يوجد عدد من الدراسات التي تناولت بيئة الدهر الرباعي في مناطق شمال أفريقيا. وقد لخصت إلينا جارسيا تلك الدراسات مشيرة إلى أنه ومنذ بداية ستينيات القرن المنصرم تناولت تلك الدراسات مناطق كبيرة، مثل الصحراء الشمالية الغربية، وحوض تشاد، والنوبة، ونهري السنجال وجامبيا. وفي سبعينات القرن المنصرم أجريت المزيد من الدراسات الشاملة في البيئات القديمة. وفي الوقت نفسه كان هناك اعتراف بأن المعطيات الخاصة بالايكولوجيا القديمة والبيئة القديمة يمكن لها أن توفر إسهاماً هائلاً في دراسة تاريخ الإنسان وأن مجالي البحث لا بدَّ من تنفيذهما متوازيين. على سبيل المثال، يتم الرجوع للمناخات القديمة في تفسير الإقامة الإنسانية في الصحراء والهجرات الناتجة عن الضغوط المناخية تواصل المزيد من البحث الذي يربط الظروف المناخية القديمة والبيئية القديمة بالأحداث الإنسانية خلال الثمانينات من القرن الماضي. محتويات جغرافية متسعة أُخذت في الحسبان من أجل الحصول على إطار أكثر اتساعاً لتطور المناخ على مدى فترات زمنية أطول. تم تجميع أكثر المعطيات ملائمة من الصحراء الغربية في الـ 40.000 سنة الماضية وصحراء مالي في الدهر الرباعي الحالي استمرت الدراسات المناخية القديمة بصورة معمقة مع التركيز بصورة خاصة على الدهر الرباعي. رغم أنها لم تربط بمتطلبات البحث ما قبل التاريخي، فإن تلك الدراسات عُدت ذات قيمة عالية لتطور الدراسات ما قبل التاريخية. بعض المناطق التي تركز فيها البحث بصورة مكثفة كانت: الصحراء الليبية خلال البليستوسين المتأخر والهولوسين، ووادي النيل في البليستوسين

المزيد من تطور تلك الدراسات يرجع للتسعينات من القرن الماضي. تم الاعتراف بصورة قاطعة بعلم المناخ القديم بوصفه جزءاً من البحث في علم الآثار وما قبل التاريخ. أصبحت المعلومات عن المحتوى الطبيعي الذي تطورت فيه الثقافات الإنسانية تشكل دعماً علمياً ضرورياً لمعظم الرؤى الحديثة لما قبل التاريخ، والتي تسعى إلى تقييم كل المعطيات المتوفرة عن محتويات محددة ايكولوجية، وتقنية، وثقافية، واجتماعية ذات الصلة بالآفاق التاريخية والثقافية المختلفة.



في هذا الإطار، فإن أحدث الإسهامات تتمثل في عمل فيرنيت . فقد راعت دراسته هذه كل التطور المنجز في الأدب السابق، وفوق ذلك فلهذه الدراسة ميزتان. الميزة الأولى أنها تغطي كل منطقة الصحراء، موفرة تركيباً متماسكاً وشاملاً لكل البحث الجيولوجي، والبيدولوجي ( علم التربة ) ، والنباتي، والحيواني المتوفر في مواقع منفردة، وكذلك في مناطق أوسع أو أقطار. والميزة الثانية تتعلق بـ "تناوله بوصفه متخصصاً في ما قبل التاريخ" للبيئات القديمة لشمال أفريقيا.



وفرت كل تلك الدراسات والمعطيات التي تم تجميعها مؤخراً عوناً كبيراً للتفسير المستقبلي للإقامة وللبينة الآثارية في الصحراء، والمغرب، والساحل. أصبح واضحاً الآن أن نهاية عصر البليستوسين في شمال أفريقيا تميزت ببعض الظواهر المناخية الأساسية، إلا أنه لم تك هناك علاقات متداخلة بين تلك الظواهر وبين الأحداث المناخية التي شهدتها العروض الشمالية. المهم هو أن تلك الظواهر كانت ذات تأثير بالغ الأهمية بالنسبة لتطور مجتمعات الصحراء. كانت المرحلة التي تطابق الحد الأقصى للطور الجليدي الأخير، بدءاً من 20.000 سنة مضت، جافة نسبياً على امتداد شمال أفريقيا مع بلوغ الجفاف ذروته حوالي 18.000 سنة مضت. ويعتقد بأنه قد تبع هذه الظاهرة في كل مكان من الصحراء ( باستثناء بعض أجزاء حوض النيل والشريط الساحلي المتوسطي ) هجرات سكانية إلى خارج المنطقة. وقد دللت دراسة أجرتها أنجيلا كلوز في الصحراء الشرقية إلى أن هجرة راجعة من مناطق مجاورة أدت إلى عودة الإقامة مجدداً في مناطق الصحراء في الهولوسين نتيجة ارتفاع درجة الرطوبة .