منتديات احلى حكاية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات احلى حكاية دخول

موقع خاص بالتصاميم وتحويل الاستايلات واكواد حصريه لخدمه مواقع احلى منتدى


description تفسير سورة الحجرات Empty تفسير سورة الحجرات

more_horiz
القسم الأول: ظن خير بالإنسان، وهذا مطلوب أن تظن بإخوانك خيراً ماداموا أهلاً لذلك، وهو المسلم الذي ظاهره العدالة، فإن هذا يُظن به خيراً، ويُثنى عليه بما ظهر لنا من إسلامه وأعماله.

القسم الثاني: ظن السوء، وهذا يحرم بالنسبة لمسلم ظاهره العدالة، فإنه لا يحل أن يظن به ظن السوء، كما صرح بذلك العلماء، فقالوا - رحمهم الله -: يحرم ظن السوء بمسلم ظاهره العدالة. أما ظن السوء بمن قامت القرينة على أنه أهل لذلك، فهذا لا حرج على الإنسان أن يظن السوء به، ولهذا من الأمثال المضروبة السائرة: (احترسوا من الناس بسوء الظن)، ولكن هذا ليس على إطلاقه، كما هو معلوم، وإنما المراد: احترسوا من الناس الذين هم أهل لظن السوء فلا تثقوا بهم، والإنسان لابد أن يقع في قلبه شيء من الظن بأحد من الناس لقرائن تحتف بذلك، إما لظهور علامة في وجهه، بحيث يظهر من وجهه العبوس والكراهية في مقابلتك وما أشبه ذلك، أو من أحواله التي يعرفها الإنسان منه أو من أقواله التي تصدر منه فيظن به ظن السوء، فهذه إذا قامت القرينة على وجوده فلا حرج على الإنسان أن يظن به ظن السوء.

فإذا قال قائل: أيهما أكثر الظن المنهي عنه أم الظن المباح؟

قلنا: الظن المباح أكثر؛ لأنه يشمل نوعاً كاملاً من أنواع الظن، وهو ظن الخير، ويشمل كثيراً من ظن السوء الذي قامت القرينة على وجوده؛ لأنه إذا لم يكن هناك قرينة تدل على هذا الظن السيء، فإنه لا يجوز للإنسان أن يتصف بهذا الظن، ولهذا قال: {كثيراً من الظن } ولم يقل: أكثر الظن، ولا كل الظن، بل قال: {كثيراً من الظن } ثم قال: {إن بعض الظن إثم } وقد توحي هذه الجملة أن أكثر الظن ليس بإثم، وهو منطبق تماماً على ما بيناه وقسمناه، أن الظن نوعان: ظن خير، وظن سوء، ثم ظن السوء لا يجوز إلا إذا قامت القرينة على وجوده، ولهذا قال: {إن بعض الظن إثم } فما هو الظن الذي ليس بإثم؟ نقول: هو ظن الخير، وظن السوء الذي قامت عليه القرينة هذا ليس بإثم، لأن ظن الخير هو الأصل، وظن السوء الذي قامت عليه القرينة هذا أيضاً أيدته القرينة. {ولا تجسسوا } التجسس طلب المعايب من الغير، أي أن الإنسان ينظر ويتصنت ويتسمع لعله يسمع شرًّا من أخيه، أو لعله ينظر سوءاً من أخيه، والذي ينبغي للإنسان أن يعرض عن معايب الناس، وأن لا يحرص على الاطلاع عليها، ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال - عليه الصلاة والسلام -: «لا يخبرني أحد عن أحد شيئاً»، يعني شيئاً مما يوجب ظن السوء به «فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر» (35) فلا ينبغي للإنسان أن يتجسس، بل يأخذ الناس على ظاهرهم، ما لم يكن هناك قرينة تدل على خلاف ذلك الظاهر، وفي هذه الجملة من الآية قراءة أخرى (ولا تحسسوا) فقيل: معناهما واحد، وقيل: بل لكل واحدة منهما معنى، والفرق هو أن التجسس أن يحاول الإنسان الاطلاع على العيب بنفسه، والتحسس أن يلتمسه من غيره، فيقول للناس مثلاً: ما تقولون في فلان، ما تقولون في فلان؟ وعلى هذا فتكون القراءتان مبينتين لمعنيين كلاهما مما نهى الله عنه، لما في هذا من إشغال النفس بمعايب الآخرين، وكون الإنسان ليس له هم إلا أن يطلع على المعايب، ولهذا من ابتلي بالتجسس أو بالتحسس تجده في الحقيقة قلقاً دائماً في حياته، وينشغل بعيوب الناس عن عيوبه، ولا يهتم بنفسه، وهذا يوجد كثيراً من بعض الناس الذين يأتون إلى فلان وإلى فلان، ما تقول في كذا؟ ما تقول في كذا؟ فتجد أوقاتهم ضائعة بلا فائدة، بل ضائعة بمضرة؛ لأن ما وقعوا فيه فهو معصية لله - عز وجل - هل أنت وكيل عن الله - عز وجل - تبحث عن معايب عباده، والعاقل هو الذي يتحسس معايب نفسه، وينظر معايب نفسه ليصلحها، لا أن ينظر في معايب الغير ليشيعها - والعياذ بالله - ولهذا قال الله - عز وجل -: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم } فعلى كل حال هذه آداب وتوجيه من الله - عز وجل - إلى أخلاق فاضلة، مأمور بها، وأخلاق منهي عنها.

