إن رقي الأمم وتقدمها يرجع في الحقيقة إلى أدبائها ومفكريها وعلمائها ولا يقدر على هذا الجهد إلا الذين أخلصوا لخدمة الإنسانية .
ولهذا تعنى الأمم الحية والراقية بهم أشد العناية، فالأدب ليس للمتعة فقط بل له غايات وأهداف نبيلة يدعو إليها وينادي بها لأنه التعبير الحي والحر لوعي الأمة .
والأديب هو واقع الحياة والمجتمع لذا عليه توضيح ما في هذه الحياة وما في ذاك المجتمع من عقائد ومذاهب ومشكلات لأنه ابن لهذه الحياة ولبنة من لبناته بل هو مسـوؤل مسـؤولية مباشرة عن هذا المجتمع ، حيث يمتلك جميع الآلات والأدوات التي يستطيع المشاركة بها فيستطيع وصف الحياة بصدق ثم يوجه المجتمع نحو الفضيلة إذ لا بد له من الالتزام بواجباته نحو مجتمعه .
فالأديب ملزم بأن يتخذ موقفا من هذه الأوضاع وفي نفس الوقت تتأكد حريته باختيار الوسائل في كل موقف من المواقف التى يناضل من أجلها والحرية المطلقة للأديب شئ وارد والالتزام في الوقت نفسه شيئ مهم له لأنه ملتزم بتحمل المسؤولية بكامل حريته .
ولهذا فلابد وأن يكون إنتاجه الفكري متأثرا بأوضاعه وتاريخه لأن شخصيته تستمد جذورها من واقع بيئته .
إن الأديب خير مصور لحياته وحياة مجتمعه السياسية والاجتماعية والخلقية ليودع للزمن صحائف حياة تتداولها الأجيال لتنطق تلك الصفحات بالكثير من الصفات التي يتحلى بها كالشجاعة وحماية الجار ، والكرم الذي لم يبق غلى شيئ رغبة بالفوز بالذكر والشهرة ولم تزل أمجاد العرب تذكر حاتم الطائي رأس الكرماء ولم يزل لوم ماوية زوجةته حين تأخذ عليه إسرافه .
ونستطيع أن نجمل مهمة الأدب والأدباء في الآتي :ـ
* تسجيل الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الحربية .
* تسجيل آراء ونزعات واتجاهات المجتمع .
* نقل تجارب الإنسانية عبر الأجيال لإفادة البشرية
* إذكاء روح التوثب والتقدم للوصول للأفضل .
* توفير الوقت والجهد للآخرين سواء أكانوا معاصرين أوتالين .
* التعبير عن مشاعر اللذة بغرض استمرارها والاستفادة منها .
* ربط مشاعر الجماعة والعمل على التفافها حول موضوعات وآداب موحدة .
* الارتفاع بالغرائز الإنسانية وترقيتها وتحويلها لتكون عوامل شموخ .
* فتح مجالات حضارية جديدة أمام البشرية وتعميق فهم المجتمع لها .
لذا فالأدب يربي العقول والمشاعر ويهذب الطباع وهو لسان الدعاة للخير ووسيلة المصلحين الذين وهبوا حياتهم لإصلاح النفوس .
فما أعظم الكلمة الأدبية الصادقة القادرة على التأثير والإقناع .



حسن عبدالحميد الدراوي