منتديات احلى حكاية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات احلى حكاية دخول

موقع خاص بالتصاميم وتحويل الاستايلات واكواد حصريه لخدمه مواقع احلى منتدى


description تجربة سامح شعير الشعرية بقلم : محمود الديدامونى Empty تجربة سامح شعير الشعرية بقلم : محمود الديدامونى

more_horiz
لعل الشعر المصري كان أحد أهم التجليات التي ميزت بين الموقف الشعبي المصري والموقف الحكومي بعد توقيع اتفاقية كامب ديفد عام 1979، وسيظل الشعراء فى هذا الحراك حتى يتحقق لهم مرادهم ، بل ومراد الأمة العربية ، والشاعر هو لسان أمته والمعبر الأمين عنها ، فهو يحتفظ بتراثها داخله ويستثير من أحداث التراث ما يناسب واقعه ، ويستشرف آفاق المستقبل ، لأنه توّاق للحرية ، واثق فى قرارة ذاته ورغم مرارات حاضره أن المستقبل لابد وأن يحمل بين طياته نقاط ضوء ، يمكن أن تكون هاديه نحو الحياة والانطلاق .
والشاعر سامح شعير من الشعراء الذين قدموا تجربة تجمع بين العام والخاص ، مهموما فى جلها بالقضايا العامة ، تاركا لذاته مساحات أخرى عزف فيها على وتر الوجدان ، وقدم العديد من اللوحات الشعرية من خلال قصائده القصيرة المكثفة ، فى ديوانيه " الرقص على وتر الهوامش " "1 "" و لا سبيل إلى الرجوع " " 2 " وقد أدرت أن اكتب عن الديوانين جملة واحدة للوقوف على طبيعة تجربته وطبيعة الكتابة عند سامح شعير ، ونرصد معا مدى تطوره أو ثباته فى موقف ما فى آن ، هى محاولة للاقتراب من عالمه .
ولو ذهبنا إلى قراءة العناوين من منطلق سيميائى يتعلق بسيمياء العنوان لكل من العملين على اعتبار أن العنوان كما يقال - عتبة النص الأولى، سواء أكان ذلك على مستوى العنوان العام، أو على مستوى عناوين القصائدلوجدنا أن الشاعر فى " الرقص على وتر الهوامش " يقدم جملة اسمية من مبتدأ وخبر شبه جملة وهو أيضا يمثل عنوانا لإحدى قصائد الديوان ، يقدم توصيفا يحمل بين طياته المبتدأ والخبر ، يطرح بين طياته مساحات شاسعة للتخيل فى تساؤلات متتالية مثل من يرقص لمن ولماذا ؟ وكيف يكون للهوامش وتر ؟ .... الخ من الأسئلة التى يمكن أن يطرحها العنوان ، الحقيقة أن الربط بين العنوان الخارجي والعنوان الداخلى لخرجت الدلالات كما يقول علماء علم الدلالة أو الإشارة " السيميائيون " وهى لب الصراع العربى الإسرائيلي ، يستدعى ويستحضر التراث اليهودى " سالومى " ويحيى المعمدان " ليؤصل لجذور الصراع ويضعنا معه على المحك .
بينما هو فى عنوانه الثاني " لا سبيل إلى الرجوع " يستخدم النفي كتصدير صريح على فكرة الرجوع ، وهى تحمل دلالة المقاومة والصمود ، وهذا يذكرنا بمقولة القائد العربى " طارق بن زياد " أثناء فتح الأندلس والتى قال فيها : «(أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم، وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم، ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم، وتعوَّضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية (يقصد لذريق) فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة، وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن، إن سمحتم لأنفسكم بالموت.