{ ولا يغتب بعضكم بعضاً } الغيبة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «ذكرك أخاك بما يكره» وهذا تفسير من الرسول - عليه الصلاة والسلام - وهو أعلم الناس بمراد الله - تبارك وتعالى - في كلامه: «ذكرك أخاك بما يكره»، سواء كان ذلك في خلقته، أو خلقه، أو في أحواله، أو في عقله، أو في ذكائه، أو في غير ذلك،مثل أن تقول: فلان قبيح المنظر، دميم، فيه كذا، فيه كذا، تريد معايب جسمه، أو في خُلقه بأن تقول: فلان أحمق، سريع الغضب، سيء التصرف، وما أشبه ذلك، أو في خلقته الباطنة كأن تقول: فلان بليد، فلان لا يفهم، فلان سيء الحفظ، وما أشبه هذا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حدها بحد واضح بيّن «ذكرك أخاك بما يكره»، قالوا: يا رسول الله، أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته» (36) أي جمعت بين البهتان والغيبة، وعلى هذا فيجب الكف عن ذكر الناس بما يكرهون، سواء كان ذلك فيهم، أو ليس فيهم، واعلم أنك إذا نشرت عيوب أخيك فإن الله سيسلط عليك من ينشر عيوبك، جزاءً وفاقاً، لا تظن أن الله غافل عما يعمل الظالمون، بل سيسلط عليه من يعامله بمثل ما يعامل الناس، لكن إذا كانت الغيبة للمصلحة فإنه لا بأس بها، ولا حرج فيها، ولهذا لما جاءت فاطمة بنت قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستشيره في رجال خطبوها، بيَّن معايب من يرى أن فيه عيباً، فقد خطبها ثلاثة: معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - وأبو جهم بن حارث، وأسامة بن زيد رضي الله عنهم، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : «أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، انكحي أسامة بن زيد» (37) ، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم عيباً في هذين الرجلين، للنصيحة وبيان الحق، ولا يعد هذا غيبة بلا شك، ولهذا لو جاء إنسان يستشيرك في معاملة رجل، قال: فلان يريد أن يعاملني ببيع، أو شراء، أو إجارة، أو في تزويج أو ما أشبه ذلك، وأنت تعرف أن فيه عيباً فإن الواجب أن تبين له ذلك، ولا يعد هذا كما يقول العامة من قطع الرزق، بل هو من بيان الحق، فإذا عرفت أن في هذا الرجل الذي يريد أن يعامله هذا الشخص ببيع أنه مماطل كذاب محتال، فقل له: يا أخي لا تبع لهذا إنه كذاب مماطل، إنه محتال، ربما يدعي أن في السلعة عيباً وليس فيها عيب، وربما يدعي الغبن وليس مغبوناً، وما أشبه ذلك فتقع معه في صراع ومخاصمة، أو جاء إنسان يستشيرك في شخص خطب منه ابنته، والشخص ظاهره العدالة والاستقامة، وظاهره حسن خلق، ولكنك تعرف فيه خصلة معيبة فيجب عليك أن تبين هذا، فمثلاً: تعرف أن في هذا الرجل كذباً، أو تعرف أنه يشرب الدخان لكنه يجحده ولا يبينه للناس، يجب أن تبين تقول: هذا الرجل ظاهره أنه مستقيم، وأنه خلوق، وأنه طيب، ولكن فيه العيب الفلاني، حتى لو كان هذا متجهاً إلى أن يزوجه، ثم هو بعد ذلك بالخيار؛ لأنه سيدخل على بصيرة، وعلى كل حال يستثنى من الغيبة وهي ذكر الرجل بما يكره، إذا كان على سبيل النصيحة، ومنه ما يذكر في كتب الرجال مثلاً، فلان بن فلان سيء الحفظ، فلان بن فلان كذوب، فلان بن فلان فيه كذا وكذا، يذكرون ما يكره من أوصافه، نصيحة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فإذا كان الغرض من ذكرك أخاك ما يكره النصيحة فلا بأس.

