سياسات الهجرة
يتوقف المدى الذي يسمح به أي بلد من الهجرة إليه على حاجة ذلك البلد لجذب مواطنين جدد. فكل من أستراليا وكندا ونيوزيلندا وجنوب إفريقيا كانت بحاجة إلى مهاجرين خلال القرن التاسع عشر الميلادي بصفة خاصة. فقد كانت بلادًا نامية وبها مساحات شاسعة للمستوطنين الذين رغبوا في العمل في الزراعة والتجارة والصناعة. بيد أنه بحلول السنوات الأولى من القرن العشرين، كانت هذه الدول قد وضعت قيودًا على أعداد وأصول المستوطنين. فقد ضغط المستوطنون المقيمون نتيجة إحساسهم بأنهم أصبحوا مهددين بأفواج من الناس تتدفق وكأنها تسلبهم فرصهم في العمل.

يتعين عادة على الشخص الراغب في الهجرة إلى بلد ما أن يكون لديه جواز سفر من بلده، وقد يحتاج لتأشيرة دخول ورخصة عمل من البلد الذي يرغب في القدوم إليه. ويشترط في بعض البلدان العربية وآسيا الوسطى، وبعض بلاد أوروبا الشرقية أن تكون لدى الشخص تأشيرة خروج لمغادرة البلاد. تعتمد الهجرة إلى كثير من البلاد الآن على نظام الحصة التي تحدد عدد المهاجرين من أي بلد أو منطقة معينة. ويتأهل المهاجرون على أساس الأفضلية وغالبًا ما تحسب بنظام النقاط. تعطى أفضل النقاط للمهارات الفنية والعمر ومستوى التعليم والمعرفة اللغوية ولعوامل شخصية أخرى من المهاجرين على أساس العلاقات الأسرية. وينبغي أن يكون المهاجر على علاقة وثيقة بمواطن أو مقيم دائم في البلد الذي يرغب دخوله.

ويُقْبَل اللاجئون أيضًا مهاجرين على أساس الحصة. ولدى بلاد مثل أستراليا أيضًا فئة تسمى رجال الأعمال؛ أي أناس يعتزمون تأسيس أعمال تجارية. والهجرة إلى البلاد الأوروبية الصناعية حيث تكتظ مدن كثيرة بالسكان بصفة عامة أكثر تقييدًا بالرغم من أن هناك شروطًا أقرتها المجموعة الأوروبية تتيح للناس الانتقال بين دول المجموعة الأوروبية لأغراض العمل. وينتقل كثير من الأوروبيين الجنوبيين إلى مناطق صناعية في شمال أوروبا بغرض العمل. وتقصر المملكة المتحدة الهجرة على ذوي القربى وعلى أناس موجودين في البلاد من قبل وعلى عدد معين من اللاجئين. إلا أنه يسمح عمومًا لمواطني جمهورية أيرلندا بالإقامة في المملكة المتحدة ولهم حرية التنقل بين البلدين.

لدى إسرائيل سياسة هجرة فريدة من نوعها. فهي تسمح لأي يهودي من أية جهة في العالم بدخول أرض فلسطين المحتلة والحياة فيها، ومصادرة الأراضي من العرب لاستيعاب المهاجرين. وقد وصل حوالي مليون يهودي إلى فلسطين خلال العشرين سنة الأولى بعد قيام الدولة سنة 1948م. كما جُلب كثير منهم أيضًا أثناء الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م). وهاجرت إليها في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات أعداد كبيرة من يهود الاتحاد السوفييتي (سابقًا) ومن شرق أوروبا، وأكثر من نصف الإسرائيليين في الوقت الحاضر أتوا من بلاد أخرى.



اندماج المهاجرين


كيف يصير المهاجر مواطنًا. يسمى الإجراء القانوني الذي يكتسب شخص بمقتضاه حق المواطنة في بلد جديد التجنس. ولكل بلد نظمه الخاصة به، إلا أنه إجمالاً يتعين على طالب التجنس أن يكون مقيمًا هناك لعدد محدد من السنين. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على المهاجر أن يدلل على قدر من المعرفة بلغة وتاريخ وتقاليد البلد الذي يرغب أن يكون مواطنًا فيه. ويؤدي المهاجرون قسم الولاء لبلدهم الجديد، وقد يُفرض عليهم التنازل عن جنسيتهم الأصلية.



برامج الدمج. يواجه المهاجرون في كل البلاد مشاكل الاستقرار في محيطهم الجديد، وتزداد هذه المشاكل عندما يتعين على الجدد التعامل بلغة مختلفة وثقافة غير مألوفة لديهم. وقد أوليت هذه المشاكل عناية خاصة في بلاد مثل أستراليا، حيث جاءت أعداد غفيرة من المهاجرين من شمالي وشرقي أوروبا والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا. وتمول الحكومة الخدمات لإزالة الحواجز التي تعوق مشاركة المهاجرين في المجتمع الأسترالي، تبدأ هذه الخدمات بالإرشاد قبل وصول المهاجرين إلى البلاد. وتشمل الخدمات فيما بعد توفير المستشفيات والشقق السكنية لهم. فضلاً عن ذلك، تقدم شبكة الهاتف للمهاجرين، رغم اتساع البلاد، خدمات الترجمة لأكثر من 100 لغة، وتتيح برامج التعليم فرص تعلم اللغة الإنجليزية للكبار من المهاجرين، كما تنظم صفوف خاصة لتعليم اللغات للأطفال في سن الدراسة.