بحث حول التجارة الخارجية
الفصل الأول: التجارة الخارجية و أخطارها

إن التطور الحاصل على مختلف مستويات الأنشطة الاقتصادية، نتج عنه تكييف القوانين المنظمة لهذه القطاعات، تماشيا مع الوضع الراهن، و هذا ما وقع فعلا في مجال التجارة الدولية، ففي ظل التطورات التي عرفتها الساحة الاقتصادية العالمية و التوجه الحتمي نحو الاقتصاد الليبرالي الحر لمواكبة هذه التغيرات، أصبح من الضروري تغيير السياسة العالمية في مجال التجارة الدولية.
و في هذا الإطار قامت الجزائر بالانتقال من سياسة التجارة الخارجية إلى سياسة التحرير الكامل، و قد مرت بعدة مراحل قبل أن تصل إلى ما هي عليه اليوم.
و نظرا لاختلاف الأنظمة السياسية و الاقتصادية للدول تم تحديد طرق دفع دولية و هذا قصد توحيد الوسائل المستعملة في تسديد مبلغ الصفقة الدولية.
رغم الجهود المبذولة لتطوير التجارة الخارجية، إلا أنها لا تخلو من المخاطر المتعددة و المتنوعة،
و سنحاول في هذا الفصل تحديد عملياتها و وسائل الدفع الدولية و المحلية، كذلك الوثائق المستعملة فيها
و مخاطرها، و لهذا الغرض تم تقسيم هذا الفصل إلى ثلاث مباحث:

- المبحث الأول: تطور التجارة الخارجية.
- المبحث الثاني: الأطراف المباشرة و غير المباشر في التجارة الخارجية.
- المبحث الثالث: و سائل و تقنيات الدفع في التجارة الخارجية و مخاطرها.




المبحث الأول: عموميات حول التجارة الخارجية


يعد التبادل التجاري بين الدول حقيقة لا يتصور العالم من غيرها اليوم فلا يمكن لدولة ما أن تستقل باقتصادها عن بقية العالم سواء كانت متقدمة أو نامية، ولذلك ونظرا لأهمية التبادل التجاري الخارجي، فقد تم تقسيم هذا المبحث إلى:
- تطور التجارة الخارجية.
- أهمية التجارة الخارجية.
- سياسة التجارة الخارجية.
تطور التجارة الخارجية.

المطلب الأول: تطور التجارة الخارجية
1- تعريف التجارة الخارجية:
هناك عدة تعار يف للتجارة الخارجيةمنها ما يلي:
•كلا من الصادرات والواردات المنظورة وغير المنظورة..
•المعاملات التجارية الدولية في صورها الثلاثة المتمثلة في انتقال السلع و الأفراد و رؤوس الأموال، تنشأ بين أفراد يقيمون في وحدات سياسية مختلفة أو بين حكومات و منظمات اقتصادية تقطن وحدات سياسية مختلفة.
•عملية التبادل التجاري في السلع و الخدمات و غيرها من عناصر الإنتاج المختلفة بين عدة دول، بهدف تحقيق منافع متبادلة لأطراف التبادل.
من التعاريف السابقة نستنتج أن التجارة الخارجية عبارة عن مختلف عمليات التبادل التجاري الخارجي سواء في صور سلع أو أفراد أو رؤوس أموال بين أفراد يقطنون وحدات سياسية مختلفة بهدف إشباع أكبر حاجات ممكنة. و تتكون التجارة الخارجية من عنصرين أساسيين هما: الصادرات و الواردات بصورتيهما المنظورة و غير منظورة.



