آهاً على زمانٍ = إذ كنتُ في الصغَر
للّهوِ في نهاري = في اللّيلِ للسّمَر



قُلتُ لمّا طيبُ عَيشي هربا = واختَفَى في ما ورَاءَ القمَرِ
إنّهَا دُنيَا تُريك العَجبَا = لَيتني فِيهَا عَديمُ النّظرِ



لمّا مضى زماني = وشطّ بي المَزار
رغبتُ في النّسيانِ = فَهَزّني التّذكار



إلى كم أُنفق العمرا = ولم أدرك لهُ أمرا
فَأبدو تارَةً زيداً = وآونَةً أُرَى عَمرا



أيَا مَن مَلَكتَ عِنانَ الفضاءِ = وبِتّ كَناهٍ بِهِ آمِرِ
ويَا طائراً من وَرَاءِ الغُيُوم = كَقلبي فديتُكَ من طائِرِ



دنَت المَنيّةُ وانقضى عمري = ونسِيتُ ما قد كان من أمري
غابَت رُسومٌ في مخَيّلَتي = كانت تضيءُ كأنجُمٍ زُهرِ



نَظَرتُ إِلى وَجهَي حَياتي حائراً = فبتّ وفي أيدي القضاء أموري
إذا أنا لم أضحك فقدتُ معاشري = وإن أنا لم أحزَن فَقَدت شعوري



حتّى متى يا طائرَه = بسماءِ ربّكِ حائرَه
كمذنَّبٍ فيها يدو = رُ وقد أضاعَ الدائرَه



ذكرتكَ يا لبنانُ والقلبُ خافقٌ = لذ******* حتى كاد يفلتُ كالطيرِ
وليس سلوًّا ما تراهُ من النّوى = ولكنّها الدّنيَا نَهَتني عن السيرِ



ربَاه يا مولى البشر = يا مَن لقلبي قد كسر
لي معدةٌ لا تهضم ال = مأكول حتى والخضر



رَبّاه ما هذا الطفر = فاسمح لعبدٍ إن كفر
للناس عيشٌ طيّبٌ = أمّا أنا يا ما أمر



لِظَلامِ الليل فضلٌ في الحياة = مِثلَما للنّور
أين لَولا الليلُ حسنُ النيّرَات = أيّها المَغرُور



إن أنسَ لم أنسَ روضاً قد مرَرتُ بهِ = والرّيحُ نافحةٌ والعطرُ مَنشورُ
وقَد تَغَنّت على غصن يَمِيدُ بها = شحرُورةٌ بهواها هامَ شحرُورُ



لمّا بدا البرقُ في الظلماءِ ملتهبَا = وراح يطوي فضاء الله واحتجبا
ناديتُ ربّي وطرفي يرقبُ السُّحبا = ربّاه يا خالقَ الأكوان وا عجبَا



في ذمّةِ اللهِ الغَفُورِ = زَمَنُ الصّبابَة والسّرُورِ
الله يا قَلَمي وَكَم = حَدّثتَني عند الغَديرِ



أيمُرّ كلُّ العمرِ بالهمسِ = أفما كَفى نفسي صَدى الأمسِ
فتبِيتُ في أحلامها شَبَحاً = يسلُّ من رَمسٍ إِلى رَمسِ



قالوا مُقِلٌّ وقالوا ذو ثراءٍ ومَن = في الناس مثلي غدا لغزاً لدى النّاسِ
إن رُحتُ أنشدُ أشعاري فآونَةً = يبدو سرُوري ويبدو تارة ياسي



من خمرةِ الكاسِ لا من خمرة الياسِ = أعطيتُ نفسي مداها بينَ جُلاّسي
فخمرَةُ اليأسِ لي وحدي أعاقرها = وخمرة الكأسِ بينَ النّاسِ للنّاسٍ



ولائمةٍ قالت عهدتُكَ مُنشداً = وقد لحظتي ساهياً بينَ جُلاّسي
تلوّحُ كفّي الكأس خوفَ لهيبها = كأني بكفّي قد أحاطت بنبراس



لَقَد أهرَقت خمري الليالي ولم تزَل = تذكرني خمري بما حلّ في راسي
كأنّ سواد الشعرِ والشّيبُ واضحٌ = بقايا كمت الراح في دائر الكاسِ