وإني لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة، ولا حَمَلْتُكُمْ على خطة أرخص متاع فيها النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي، واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقِّ قليلاً، استمتعتم بالأرفَهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه بأوفى من حظي".» "3 "
أعتقد أن تلك المقولة أحد مرتكزات سامح فى اختياره للعنوان وربما لا يكون ذلك من بطريقة مباشرة ، بل هو كامن فى نفسه ، وخرج للسطح عندما ألحت عليه فكرة المقاومة فى وجه عدو غاشم هو ليس ببعيد عن واقعنا وليس بمنأى عن الربط بينه وبين عدو بزّ لنا من ذاكرة التراث الإسلامي .. ولعل القضية الفلسطينية كما يقول د/ محمد سالمان فى كتابه فلسطين فى الشعر المصري اشتغل عليها الشعراء المصريون كثيرا وربطوا فيها بين فلسطين والأندلس باعتبارهما مترادفين هامين فى تاريخ العرب والمسلمين ." 4 "
وبعيدا عن طرح تجربة سامح من خلال قراءة فى سيمياء العنوان فإنه من المهم بل ومن الواجب أن نتعامل مع الشاعر وتجربته من خلال أدواته وطاقاته الفنية أيضا ، على اعتبار أن الشعر نص أدبي له مقوماته الفنية التي يرتكز عليها
يقول يوري لوتمان بأن النص الشعري نص غير حر "5 " لأنه يخضع لمجموعة من القواعد كغيره من اللغات الطبيعية إضافة إلى قيود جديدة مرتبطة بطبيعة اللغة الشعرية ذاتها (مثل مراعاة المقاييس الوزنية والإيقاعية وتوليفها طبقا للمستويات اللسانية الأخرى الصوتية والتركيبية والدلالية والمعجمية)، فإن كل هذه المكونات الجمالية تنهض بدور أساس وفعال في تشكيل شعرية النص الأدبي. حيث لم تعد الخصائص الأسلوبية، وخاصة الصور البديعية، عبارة عن "صيغ يؤتى بها للتزيين والتحسين وإنما هي جوهرية في لغة الشاعر لا تتحقق المادة الشعرية إلا بها ، ومن هنا فإن تصنيف الشعراء بحسب استخدام التقنيات البلاغية والصور الأسلوبية أمر يحتاج إلى تأمل وإعادة نظر، لأن الشعرية الحديثة تعتبر تلك الوسائل الفنية جزءا لا يتجزأ من العمل الفني كله، وتكون ما يعرف بأسلوب الشاعر في الكتابة.
ولنقرأ بعض نصوص ديوان " الرقص على وتر الهوامش " حيث يفتتح الديوان بقصيدة " السلم الخلفى " مانحا المتلقى صورة غاية فى الدقة يدخل المتلقى مباشرة إلى جو الديوان ، ومن خلال توافق كبير مع العنوان حيث مساحات كبيرة للتلاقي بينهما فيقول :
فى السلم الخلفي
رشفة الحرمان من حلق الزمن
وهى بداية قوية للتعبير عن الحرمان الذي أوجده الزمن ولم يبعد الشاعر فى أن يسوق لنا دلالات رومانتيكية أيضا تعبر عن حالة الاحتياج تلك فيستمر قائلا :
لا سيما الأضواء خافتة
والأعين البلهاء لا تدري
وأنا وأنت ...
نحتسى كأسا مريرا
إنه قهر الضعاف
من الملاحظ من خلال هذا المقطع إصرار الشاعر على استراق اللحظة ، وكأن العواطف فى هذا الزمن وخاصة عندما يكون الأمر متعلقا بمن وصفهم بالضعفاء ، حالة انتهازية تسير فى فلك المداراة والمواراة ..
وإذا كنا بصدد دراسة فى الدلالة فمن المهم أن نشير إلى رأيين فى هذا الاتجاه حيث العلامة عند " سوسير " علامة مجردة تتكون من الدال والمدلول ، أي تتجرد من الواقع والطابع الحسي والمرجعي. بينما العلامة عند ميخائيل باختين العالم الروسي ذات بعد مادي واقعي لا يمكن فصلها عن الإيديولوجيا. وفي نظره ليس كل علامة إيديولوجية ظلا للواقع فحسب وإنما هي كذلك قطعة مادية من هذا الواقع. إضافة على ذلك، يرى باختين أن العلامات لا يمكن أن تظهر إلا في ميدان تفاعل الأفراد أي في إطار التواصل الاجتماعي. وبذلك فوجود العلامات ليس أبدا غير التجسيد المادي لهذا التواصل ، وأنا أرى أن أتوافق هنا مع رأي باختين فيما يتعلق بديوان شاعرنا " سامح شعير " حيث لم يبعد سامح شعير كثيرا عن واقعه الاجتماعي والسياسي بل والوجداني فهو يستمد كل ذلك من واقعه حتى عندما غنى لأبنائه ، لم يكن يغنى إلا لواقع .
