إذا قـيـــــل الــمحــــبــّـة والـوئــامُ ... تــلألأ فــي خــيـال المـجــــــد شــــامُ

ولاحت فــي أصالتـــهـا دمــــشــقٌ ... ورفـرف فـوق غوطـتـهـا الحـــــمـامُ

بــلادٌ بـــارك الــرّحــمــن فـــيـهــا ... وغـــــرّد فـي مـقـانـيـهـا الــسّــــلامُ

يــمـد الــفــجــر راحـــتــــه إلــيها ... مـعــطــرةً وفــــــي فـــمـــه اِبتســامُ

وينسج مـن خـيـوط الـنـور ثــوبـاً ... لـغــوطــتــهــا يـــوشـــيــــه الـغـرامُ

فـلا تــسـأل عــن الحـــسـناء لـمـَّا ... يفــــــــيض على ملامحها انســـجامُ

لــهــا وجـــــــهٌ صـباحيٌّ جـمـيــلٌ ... مـــحــــال أن يـخـــبــئــه الـــظّـــلامُ

دمـشــق أصـــالـةٍ في مـقـلـتـيتهـا ... حـــديـــثٌ لا يـــصــوره الـــكــــــلامُ

تظـــــلُّ دمـشـق نبراس المعــالـي ... وإن طـال السُّــرى وجفـا المــــــنـامُ

تَــهُــب رياحهـا شـرقــاً وغــربـــاً ... بـمـا يـرضـى بــه الـقـــوم الـكــــرامُ

وتعـصـف ريـحـهـا بدعـــاة وَهــمٍ ... تـمــادوا فــــي غـوايـتهـم وهــامـوا

إذا ذُكــرت بــلاد الشــــام طـــابـت ... بــهـــا كـلـمـاتـنـا وسـمـا الــمــقـــامُ

لأن الـــشّــام لـلـكــرمــاء رمـــــزٌ ... وإن أزرى بــمــوقــفـها اللـــــئــــامُ

كــــأنَّ الـجـــامــع الأمــوي فـيهــا ... عـــظـيـم الــقـــوم بـايـعه الـعِــظــامُ

ويـبرز " قاســيـون " كشـيخ قـومٍ ... يـحـدثـهـم وفــــــي يــــده حـــســـامُ

لـقـد طـال اغـتـراب الـشّــــام عـنّـا ... وغيـّــب وجـهـهـا الصـــافـي القـتامُ

رمـتـهـا الـطــائـفـيـة مــنــذ جاءت ... بـقــــســوتــهــا وأدمــتـهـا السـهـامُ

بــلاد الـشــام مــا زالــت تُــعــانـي ... ومـــا زالـت بـحـسـرتـهـا تــُضــــامُ

سـلـوهـا عـــن حـمــاةً فهي تبـكـي ... و إن ضـحـكـت وأسـكـتـهـا اللـجـامُ

فإن تــرابـهــا مــــا زال يـشـكــــو ... وفــــــي ذراتـه دمــهـــا الـــحـــرامُ

لـقـد كـانـت حـمـاةُ العِــــزِّ جـرحــاً ... و مــــازالــتْ ، فـلـيـسَ لـه الْـتـئـامُ

أَظَــنَّ المـعــــــتـدي الـغــــــدَّار أنَّـا ... نـســيـناهـا وأخْـــــفاهـا القــَــــــتامُ

جـرائمٌ تـنـفـرُ الأخـــــــلاق مــنـهـا ... لـهــــا في شـامـنا الغــــالي ضِــرامُ

شـواهِـدُهـا أمــــام العـيـن تجــري ... فهـــذي " بانياسُ " لـهـا احــــتدامُ

وفي مـحـرابِ " دَرْعةَ " ما يُرينـا ... شـواهـــــــدَ من جـرائـمــهمْ تُـقـــامُ

لقد سالـت دمــاءُ الـنـاسِ ظُـــلـمـاً ... فأُفـــــلـتَ مـن يــدِ الـبـاغي الـزِّمـامُ

وأصـبـحـت الوعـــودُ بلا وفــــاءٍ ... وأنَّى تمــطـرُ السُّــــحـبُ الجَــــهَـامُ

تُحـدِّثُ " دومـةُ " الأبـطــال عـمَّا ... يـخـبـئ مـن فـــــــظائـعـهِ النِّظـــــامُ

ولو نـطـقَـتْ بمـا تـلــقاهُ حـمــصٌ ... لأيـقــــظ كـلَّ من غـفـلوا ونامـــــوا

وحـــرَّكَ في دم الشَّـهــباءِ عـزْمـاً ... لـكـيــــلا يـطْـمُـسَ الأَثَــــــرَ الزِّحـامُ

أيا حـلـبَ الإبــاءِ لـك المـــــعـالـي ... فهيَّا قبــــــــلَ أنْ يَـحْـمـى الـصِّـــدامُ

فللأبـطــــالِ نـصــــــرٌ أو جِـــنـانٌ ... وأنـفُ المـستـكـيـنِ ، له الرَّغـــــــامُ

أطلتِ الصـمـت يا حـلـب المـعـالي ... وفي الـمــيدان للـشـعـب اِعــتـصــامُ

مـدائنُ شــامـنـا تُـصْــلى بــــــنـارٍ ... ويــزعـجـهـا منَ الجيشِ اِقـتـــحــامُ

نــشــازٌ أن تـكــون الــشّـــام داراً ... لــطــائـفــةٍ ســجـيـتـهــا اِنـتــقـــــامُ

يـبـاعــدهــا عــن الإســـلام وَهــمٌ ... ويـنـخـر فـــي عـقـيــدتـهـا الـسـقـامُ

تـحـاربُ مـن يـقـولُ : أريدُ عــدْلاً ... لأنَّ العــــــــــدلَ فـــــــيـهــا لا يُـرامُ

أتـطـــمـعُ دولـةٌ في حـبِّ شـعـــبٍ ... ولـيـس لـهـا إلى العـــــدل احتكـــامُ

أيـا أكــنـاف بـيـت الــقــدس إنــي ... أرى غــيـثـاً يـجــود بــــه الـغـمـــامُ

فحبل الظّــلـم في الـدُّنـيـا قـصــيرٌ ... وعـقـبـى قاتِــل الشَّـعـب انهــــــزامُ

لـقـد كــان اخـتـطـــافــك بــاب ذل ... ومــثـــلـك بــالــمــذلــة لا يســــــامُ

كـأنّـي بالحـــواضــر و البـــوادي ... تقـول لمن سَعَـوا ولمـن أقـــــــاموا

لـقــــــد آنَ الأوانُ لـكـســر قــــيـدٍ ... فـهـبِّـي من قـيــــودكِ يا شــــــــــآمُ


عبدالرحمن العشماوي