:
يحاول المنهج التاريخي مقاربة عدد من القضايا والموضوعات التي تتعلقن على سبيل المثال، بمدى تأثر العمل الأدبي أو كاتبه بالوسط المعيشي والتاريخي لحقبة زمنية ما، ومدى تأثيره بالمقابل فيه. كما يدرس الأطوار التي مرّ بها فن من فنون الأدب أو لون من ألونه، أو معرفة مجموعة من الآراء التي أبديت في دراسة عمل أدبي أو في صاحبه، بغية موازنة هذه الآراء أو الاستدلال بها على لون أو نمط التفكير السائد في عصر من العصور. كما يهتم المنهج التاريخي بجمع خصائص جيل أو أمة في آدابها، ومقاربة إيجاد صلة بين هذه الخصائص وجملة الظروف والمعطيات التي اكتنفتها.
فضلاً عن دراسة تحرير نص ما أو عدد من النصوص من أجل التأكد من صحتها وصحة نسبتها إلى قائلها. لأجل ذلك، فإن المنهج الفني وحده لا ينهض بشيء من هذا، ولابد ساعتئذ من اللجوء إلى المنهج التاريخي والاعتماد عليه.
وكما يسجل في التعاطي مع المنهج الفني عدد من المخاطر والمحاذير إبان استعماله، فإن للمنهج التاريخي عدد من المحاذير والمخاطر التي يجب أن يتجنبها الناقد إبان استعماله، ولعل من أهمها: الاستقراء الناقص، والأحكام الجازمة، والتعميم العلمي. بيد أننا نرى أن هذه المحاذير لا تكاد تكون مقتصرة على المنهج التاريخي وحده، وإنما يشمل خطرها بقية مناهج النقد الأدبي، والمناهج العلمية بوجه عام.
ويمكن اعتبار دراسة الدكتور طه حسين لشعر المجون في العصر العباسي في كتابه (حديث الأربعاء) مثالاً نموذجياً لذلك، إذ أنه سرعان ما اتخذ ذلك دليلاً على اتشاح العصر العباسي بالمجون، معتبراً "المجون" روح ذاك العصر. وكما في كتب الأستاذ العقاد (العبقريات) حيث استند إلى بضع حوادث بارزة في تاريخ بعض الشخصيات، بعضها غير مقطوع بصحته، لتصوير شخصية أسطورية بطلة.