كذلك لو كان الغرض من ذلك الظلم والتشكي، فإن ذلك لا بأس به، مثل أن يظلمك رجل وتأتي إلى رجل يستطيع أن يزيل هذه المظلمة، فتقول: فلان أخذ مالي، فلان جحد حقي، وما أشبه ذلك، فلا بأس، فإن هند بنت عتبة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها أبا سفيان، تقول: إنه رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، فقال لها الرسول - عليه الصلاة والسلام -: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» (38) فذكرت وصفاً يكرهه أبو سفيان بلا شك ولكنه من باب التظلم والتشكي، وقد قال الله تعالى في كتابه {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم } يعني فله أن يجهر بالسوء من القول لإزالة مظلمته .

ولكن هل يجوز مثل هذا إذا كان قصد الإنسان أن يخفف عليه وطأة الحزن والألم الذي في قلبه بحيث يحكي الحال التي حصلت على صديق له، وصديقه لا يمكن أن يزيل هذه المظلمة لكنه يفرج عنه أو لا؟

الظاهر أنه يجوز؛ لعموم قوله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم } وهذا يقع كثيراً، كثيراً ما يؤذى الإنسان، ويجنى عليه بجحد مال أو أخذ مال، أو ما أشبه ذلك فيأتي الرجل إلى صديقه ويقول: فلان قال في كذا، يريد أن يخفف ما في قلبه من الألم والحسرة، أو يتكلم في ذلك مع أولاده، أو مع أهله، أو مع زوجته أو ما أشبه ذلك، هذا لا بأس به؛ لأن الظالم ليس له حرمة بالنسبة للمظلوم.

{ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله } التقوى يكثر الأمر بها في القرآن الكريم، وكذلك في السنة، فما هي التقوى التي يكثر ورودها في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ إنها كلمة عظيمة، إنها تعني الوقاية من عذاب الله، وتكون الوقاية من عذاب الله بأمرين:

الأمر الأول: امتثال أوامر الله - عز وجل - بأن يقول القائل إذا سمع أمر الله {سمعنا وأطعنا } فإن هذا هو قول المؤمنين، قال الله تعالى: { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا } ولا تقل: ما الفرق بين كذا وكذا؟ يعني: لماذا يأمر الله بكذا ولا يأمر بكذا، فمثلاً في لحوم الإبل أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نتوضأ من لحومها (39) ، ولهذا كان أكل لحوم الإبل ناقض للوضوء على القول الراجح من أقوال العلماء، فلا تقل: لماذا يأمرنا بالوضوء من أكل لحم الإبل، ولا يأمرنا بالوضوء من أكل لحم البقر؟ مع أن كل منهما يسمى بدنة، ولا تقل: لماذا تؤمر الحائض بقضاء شهر الصوم ولا تؤمر بقضاء الصلاة، على سبيل التشكيك، ولكن قل: سمعنا وأطعنا.

الأمر الثاني: اجتناب ما نهى الله عنه، فإذا نهى الله عن شيء فقل: سمعنا وأطعنا، واجتنبنا. وتأمل قول الله - عز وجل - في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام حيث قال: { إنما الخمر والميسر والأَنصاب والأَزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون }. أي فبعد هذا التبصير والتبيين هل تنتهون أو لا؟ وهذا الاستفهام بمعنى الأمر، أي فانتهوا، ولهذا قال الصحابة رضي الله عنهم: (انتهينا انتهينا) (40) ، فصارت التقوى تتحقق بأمرين:

الأول: امتثال أمر الله - عز وجل - دون تردد.

والثاني: اجتناب نهي الله - عز وجل - دون تردد.

