سياسة عبد الحميد الإسلامية

تبوأ عبد الحميد عرش السلطنة والبلاد، كما ذكرنا، في أسوأ حال، فالدول الغربية أصبحت منذ مؤتمر باريس المنعقد في 1856 تتدخل في أمور الدولة بكل حرية. وتنظر هذه الدول إلى الدولة العثمانية نظرتها إلى مريض على فراش الموت يجب البحث في تقسيم تركته، والخزينة في حالة إفلاس وقد بلغت ديونها حتى عام 1875 ثلاث مليارات وثلاثة عشر مليون فرنك ذهبي، وهو مبلغ كبير جداً بالنسبة لذلك الزمن، حتى أن الدول قد أحجمت عن عقد قرض مع السلطنة على الرغم من الفائدة الباهظة التي كانت تتقاضاها إذ كانت تبلغ 25 %، والقوميات ترفع رأسها، والحروب تشب على الدولة وتزيد نفقاتها على عجزها وإفلاسها، ودول الغرب المسيحية تصر على السلطنة لتحقيق الاصلاحات في البلاد ومعنى الاصلاحات ترك الحبل على الغارب للأقوام المسيحية الموجودة في الدولة.

حاول السلطان عبد الحميد حينما تبوأ العرش أن يعمل على إرضاء الغرب فأعلن الدستور الذي يساوي فيه بين العناصر والأقوام وكان شعاره (حرية، أخوة، عدالة، مساواة) أي أنه زاد على الشعار الافرنسي كلمة العدالة التي هي أساس كل شيء ولكنه رأى أن غاية الغرب ليست إعلان المساواة بل غايته القضاء على السلطنة، وما مطالبتها بالمساواة وغيرها إلا حيل لإنهاكها وتفريق شملها. فلما رأى عبد الحميد هذا أدرك أن لا شيء ينقذ السلطنة إلا القوة ولكن من أين له القوة، والقوة تحتاج إلى المال والخزينة مفلسة ؟‍.