المهم أن هذه القصيدة " السلم الخلفي " تمنحنا لوحتان مهمتان ، الأولى : تتعلق بالصورة النفسية متمثلة فى الحرمان ، والثانية : تتعلق بالصورة المادية حيث جاء تعبيره بـ " السلم الخلفي " وهو إطار مادي .. وهما صورتان متعانقتان عناقا مكثفا جميلا ولا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى .
بينما تأتى قصيدة " رتوش المرايا " تحمل عزفا خاصا على أوتار النفس فى استخدام المرايا كمرادف للنفس البشرية " نفس الشاعر " لتصبح عاكسة لكل تساؤلاتها ، ووضع كل ما يجول بها أمامها .. وللحقيقة أن المحاورة النفسية لم تكن من جانب واحد ، كون المرايا كانت فاعلة فى البناء الدرامي للنص الشعري ، كما كان الشاعر موفقا لحد بعيد فى بدء قصيدة بحرف " الفاء " وهى " فاء " استئنافية .. وكان الشاعر يستأنف حديثا كان قد بدأه ثم توقف ... واضعا المتلقى معه على حافة التعجب ..
يلجأ فى ذلك للاسترفاد التراثي وتوظيف القصص القرآنى " قصة يوسف ورؤيا فرعون مصر " فيقول :
فهلَّا ستأتي
سمان تولت
فحلَّت ...
وجلّت سيول الجراد
وتأتي بخضرٍ
عجاف السنين
وهو فى ذلك يتمسك بالسؤال .. ما دام يملك بين جنبيه قلبا يخفق ، حتى إذا ما توقف أقرّ بالموت ... وعندها سيرسم وجهه فوق المرايا على حد قوله بـ " ماء وطين " ، وهو يقدم عبر لوحات متتابعة دافعه للحياة من خلال الحس والمشاعر .. وأن المرايا ما هى إلا عاكس غير أمين .. او ليس بالضرورة أن يكون أمينا فى غالب الأحوال .. لأنه لا يقر فى غالبه أحواله أيضا إلا بالمادة " الصورة المادية المرئية .. وهنا يقر الشاعر وجهة نظر واحدة لتوظيف المرايا ويعتبرها مادة تعبر عن مادة " الماء والطين " فى هذه القصيدة وتلك رؤية تخص الشاعر قد نختلف معه فيها .
بينما فى القصيدة التى يحمل الديوان عنوانها " الرقص على وتر الهوامش " يبدأها بالسؤال ويختمها بالكشف أو الإجابة ، وللمرة الأولى أجدني أمام نص يطرح تساؤلات ويقدم إجابات بمعنى أن الشاعر دائما يثير التساؤلات ، لكنه لا يقدم إجابات وليس معنيا بذلك ، لكنه هنا منح الإجابة الغير مباشرة والتوصيف المناسب لحالته وهو حال أمة بكاملها ترقص فى الهوامش على حد قوله ، فيقول :
كانت تقول الأغنية
وتحوم حول عيونها شتى المعانى أخيلة
فى إشارة ضمنية " لسالومي " وكما قلت سابقا فهو يستلهم التراث ويوظفه ببساطة وجمالية أيضا ، ويستمر قائلا:
كانت معي
كانت هنا
فى أضلعي
كانت معه
كانت هناك
وترتمي في أضلعه
شيطانة هي .. هكذا هي الصورة ... قدمها الشاعر بطريقة جيدة " هي المرأة المجاز " اللعوب ولنتابع معه تلك الصورة الحركية التي جاءت دالة ومعبرة تماما عن حيوية البناء الشعري وحركية الدراما داخل النص فيقول :
حرّكتني
حوّلتني من زماني
من مكاني
كنت أحلم
لست أدري
كنت أحويها بعيني
نلاحظ أن تلك الصورة الحركية لها حدودها المادية والمعنوية على حد سواء ، وبنفس القدر من التواجد ، ولعل لحظة الكشف كان لها من التداعيات النفسية الكثير على نفس الشاعر ، حيث كان معتقدا فى أنها ترقص له ، وبأنه يمثل قيمة تستحق ذلك .. ليقدم لنا الشاعر فى النهاية مفارقة تصويرية تؤكد على لحظة الكشف وتوضح لنا ما اختلج له قلب الشاعر : فيقول :
كنت أسأل هل لأجلي
أم لكل الناس ترقص
لم أبال
ثم فجأة
يظهر التتر المرصّع
إسمها
اسم المؤلف
والملحن
والموزِّع
وأنا ما زلت أرقص
فى " ال هـ و ا مـ ش "
هكذا كتبها الشاعر متقطعة متفرقة ، ليحيلنا أيضا للشكل " السيميائية" وما يرتبط به من إشارات أو علامات فى تأويلات الكتابة ، من كونها تعبر عن وقع الصدمة على نفسه أو نزفه من الداخل أو تباعد حلمه عن واقعه أو أن ذاته تحتاج للملمة ... الخ من التأويلات .