يقول الله - عز وجل -: {إن الله تواب رحيم } هو الله سبحانه وتعالى رحيم وهو رحمن، وقد اجتمع الاسمان في أعظم سورة في كتاب الله، في الفاتحة، قال العلماء: إذا ذكر الرحمن وحده كما في قوله تعالى:{وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمـن قالوا وما الرحمـن } أو ذكر الرحيم وحده كما في هذه الآية {تواب رحيم } فمعناهما واحد، يعني أن الرحيم والرحمن ذو الرحمة الواسعة الشاملة، والرحمن إذا ذكر وحده كذلك هو ذو الرحمة الواسعة الشاملة، أما إذا اجتمعا جميعاً فالرحمن باعتبار الوصف، والرحيم باعتبار الفعل، يعني أنه - عز وجل - ذو رحمة واسعة، وهو أيضاً راحم وموصل الرحمة إلى من يشاء من عباده، كما قال الله تعالى: {يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون } أسأل الله أن يعمني وجميع إخواننا المسلمين برحمته، وأن يجعلنا من دعاة الخير والإصلاح، إنه على كل شيء قدير.

{ يا أيها الناس إنا خلقنـاكم من ذكر وأنثى وجعلنـاكم شعوباً وقبآئل لتعـارفوا } الخطاب هنا مصدر بنداء الناس عموماً، مع أن أول السورة وجه الخطاب فيه للذين آمنوا، وسبب ذلك أن هذا الخطاب في هذه الآية موجه لكل إنسان؛ لأنه يقع التفاخر بالأنساب من كل إنسان، فيقول - عز وجل -: {يا أيها الناس }، والخطاب للمؤمن والكافر، والبر والفاجر، {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } من ذكر هو آدم، وأنثى هي حواء، هذا هو المشهور عند علماء التفسير، وذهب بعضهم إلى أن المقصود بالذكر والأنثى هنا الجنس، يعني أن بني آدم خُلقوا من هذا الجنس من ذكر وأنثى، وفي الآية دليل على أن الإنسان يتكون من أمه وأبيه أي يخلق من الأم والأب، ولا يعارض هذا قول الله تعالى: {فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترآئب } فإذا قلنا: إن المراد بالصلب صلب الرجل، والترائب ترائب المرأة فلا إشكال، وإن قلنا بالقول الراجح: إن الصلب والترائب وصفان للرجل، يعني الماء الدافق هو ماء الرجل، أما المرأة فلا يكون ماؤها دافقاً (41) ، وعلى هذا فيكون الإنسان مخلوقاً من ماء الرجل، لكن ماء الرجل وحده لا يكفي، بل لابد أن يتصل بالبويضة التي يفرزها رحم المرأة فيزدوج هذا بهذا، فيكون الإنسان مخلوقاً من الأمرين جميعاً، أي من أبيه وأمه، {وجعلنـكم شعوباً } أي صيرناكم شعوباً {وقبآئل } فالله تعالى جعل بني آدم شعوباً وهم أصول القبائل، وقبائل وهم ما دون الشعوب، فمثلاً بنو تميم يعتبرون شعباً، وأفخاذ بني تميم المتفرعون من الأصل يسمون قبائل، {وجعلنـكم شعوباً وقبآئل } هل الحكمة من هذا الجعل أن يتفاخر الناس بعضهم على بعض، فيقول هذا الرجل: أنا من قريش، وهذا يقول أنا من كذا، أنا من كذا؟ ليس هذا المراد، المراد التعارف، أن يعرف الناس بعضهم بعضاً، إذ لولا هذا الذي صيره الله - عز وجل - ما عرف الإنسان من أي قبيلة، ولهذا كان من كبائر الذنوب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه (42) ، لأنه إذا انتسب إلى غير أبيه غير هذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي أنهم شعوب وقبائل من أجل التعارف، فيقال: هذا فلان ابن فلان ابن فلان إلى آخر الجد الذي كان أباً للقبيلة، {لتعارفوا } أي: لا لتفاخروا بالأحساب والأنساب، {إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ليس الكرم أن يكون الإنسان من القبيلة الفلانية، أو من الشعب الفلاني، الكرم الحقيقي النافع هو الكرم عند الله، ويكون بالتقوى، فكلما كان الإنسان أتقى لله كان عند الله أكرم، فإذا أحببت أن تكون عند الله كريماً، فعليك بتقوى الله - عز وجل - والتقوى كلها الخير، وكلها البركة، وكلها سعادة في الدنيا والآخرة، {ألآ إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون}. وما أكثر ما ترد على أسماعنا كلمة التقوى، وليس لفظاً يجري على الألسن ويمر بالآذان بل يجب أن يكون لفظاً عظيماً موقراً معظماً محترماً، ويفوت الإنسان من التقوى بقدر ما خالف فيه أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فإذا رأينا مثلاً إنساناً يتقدم إلى المسجد ويصلي مع الجماعة ويخشع في صلاته، ويؤديها بكل طمأنينة، وآخر بالعكس يصلي في بيته ويقتصر فيها على الواجب، فالأول أتقى، إذن فهو أكرم عند الله حتى لو كان مولى من الموالي، والآخر من أرفع الناس نسباً، فإن الأتقى لله هو الأكرم عند الله - عز وجل - وكل إنسان يحب أن يحظى عند السلطان في الدنيا، ويكون أقرب الناس إليه، فكيف لا نحب أن نكون أقرب الناس إلى الله، وأكرمهم عنده؟! المسألة هوى وشيطان، وإلا لكان الأمر واضحاً، فعليك بتقوى الله - عز وجل - لتنال الكرم عند الله، {إن الله عليم خبير } بكل شيء، لأنه هنا مطلق، ولم يقيد بحال من الأحوال، {خبير} الخبرة هي العلم ببواطن الأمور، والعلم بالظواهر لا شك أنه صفة مدح وكمال، لكن العلم بالبواطن أبلغ، فيكون عليم بالظواهر، وخبير بالبواطن، فإذا اجتمع العلم والخبرة صار هذا أبلغ في الإحاطة، وقد يقال إن الخبرة لها معنى زائد عن العلم، لأن الخبير عند الناس هو العليم بالشيء الحاذق فيه، بخلاف الإنسان الذي عنده علم فقط، ولكن ليس عنده حذق، فإنه لا يسمى خبيراً، فعلى هذا يكون الخبير متضمناً لمعنى زائد على العلم، ثم قال الله تعالى: {قالت الأَعراب آمنا } الأعراب اسم جمع لأعرابي، والأعرابي هو ساكن البادية كالبدوي تماماً، فالأعراب افتخروا، فقالوا: آمنا آمنا، افتخروا بإيمانهم، فقال الله - عز وجل -: {قل لم تؤمنوا ولـكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } قيل: إن هؤلاء من المنافقين، لقول الله تعالى: {وممن حولكم من الأَعراب منـافقون } والمنافق مسلم، ولكنه ليس بمؤمن، لأنه مستثنى في الظاهر، إذ إن حال المنافق أنه كالمسلمين، ولهذا لم يقتلهم النبي عليه الصلاة والسلام، مع علمه بنفاقهم مع أنهم مسلمون ظاهراً لا يخالفون، وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا.