2.الفرق بين التجارة الداخلية و الخارجية:
كل من التجارة الداخلية و الخارجية تكون نتيجة للتخصص و تقسيم العمل الذي يؤدي بالضرورة إلى قيام التبادل إلا أن هذا لا يمنع من وجود بعض الاختلافات بين التاجرتين تكمن فيما يلي:
- التجارة الداخلية داخل حدود الدولة الجغرافية أو السياسية في حين أن التجارة الخارجية على مستوى العالم.
- التجارة الخارجية تتم مع نظم اقتصادية و سياسية مختلفة في حين أن التجارة الداخلية في ظل نظام واحد.
- اختلاف ظروف السوق و العوامل المؤثرة فيه في حالة التجارة الخارجية عنها في حالة التجارة الداخلية.
- مرحلة النمو الاقتصادي في العالم ( الرواج، الكساد).
- وجود فرصة للتكتلات و الاحتكارات التجارية في حالة التجارة الخارجية.1
- سهولة انتقال عوامل الإنتاج داخل الدولة الواحدة في حين يصعب ذلك في التجارة الخارجية.
- اختلاف النظم القانونية و التشريعات الاقتصادية و الضرائبية و الاجتماعية التي تنظم التجارة الداخلية عنها
في التجارة الخارجية.
- وجود عملة واحدة تقوم على أساسها التجارة الداخلية بينما تتعدد هذه العملات في حالة التجارة الخارجية.
3. أسباب قيام التجارة الخارجية
يرجع تفسير أسباب قيام التجارة الخارجية بين الدول إلى جذور المشكلة الاقتصادية أو ما يسميه الاقتصاديون بمشكلة الندرة النسبية و تتمثل أهم هذه الأسباب في:
- ليس لكل دولة نفس الإمكانيات التي تكفي لإنتاج كل السلع و الخدمات.
- اختلاف تكاليف إنتاج السلع بين الدول المختلفة نظرا لاختلاف البيئة.
- اختلاف مستوى التكنولوجيا من دولة لأخرى.
- عدم إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي.
- وجود فائض في الإنتاج.
- الحصول على أرباح من التجارة الخارجية.
- رفع مستوى المعيشة.



المطلب الثاني: أهمية التجارة الخارجية
تعد التجارة الخارجية من القطاعات الحيوية في أي مجتمع لما لها من أهمية تتمثل فيما يلي:
- ربط الدول و المجتمعات مع بعضها البعض زيادة على اعتبارها منفذا لتصريف فائض الإنتاج عن حاجة
السوق المحلية.
- اعتبارها مؤشرا جوهريا على قدرة الدول الإنتاجية و التنافسية في السوق الدولي و ذلك لارتباط هذا المؤشر
بالإمكانيات الإنتاجية المتاحة وقدرة الدولة على التصدير، و مستويات الدخول فيها و قدرتها كذلك على
الاستيراد و انعكاس ذلك كله على رصيد الدولة من العملات الأجنبية و ما له من آثار على الميزان
التجاري.
- تحقيق المكاسب على أساس الحصول على سلع تكلفتها أقل مما لو تم إنتاجها محليا.
- التجارة الدولية تؤدي إلى زيادة الدخل القومي اعتمادا على التخصص و التقسيم الدولي للعمل.
- نقل التكنولوجيات و المعلومات الأساسية التي تفيد في بناء الاقتصاديات المتينة و تعزيزعملية التنمية الشاملة.
- تحقيق التوازن في السوق الداخلية نتيجة تحقيق التوازن بين كميات العرض و الطلب.
- الارتقاء بالأذواق و تحقيق كافة المتطلبات و الرغبات و إشباع الحاجات.
- إقامة العلاقات الودية و علاقات الصداقة مع الدول الأخرى المتعامل معها.
- العولمة السياسية التي تسعى لإزالة الحدود و تقصير المسافات و التي تحاول أن تجعل العالم بمثابة قرية
جديدة.

المطلب الثالث: سياسة التجارة الخارجية
تتبع الدول في مجال تجارتها الخارجية عددا من السياسات التجارية التي يمكن أن تتنوع من دولة إلى أخرى حسب ظروفها و توجهاتها السياسية و الاقتصادية و طبيعة الاقتصاد السائد فيها، لذا يتم التطرق في هذا المطلب إلى:
- تعريف سياسة التجارة الخارجية.
- أهداف سياسة التجارة الخارجية.
- أنواع سياسة التجارة الخارجية.



