت إلى أن السارقة هي امرأة في عقدها الرابع، وتشتغل في وكالة عقارية، وذنبها أنها لا تنجب، وقد تواطأ معها زوجها الموجود في حالة فرار من مصالح الأمن.

ونشرت صحف الجزائر قصصاً متقاربة عما حدث، لكنها اتفقت كلها على أن السيدة السارقة أقامت حفلة في بيتها بمناسبة إنجابها الابن، وكان غريباً بالنسبة للجيران، كيف أنها حملت في ظرف وجيز.

وكان مريباً أيضاً عدم وجود دفتر تطعيم للطفل عندما أخذته الأم السارقة إلى مستشفى في بلدية تمالوس بولاية سكيكدة حيث تقيم، قبل أن يتم إبلاغ مصالح الأمن حول الموضوع.

المثير أيضاً أن قصة الطفل ليث جندت مئات الجزائريين ليخرجوا في مسيرة مطالبين سارقيه بإرجاعه إلى والديه. والمثير أيضاً أن 10 آلاف شخص حضروا لحظة عودة الطفل لوالديه بعد 17 يوماً من الغياب.