********
أما ما يخص الديوان الثاني " لا سبيل إلى الرجوع " يبدأ الشاعر الديوان بقصيدة " مسالة " وهو هنا أكثر قدرة على استخدام المفردة وتوظيفها دلاليا ، أصبح سامح أكثر جرأة فى استخدام اللفظ ، ومغايرة دلالته العادية لتصبح دلالاته الأبعد أكثر تعبيرا عنه فالعنوان " مسالة " وهى إحالة إلى عملية حسابية أو رياضية فيقول ص5 على لسان طفل فلسطيني :
مذ كنت صغيرا علمني
أجمع
أضرب
أرمي
بحجارة هدم منازلنا
ونلاحظ من خلال رصد مفردات القصيدة نلمح أن فكرة التعليم لهؤلاء الأطفال تعلقت بشيئين لا ثالث لهما فى قاموس الأطفال حسابيا أو رياضيا وهو ما يؤكد فكرة المقاومة على أرض الواقع ، هو تعلم الجمع والضرب بينما لا يقبل أبدا بالانتقاص ( الطرح ) أو ( القسمة ) .
الحقيقة أن الشاعر وفق إلى حد كبير فى تلخيص القضية وثبات النشء على مواقفهم فى مواجهة آلة الظلم التى تسعى للتقسيم وانتقاص الحقوق . فهنا نلمح صورة شعرية مكثفة تشتبك فيها الإشارات والدلالات ، وتصبح فكرة الموازاة التأويلية مفروضة بقوة .
فيقول عز الدين إسماعيل رحمه الله عن الصورة الشعرية ( تركيبة وجدانية تنتمي إلى عالم الوجدان أكثر من انتمائها إلى عالم الواقع ) ، وهذا ما فعله سامح هنا من مغايرة الواقع واللجوء لما استقر فى وجدان الطفل . ولكن السؤال هل يمكن أن تقف الصورة الشعرية عند تلك الحدود من تغليب الوجدان على الواقع ، لا أعتقد ذلك حيث يمكن أن يقدم الشاعر صورة شعرية واقعية وتنتمي إلى الواقع فى كل عناصرها ، وتصبح كعامل تأثير على الوجدان .
فالشاعر الجيد هو الذي يبتكر لنا صوراً جديدة منفردة بملامحها وأجزائها وعلاقة بعضها مع بعض، بعيدة كل البعد عن الوصف المباشر و بدلالات إيحائية ورمزية عن طريق التركيبات الإستعارية المكثفة المكتنزة بالإيحاء وعمق الدلالة يكتبها بشعور صادق وبتوافق تام بين الفكر والإحساس وبين الجزء والكل معبرا عما يختلج بنفسه ويكنه من خلال الاندماج مع المتخيل الشعري حيث فضاءات الدهشة والومضات التأملية المتتالية ، ومن القصائد التى جاءت فى نفس الإطار التعبيري عن القضايا العربية قصائد " سقط التمثال ، لا سبيل إلى الرجوع ، شهرازاد ، رسالة على شيخي القعيد ، زغاريد على أطلال القدس "من هذا الديوان بينما جاءت قصائد " مت عرفات ، مصادرة ، وغيرها " من ديوانه الأول .