1. تعريف سياسة التجارة الخارجية:
تعرف سياسة التجارة الخارجية على أنها:
- مجموعة الإجراءات التي تطبقها الدولة في مجال التجارة الخارجية بغرض تحقيق بعض الأهداف.
- اختيار الدولة وجهة معينة و محددة في علاقاتها التجارية مع الخارج (حرية أم حماية) و تعبر عن ذلك
بإصدار تشريعات و اتخاذ القرارات و الإجراءات التي تضعها موضع التطبيق.
- مجموعة الوسائل التي تلجأ إليها الدولة للتدخل في تجارتها الخارجية بقصد تحقيق بعض الأهداف.
- اختيار الدولة وجهة معينة و محددة في علاقاتها التجارية مع الخارج (حرية أم حماية) و تعبر عن ذلك
بإصدار تشريعات و اتخاذ القرارات و الإجراءات التي تضعها موضع التطبيق.
- مجموعة الوسائل التي تلجأ إليها الدولة للتدخل في تجارتها الخارجية بقصد تحقيق بعض الأهداف.
2. أهداف السياسة الخارجية
تعمل سياسة التجارة الخارجية على تحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية و الاجتماعية و الإستراتيجية.
1.2 الأهداف الاقتصادية: تتمثل في:
- زيادة موارد الخزينة العامة للدولة و استخدامها في تمويل النفقات العامة بكافة أشكالها و أنواعها.
- حماية الصناعة المحلية من المنافسة الأجنبية.
- حماية الاقتصاد الوطني من خطر الإغراق الذي يمثل التمييز السعري في مجال التجارة الخارجية أي البيع
بسعر أقل من تكاليف الإنتاج.
- حماية الصناعة الناشئة أي الصناعة حديثة العهد في الدولة حين يجب توفير الظروف الملائمة و المساندة لها.
- حماية الاقتصاد الوطني من التقلبات الخارجية التي تحدث خارج نطاق الاقتصاد الوطني كحالات الانكماش
والتضخم.
2.2 الأهداف الاجتماعية: تتمثل في:
- حماية مصالح بعض الفئات الاجتماعية كمصالح الزراعيين أو المنتجين لسلع معينة تعتبر ضرورية أو أساسية
في الدولة.
- إعادة توزيع الدخل القومي بين الفئات و الطبقات المختلفة.

3.2 الأهداف الإستراتيجية: تتمثل في:
- المحافظة على الأمن في الدولة من الناحية الاقتصادية و الغذائية و العسكرية.

- العمل على توفير الحد الأدنى من الإنتاج من مصادر الطاقة كالبترول مثلا.
3. أنوع سياسة التجارة الخارجية
1.3 سياسة حماية التجارة الخارجية: تتم دراسة سياسة حماية التجارة الخارجية في:
1.1.3.تعريف سياسة حماية التجارة الخارجية:
تعرف سياسة حماية التجارة الخارجية على أنها:
- تبني الدولة لمجموعة من القوانين و التشريعات و اتخاذ الإجراءات المنفذة لها بقصد حماية سلعها أو سوقها
المحلية ضد المنافسة الأجنبية.
- قيام الحكومة بتقييد حرية التجارة مع الدول الأخرى بإتباع بعض الأساليب كفرض رسوم جمركية على
الواردات أو وضع حد أقصى لحصة الواردات خلال فترة زمنية معينة مما يوفر نوعا من الحماية للأنشطة المحلية من منافسة المنتجات الأجنبية.
2.1.3. الآراء المؤيدة لسياسة حماية التجارة الخارجية:
يستند أنصار الحماية التجارية إلى مجموعة من الحجج أهمها:
- إتباع هذه السياسة سوف يؤدي إلى تقييد المستوردات و انخفاض حجمها و إزاء هذا الوضع لا يجد المستهلك المحلي مقرا من تحويل إنفاقه من السلع الأجنبية إلى البدائل المحلية.
- يلزم الدولة الحصول على موارد مالية منتظمة حتى يمكنها القيام بمهامها المختلفة.
- حماية الصناعات الوطنية الناشئة من المنافسة الأجنبية المتوفرة على خبرة من الوجهة الفنية و ثقة في التعامل من الوجهتين التسويقية و الائتمانية.
- تحديد و وضع تعريفة جمركية مثلى لدخول السلع و الخدمات الأجنبية إلى الأسواق المحلية بهدف تحقيق الحماية المثلى للصناعة و السوق في الدولة.
- مواجهة سياسة الإغراق المفتعلة و التي تعني بيع المنتجات الأجنبية في الأسواق المحلية بأسعار أقل من
الأسعار التي تباع بها في سوق الدولة الأم، و ذلك بفرض رسم جمركي على الواردات يساوي الفرق بين سعر
البيع في السوق المحلي و سعر البيع في الدولة الأم.