وقيل: إنهم أعراب غير منافقين، لكنهم ضعفاء الإيمان، يمشون مع الناس في ظاهر الشرع، لكن قلوبهم ضعيفة، وإيمانهم ضعيف.

وعلى القول الأول: يكون قوله: {ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } أنه لم يدخل أصلاً، وعلى الثاني: أي لما يدخل الإيمان الدخول الكامل المطلق، ففيهم إيمان لكن لم يصل الإيمان في قلوبهم على وجه الكمال، والقاعدة عندنا في التفسير أن الآية إذا احتملت معنيين، فإنها تحمل عليهما جميعاً إذا لم يتنافيا، فإن تنافيا طلب المرجح.

فالأعراب الغالب عليهم أنهم لا يعرفون حدود ما أنزل الله على رسوله، فيقولون آمنا، فقال الله تعالى يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم : {قل لم تؤمنوا ولـكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } ووجه ذلك أن الإسلام في القلب، وهو صعب، والإسلام علامة في الجوارح، وكل إنسان يمكن أن يعمل بجوارحه عملاً متقناً كأحسن ما يكون، فقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج أنهم يقرءون القرآن، وأنهم يصلون، وأن الواحد من الصحابة يحقر صلاته عند صلاتهم، وقراءته عند قراءتهم، ومع ذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إنهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم» (43) نسأل الله العافية، وأنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وهذا يدل على أن الإسلام يستطيعه كل إنسان يمكن أن يصلي ويسجد ويقرأ ويصوم ويتصدق وقلبه خالٍ من الإيمان، ولهذا قال: {قل لم تؤمنوا ولـكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } وهنا التعبير يقول: {لما يدخل } ولم يقل: (ولم يدخل)، قال العلماء: إذا أتت (لما) بدل (لم) كان ذلك دليلاً على قرب وقوع ما دخلت عليه، فمثلاً إذا قلت: (فلان لمّا يدخلها) أي أنه قريب منها، ومنه قوله تعالى: {بل هم في شك من ذكرى بل لما يذوقوا عذاب } أي لم يذوقوه، ولكن قريب منه، وهنا قال: (لما يدخل) أي لم يدخل الإيمان في قلوبهم، ولكنه قريب من الدخول، {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمـلكم شيئاً } إن أطعتم الله ورسوله بالقيام بأمره واجتناب نهيه فإنه لن ينقصكم من أعمالكم شيئاً بل سيوفرها لكم كاملة، كما قال الله تبارك وتعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجززز إلا مثلها وهم لا يظلمون }. فكل إنسان يجزى على عمله إن خيراً فخير، وإن شرًّا فشر، لكن رحمة الله تعالى سبقت غضبه (44) {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعـمل مثقال ذرة شراً يره} وقد يعاقب، وقد يعفو الله عنه، فالسيئات يمكن أن تمحى، والحسنات لا يمكن أن تنقص، ولهذا قال: {لا يلتكم من أعمـلكم شيئاً } أي لا ينقصكم. {إن الله غفور رحيم0} ختم الآية بالمغفرة والرحمة، إشارة إلى أن هؤلاء الذين قالوا إنهم آمنوا، قريبون من المغفرة والرحمة، لم يدخل الإيمان في قلوبهم، ولكنه قريب من دخوله.