ولعل قصيدته " ظروف القصيرة جدا " من أجمل الومضات الشعرية فى هذا الديوان وفيها يقدم الشاعر لوحة عالية يمتزج فيها العناء بالرغبة ، والحسى بالمعنوي ، فتصبح العلاقة بينهما علاقة تصارع .. لكنه صراع هادئ وبوعي ، وفق الشاعر إلى حد بعيد فى إدارته فيقول :
إني رجلٌ عاديٌ جدا
لا تكفيني امرأة قط
لا اثنان
ولا أربع ..
لكني أحتاج لشيء
ميزان كي أقطع فيه
أرغفة الخبز المغموسة
بالعرق الدامي في يومي
وأوزع فيه ما يبقى من حب " ص 13
إن الشاعر يحيلنا إلى قضية وجدانية ، وتطرح العديد من التساؤلات فيما يتعلق بالمادي والوجداني ، فيما يتعلق بتغليب المادي على المعنوي رغيف الخبز على الحب ، ويستمر الشاعر فى قصيدة " مجاراة " للعزف على وتر الوجدان أيضا باعتبار القصيدة حالة نفسية وجدانية ، وعلى ما يبدو أن الشاعر سامح شعير فى هذا الديوان قد تجاوز الكثير من عثرات الديوان الأول وأصبحت لديه الخبرة فى صياغة قضايا كبيرة فى كلمات موجزة ولوحات مكثفة تدلل على عمق رؤيته وتطور تجربته كما فى ص 25 حيث يقول :
أحببت امرأة مجنونة
توقظني فى عز البرد
كي ألمح قمرا مخنوقا
وتريني نجمات الليل
تترصَّع في حضن الشمس
وأنا من خبلي المسموح
أصدقها القول
وأحاول أن أبدي نفسي
الإنسان الصلب
حالة رصدها الشاعر وعبر عنها فى جمل شعرية بسيطة يتكئ على فكرة المجاراة .
فالشعر يتجلِّى في مكابدة "الرحيل الدائم" وليس في ادعاء "الوصول". ذلك أن الوصول هو نهاية، والنهاية موت؛ والشعر منذور للحياة وليس للموت، أي منذور للرحيل وليس للوصول ، وفلسفة الشاعر فى هذا الديوان تقوم على فكرة المصادرة ، ومسالة العصف الذهني ، وتكثر علامات الاستفهام والتساؤلات ليضعنا على أعتاب العقل والاقتراب من الإطار الفلسفي أكثر من أي شيء آخر ، فنجده فى " علامة استفهام " يقول:
علامة مغيبة
تحيطها الغيوم
وخلفها سحابة
وبين ما يدور في الرد والسؤال
يضيع كل شيء
وتنزوي الحقيقة
يقدم الشاعر هنا توصيفا دقيقا للواقع النفسي المأزوم والمهزوم داخل ما يمكن أن نطرح عليه علامات استفهامية على كافة المستويات الحقيقية والمجازية ، ملخصا ومكثفا أمورا كثيرة داخل تلك الومضة الشعرية الجيدة .
ولم ينفصل سامح شعير عن وجدانه او ذاته فمنحنا مجموعة من القصائد الوجدانية الاجتماعية كما فى قصائد " وفى كفيها أجفاني ، غني نذرتك للقمر ، ... الخ .
نخلص مما سبق أن سامح شعير تطورت تجربته الشعرية على مستوي الإيقاع التعبيري من حيث طول القصيدة لتصبح الومضة الشعرية أكثر تماسكا وقوة فى التعبير ومنح الصور الشعرية المتماسكة ، كما أن الموسيقى انتظمت وعبرت عن روح القصيدة بشكل يدل على خبرة الشاعر فى التعامل مع النص الشعري ، وما يلفت الانتباه هو استمرار الشاعر فى العزف على وتر القضايا العامة العربية ، مما يؤكد توجه الشاعر وتمسكه بمنابع تجربته .


الموضوع الأصلي : تجربة سامح شعير الشعرية بقلم : محمود الديدامونى -||- المصدر : الملتقى الثقافي العربي - الحقوق محفوظة -||- الكاتب : محمود الديدامونى
للامانه

description تجربة سامح شعير الشعرية بقلم : محمود الديدامونى Emptyرد: تجربة سامح شعير الشعرية بقلم : محمود الديدامونى

more_horiz
شكرا لك احبيبي و بارك الله فيك
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد