المقدمة
إن القانون الدستوري عبارة عن مجموعة القواعد القانونية التي تحدد نظام الحكم في الدولة فتبين سلطاتها العامة من حيث تكوينها واختصاصاتها وتحدد العلاقات التي تربطها ببعض وبالأفراد.
فقواعد القانون الدستوري هي التي تبين شكل الدولة وما إذا كانت بسيطة أم مركبة ونظام الحكم فيها، ومدى قيامه على الديمقراطية المباشرة أو النيابية والسلطات العامة وكيفية تكوينها .
وما تختص به علاقاتها ببعضها ومدى استقلالها أو تعاونها حسب التفسير المأخوذ به لمبدأ الفصل بين السلطات وما يترتب عليه من تنوع الأنظمة إلى نظام برلماني ونظام رئاسي ونظام جمعية. وهي التي تحدد كذلك علاقات هذه السلطات بالأفراد وما يتمتع به هؤلاء من حريات عامة وحقوق فردية. فماذا تعني إذن كلمة الدستور وفق المعيار اللغوي إن (كلمة الدستور بضم الدال فارسية معربة ومعناها الوزير الكبير الذي يرجع إليه في الأمور، واصله الدفتر الذي يجمع فيه قوانين الملك وضوابطه فيمشي به الوزير لان ما فيه معلوم له أو لأنه مثله في الرجوع إليه أو لأنه في يده أو لأنه لا يفتح إلا عنده)، أي إن الدستور كلمة فارسية الأصل معناها الأساس.
تتنوع الأساليب التي تنشأ بها الدساتير، كما تتنوع الدساتير حسب أسلوب نشأتها بتنوع أنظمة الحكم في العالم، وذلك لأن كل دستور هو نتاج للأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة به، وعلى وجه الخصوص مستوى التطور الذي بلغه النظام السياسي وتبعا لدرجة التطور الديمقراطي في كل دولة من هذه الدول، وكذا لتقاليدها وخبراتها السياسية ، وهى تتطور بتطور أنظمة الحكم في كل دولة من الدول، ففي ظل الأنظمة السياسية القديمة القائمة على الحكم المطلق حيث لا حدود ولا قيود على سلطات الحكام لم تنشأ الدساتير المكتوبة، لأن هذه الدساتير ما نشأت إلا لتقييد سلطات الحكام والحد منها، ولكن مع انتشار الأفكار الديمقراطية، والرغبة في الحد من الحكم المطلق، ظهرت الحاجة إلى تدوين الدساتير، من أجل تحديد الواجبات والحقوق لكل من الحكام والمحكومين.
بإتباع طرق تختلف باختلاف الدولة ودرجة النضج السياسي لدى الرأي العام فيها، وقد يلعب الأسلوب الذي يتبع في وضع الدستور دوراً هاما في كشف المذهب السياسي الذي ينطوي عليه،فما هي هذه الأساليب المتبعة التي تنشأ بواسطتها الدساتير؟ وما أنواع الدساتير التي نشأة بفعل هذه الأساليب؟
هذه التساؤلات أطرح إجابتها في بحثي هذا ولتوضح الصورة كاملة كان لا بد من المرور على أسلوب النشأة لهذه الدساتير ومن ثم توضيح أنواعها والتي تنوعت بناء على هذه الأساليب.