في هذه الآية الكريمة فرق بين الإسلام والإيمان، وكذلك في حديث جبريل عليه السلام فرق بين الإسلام والإيمان، ففي حديث جبريل عليه السلام لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام قال: «أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت ». وفي الإيمان قال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره» (45) . ففرق بين الإسلام والإيمان، وفي أدلة أخرى يجعل الله الإيمان هو الإسلام، والإسلام هو الإيمان، فهل في هذا تناقض؟

والجواب: لا، فإذا قرن الإسلام بالإيمان صارا شيئين، وإذا ذكر الإسلام وحده، أو الإيمان وحده صارا بمعنى واحد، ولهذا نظائر في اللغة العربية كثيرة، ولهذا قال أهل السنة والجماعة: إن الإسلام والإيمان إذا اجتمعا، يعني إذا ذُكرا في سياق واحد فهما شيئان، وإذا ذُكر أحدهما دون الآخر فهما شيء واحد، ويدل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم عدد أعمالاً هي من الإسلام، وجعلها من الإيمان فقال: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله» مع أنها من الإسلام، قال: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله». «وأدناها إماطة الأذى عن الطريق». وإماطة الأذى عن الطريق من الإسلام؛ لأنها عمل، والأعمال جوارح «والحياء شعبة من الإيمان» (46) وهذا في القلب، فالمهم الإيمان والإسلام إذا افترقا فهما شيء واحد، وإن اجتمعا فهما شيئان.

{ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا } إنما أداة حصر تفيد إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه، أي ما المؤمنون إلا هؤلاء، والمراد: المؤمنون حقًّا الذين تم إيمانهم إلا هؤلاء الذين آمنوا بالله ورسوله، آمنوا أقروا إقراراً مستلزماً للقبول والإذعان، وليس مجرد الإقرار كافياً، بل لابد من قبول وإذعان، والدليل على أن مجرد الإقرار ليس بكاف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن عمه أبي طالب أنه في النار، وذلك مع أنه مؤمن بالرسول عليه الصلاة والسلام، مصدق به، يقول في لاميته المشهورة:

لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الأباطل

ويقول عن دين الرسول:

ولقد علمت أن دين محمد خير أديان البرية دينا

لكنه والعياذ بالله لم يقبل هذا الدين، ولم يذعن له، وكان آخر ما قال: إنه على الشرك على ملة عبدالمطلب (47) ، فالذين آمنوا بالله ورسوله، هم الذين أقروا إقراراً تامًّا بما يستحق الله عز وجل، وبما يستحق الرسول عليه الصلاة والسلام، وقبلوا بذلك وأذعنوا، {ثم لم يرتابوا } كلمة، {ثم} هنا في موقع من أحسن المواقع؛ لأن (ثم) تدل على الترتيب والمهلة، ثم استقروا وثبتوا على الإيمان مع طول المدة، {لم يرتابوا }: أي لم يلحقهم شك في الإيمان بالله ورسوله.

