في مثل هذا اليوم السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 193هـ وصلت السيدة نفيسة ابنة الإمام الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الإمام الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب مصر .

ونزلت بدار سيدة من المصريين تُدعى "أم هانئ" وكانت داراً رحيبة ، فأخذ يقبل عليها الناس يلتمسون منها العلم ، حتى ازدحم وقتها ، وكادت تنشغل عما اعتادت عليه من العبادات ، فخرجت على الناس قائلة : "إني كنت قد اعتزمت المقام عندكم ، غير أني امرأة ضعيفة ، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي ، وجمْع زاد معادي ، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى" .

ففزع الناس لقولها ، وأبوا عليها رحيلها ، حتى تدخَّل الوالي "السَّرِيّ بن الحكم" وقال لها : "يا ابنة رسول الله ، إني كفيل بإزالة ما تشكين منه" .

ووهبها داراً واسعة ، ثم حدَّد موعداً - يومين أسبوعياً - يزورها الناس فيهما طلباً للعلم والنصيحة ؛ لتتفرغ هي للعبادة بقية الأسبوع ، فرضيت وبقيت .



جدير بالذكر أن السيدة نفيسة ولدت يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الأول عام 145هـ بمكة المكرمة ، وتزوجت "إسحاق المؤتمن" ابن جعفر الصادق ، وبزواجهما اجتمع نور الحسن والحسين ، وأصبحت السيدة نفيسة كريمة الدارين ، وأنجبت لإسحاق ولداً وبنتاً هما القاسم وأم كلثوم .

ولمَّا وفد الإمام الشافعي إلى مصر ، وتوثقت صلته بالسيدة نفيسة ، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط ، وفي طريق عودته إلى داره ، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في شهر رمضان ، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء ، حتى إذا مرض كان يرسل إليها من يُقرِئها السلام ويقول لها : "إن ابن عمك الشافعي مريض ويسألك الدعاء" .

وأوصى الشافعي أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته ، فأدخلت الجنازة دارها ، وصلّت عليه ؛ إنفاذاً لوصيته حين وفاته عام 204هـ .

وفي شهر رمضان من عام 208هـ ، توفيت السيدة نفيسة رضي الله عنها ، "ولما ماتت عزم زوجها إسحاق بن جعفر على حملها إلى المدينة ليدفنها هناك ، فسأله المصريون بقاءها عندهم ، فدُفنت في الموضع المعروف بها اليوم بين القاهرة ومصر ، وكان يُعرف ذلك المكان بدرب السباع ، فخُرِّب الدرب ولم يبق هناك سوى المشهد" .