اللسان تبيين المعاني أفضل من أي لسان آخر

أما الفلاسفة فقد وصفوا اللسان العربي بالعجز عن الدلالة عن بعض المعاني الفلسفة لذلك اخترعوا أسماء ونقلوها إلى العربية، ومن هذه المعاني ما هو من عقيدة المسلم:
فكيف لا يستطيع العربي بعربيته أن يدل عن معنى "god exist" بألفاظ عربية
قال الفارابي في كتاب الحروف:
وليس في العربية منذ أول وضعها لفظة تقوم مقام "هست" في الفارسية ولا مقام "استين" في اليونانية ولا مقام نظائر هاتين اللفظتين في سائر الألسنة. وهذه يُحتاج إليها ضرورة في العلوم النظرية وفي صناعة المنطق. فلما انتقلت الفلسفة إلى العرب واحتاجت الفلاسفة الذين يتكلمون بالعربية ويجعلون عباراتهم عن المعاني التي في الفلسفة وفي المنطق بلسان العرب، ولم يجدون في لغة العرب منذ أول ما وضعت لفظة ينقلون بها الأمكنة التي تستعمل فيها "استين" في اليونانية و "هست" بالفارسية فيجعلونها تقوم مقام هذه الألفاظ في الأمكنة التي يستعملها فيها سائر الأمم، فبعضهم رأى أن يستعمل لفظة "هو" مكان "هست" بالفارسية و"استين" باليونانية ... ورأى آخرون أن يستعملوا مكان تلك الألفاظ بدل الهو لفظة الموجود، وهو لفظة مشتقّة ولها تصاريف. وجعلوا مكان الهويّة لفظة الوجود، واستعملوا الكَلِم الكائنة منها كَلِما وجوديّة روابط في القضايا التي محمولاتها أسماء، مكان كان ويكون وسيكون. واستعملوا لفظة الموجود في المكانين، في الدلالة على الأشياء كلّها وفي أن يُربَط الاسم المحمول بالموضوع حيث يُقصَد أن لايُذكَر في القضيّة زمان، وهذان المكانان هما اللذان فيهما " هست " بالفارسيّة و " استين " باليونانيّة. واستعملوا الوجود في العربيّة حيث تُستعمَل " هستي " بالفارسيّة، واستعملوا وُجد ويوجَد وسيوجَد مكان كان ويكون وسيكون.
وقد استقر الحال على الحل الثاني وتسرب إلى العربية من الفلسفة ما ليس منها فإذا سألت أحدا عن ترجمة معنى "god exist" سيرد عليك في الحال "الله موجود"

لكن هل دل الشرع على هذا المعنى بهذا اللفظ؟ وماذا يعني لفظ "الموجود" في العربية:

هذا ما ذكره الفارابي:
الموجود في لسان جمهور العرب هو أوّلا اسم مشتقّ من الوجود والوجدان. وهو يُستعمَل عندهم مطلَقا ومقيَّدا، أمّا مطلَقا ففي مثل قولهم " وجدتُ الضالّة " و " طلبتُ كذا حتّى وجدتُه "، وأمّا مقيَّدا ففي مثل قولهم " وجدتُ زيدا كريما " أو " لئيما ". فالموجود المستعمَل عندهم على الإطلاق قد يعنون به أن يحصل الشيء معروف المكان وأن يُتمكَّن منه في ما يراد منه ويكون معرضا لما يُلتمَس منه. فإنّما يعنون يقولهم وجدتُ الضالّة " ووجدتُ ما كنت فقدتُه " أنّي علمتُ مكانه وتمكّنتُ ممّا ألتمسُ منه متى شئتُ. وقد يعنون به أن يصير الشيء معلوما. وأمّا الذي يُستعمَل مقيَّدا في مثل قولهم وجدتُ زيدا كريما " أو " لئيما " فإنّما يعنون به عرفتُ زيدا كريما أو لئيما لاغير. وقد يستعمل العرب مكان هذه اللفظة في الدلالة على هذه المعاني " صادفتُ " و لقيتُ "، ومكان الموجود " المصادَف " و " الملقى ".

والأدهى من ذلك ولم يذكره الفارابي أن إسم المفعول من أوجد بمعنى خلق هو الموجود

وبذلك فإن المعاني التي يدل عليها اللفظ العربي الموجود ليست هي نفسها التي يدل عليها مثلا اللفظ الأنجليزي exist وفي الأمكنة التي يستعمل فيها جمهور العرب هذه اللفظة لفظةٌ معروفة عند سائر الأمم وفي الأنجليزية هي find لذلك عند ترجمة معاني القرآن فمعنى هذا اللفظ يعبر عنه ب:
(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا) فترجمة معاني الآية 64 من سورة النساء هي:

We sent not an apostle, but to be obeyed, in accordance with the will of Allah. If they had only, when they were unjust to themselves, come unto thee and asked Allah.s forgiveness, and the Messenger had asked forgiveness for them, they would have found Allah indeed Oft-returning, Most Merciful.


(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
أما بالنسبة للآية 39 من سورة النور فترجمة معانيها إلى الأنجليزية هي:
But the Unbelievers,- their deeds are like a mirage in sandy deserts, which the man parched with thirst mistakes for water; until when he comes up to it, he finds it to be nothing: But he finds Allah (ever) with him, and Allah will pay him his account: and Allah is swift in taking account

فما هو اللفظ العربي الذي يدل على معنى اللفظ الأنجليزي "exist" ؟
جاء في الحديث الشريف:
عن أنس رضي الله عنه أنه قال : أشهد أن الله – تعالى – حق ، وأن لقاءه حق ، وأن الساعة حق ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، ومن عذاب القبر ، ومن عذاب جهنم"
وهذا الحديث يبين أن المعنى المراد متضمن في اللفظ العربي "الحق"
وترجمة معنى "god exist" إلى لغة القرآن هو "الله حق" والحق هو إسم من أسمائه تعالى الحسنى