وهنا ننبه إلى مسألة يكثر السؤال عنها في هذا الوقت - وإن كان أصلها موجوداً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام -: وهي الوساوس التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان، فيلقي الشيطان في قلب الإنسان أحياناً وساوس وشكوكاً في الإيمان أو في القرآن، أو في الرسول، يحب الإنسان أن يمزق لحمه، ويكسر عظمه ولا يتكلم بذلك، فما موقف الإنسان من هذا؟ موقف الإنسان من هذا أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وينتهي، ويعرض عن هذا، ولا يفكر فيه إطلاقاً، وقد أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - أن مثل هذه الوساوس صريح الإيمان، أي خالص الإيمان، وهذا إنما كان خالص الإيمان، لأن الشيطان لا يأتي للإنسان الشاك يشككه في دينه، وإنما يأتي لإنسان ثابت مستقر، ليشككه في دينه، فيفسده عليه (48) ، فالمؤمن الذي استقر الإيمان في قلبه واطمأن قلبه بالإيمان هو الذي يأتيه الشيطان ليفسد عليه، أما من ليس بمؤمن فإن الشيطان لا يأتيه بمثل هذه الوساوس، لأنه منته منه، والمهم أن قوله: {ثم لم يرتابوا } يدل على أنهم ثبتوا على الإيمان، ولو طالت المدة.

فإذا قال قائل: ما الطريقة التي توجب للإنسان ثبوت الإيمان واستقراره؟

قلنا: أولاً: أن يتفكر في مخلوقات الله سبحانه وتعالى، وأن هذه المخلوقات العظيمة لم تكن وليدة الصدفة، ولم تكن وليدة بنفسها.

ثانياً: أن يتفكر في شريعة الله وكمالها.

ثالثاً: أن يتفكر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وآياته وما إلى ذلك.

رابعاً: أن يكثر من ذكر الله - عز وجل - فإنه بذكر الله تطمئن القلوب، ويكثر من الطاعات والأعمال الصالحة، لأن الطاعات والأعمال الصالحة تزيد في الإيمان، كماهو مذهب أهل السنة والجماعة - رحمهم الله - .

{ وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله } هذا أيضاً معطوف على قوله: {آمنوا } أي هم مع إيمانهم بالله - عز وجل - ويقينهم وعدم ارتيابهم يريدون أن يصلحوا عباد الله بالجهاد في سبيل الله، يجاهدون أعداء الله ليرجعوا إلى دين الله ويستقيموا عليه، لا للانتقام منهم، ولا للانتصار لأنفسهم، ولكن ليدخلوا في دين الله - عز وجل - والجهاد في سبيل الله هو القتال لتكون كلمة الله هي العليا، لا للانتقام، فالقتال للانتقام ليس إلا مدافعة عن النفس، أو أخذاً بالثأر فقط، لكن الجهاد حقيقة هو أن يقاتل الإنسان لتكون كلمة الله هي العليا، أما الجهاد انتصاراً للنفس، أو دفاعاً عن النفس فقط، فليس في سبيل الله، لكن لاشك أن من قاتل دفاعاً عن نفسه فإنه إن قتل فهو شهيد (49) ، وإن قتله صاحبه فصاحبه في النار كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيمن أراد أن يأخذ مالك قال: «لا تعطه»، قال: يا رسول الله، أرأيت إن قاتلني، قال: «قاتله»، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: «أنت شهيد»، قال: إن قتلته؟ قال: «فهو في النار» (50) ، فالجهاد في سبيل الله هو القتال لتكون كلمة الله هي العليا، هذا هو الذي حده النبي عليه الصلاة والسلام وفصَّله فصلاً قاطعاً، { أولئك هم الصادقون } في إيمانهم وعدم ارتيابهم، أما الذين قالوا من الأعراب آمنا ولكنهم لم يؤمنوا حقيقة ولكن أسلموا فإنهم ليسوا صادقين، ولهذا قال الله تعالى: {قل لم تؤمنوا ولـكن قولوا أسلمنا } .

{ قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السموات وما في الأَرض } هذا إنكار لقول الذين قالوا آمنا، يعني أتعلمون الله تعالى بأنكم آمنتم وهو عليم بكل شيء، وتعلمون الله بمعنى: تخبرون الله، وليس المراد أن ترفعوا جهله عن حالكم، فهو يعلم حالهم - عز وجل - ويعلم أنهم مؤمنون أو غير مؤمنين، لكن تعلمون هنا بمعنى تخبرون، وليس معناه أن ترفعوا الجهل عن الله - عز وجل - لأن الله ليس جاهلاً بحالهم، بل هو عالم، {أتعلمون الله بدينكم } حينما قلتم آمنا، {والله يعلم ما في السموات وما في الأَرض } ومنها أي ما في السموات وما في الأرض حالكم إن كنتم مؤمنين أو غير مؤمنين، وفي هذه الآية إشارة إلى أن النطق بالنية في العبادات منكر؛ لأن الإنسان الذي يقول: أريد أن أصلي، يعلّم الله - سبحانه وتعالى - بما يريد من العمل، والله يعلم، والذي يقول: أريد أن أصوم كذلك، والذي يقول: نويت أن أتصدق كذلك، والذي يقول: نويت أن أحج كذلك أيضاً، ولهذا لا يسن النطق بالنية في العبادات كلها لا في الحج ولا في الصدقة، ولا في الصوم، ولا في الوضوء، ولا الصلاة، ولا في غير ذلك، لأن النية محلها القلب، والله عالم بذلك، ولا حاجة إلى أن تخبر الله بها، {والله بكل شيء عليم }، فما في السموات عام، وما في الأرض عام، فكل شيء يعلمه الله، وقد تقدم لنا الكلام مراراً على هذه الصفة من صفات الله، والتي هي من أوسع صفاته - جل وعلا - {والله بكل شيء عليم } خفي أو بين، عام أو خاص، فهو عالم به - جل وعلا -.

{ يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} في هذه الآية تكررت {أن } ثلاث مرات: أي يمنون عليك يا محمد بإسلامهم، وحذف الجملة مع (أن)، مطرد كما قال ابن مالك - رحمه الله - في الألفية.

{يمنون عليك أن أسلموا } أي: بأن أسلموا أي بإسلامهم، ويعني بذلك قوماً أسلموا بدون قتال فجعلوا يمنون على الرسول - عليه الصلاة والسلام - يذكرون له الفضائل ويقولون: نحن آمنا بك من دون قتال، مع أن المصلحة لهم، ولهذا قال الله تعالى: {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان }، وقوله: {بل الله يمن عليكم } هذا إضراب لإبطال ما سبق، أي ليس لكم منة على الرسول - عليه الصلاة والسلام - بإسلامكم، بل المنة لله - عز وجل - عليكم أن هداكم للإيمان، ولا شك أن هذا أعظم منة أن يمن الله على العبد بالهداية إلى الإيمان، مع أن الله أضل كثيراً من الأمة عنه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين كلهم في النار وواحداً من الجنة (51) ، فمن وفق بأن واحداً في الجنة فإن هذه منة عظيمة، ولهذا كان الأنصار رضي الله عنهم حين جمعهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم قسم غنائم حنين كلما ذكر إليهم شيئاً قالوا: الله ورسوله أمن، قال: «ألم أجدكم في ضلال فهداكم الله بي»، قالوا: الله ورسوله أمن، قال: «ألم أجدكم متفرقين فجمعكم الله بي؟» قالوا: الله ورسوله أمن (52) ، كلما ذكر شيئاً قالوا: الله ورسوله أمن، فالمنة لله على كل من هداه الله بنعمه، فالمنة لله - عز وجل - عليه وقوله: {إن كنتم صادقين } أي إن كنتم من ذوي الصدق القائلين بالصدق، فإن المنة لله عليكم {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان } .

{ إن الله يعلم غيب السموات والأَرض والله بصير بما تعملون }.

أخبر الله في هذه الآية أنه يعلم كل ما غاب في السموات والأرض، وما ظهر فهو من باب أولى، وأخبر - عز وجل - أن من جملة ما يعلمه عمل بني آدم، ولهذا قال: {والله بصير بما تعملون }، وهذه الآية تفيد مسألة عظيمة في سلوك الإنسان وعمله، وهي أن يعلم بأن الله تعالى بصير بعمله محيط به، فيخشى الله ويتقيه، وفيها الترغيب في الأعمال الصالحة فإنها لن تضيع، وفيها الترهيب من العمل السيىء؛ لأن العبد سيجازى عليه؛ لأن الكل معلوم عند الله عز وجل، نسأل الله تعالى أن يمن علينا بالهداية والتوفيق.

description تفسير سورة الحجرات Emptyرد: تفسير سورة الحجرات

more_horiz
طرح رائع ومميز جدا
واشكرك على ابداعك
في الموضوع
مع خالص الشكر والتقدير ..

description تفسير سورة الحجرات Emptyرد: تفسير سورة الحجرات

more_horiz
مشكور

description تفسير سورة الحجرات Emptyرد: تفسير سورة الحجرات

more_horiz


==========
بارك الله في مجهودكم الرائع جزيلا على الموضوع الرائع و المميز
واصل تالقك معنا فى المنتدى
بارك الله فيك أخى ...
ننتظر منك الكثير من خلال إبداعاتك المميزة
لك منـــــــ إجمل تحية ــــــــــى
=========== ==

description تفسير سورة الحجرات Emptyرد: تفسير سورة الحجرات

more_horiz
يعطيك الف عافية
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد